نشرت شبكة "سي إن إن" تقريرا سلطت خلاله الضوء على تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، على الأوضاع الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط.
وقال التقرير إنه "على الرغم من أن الحرب في أوكرانيا عمرها شهر واحد فقط، لكن موجات الصدمة فيها محسوسة بالفعل في أماكن بعيدة مثل الشرق الأوسط، مما يضع الحكومات على حافة الهاوية مع تصاعد التوترات في الداخل".
أشد من كورونا
وقال رئيس الوزراء في حكومة الانقلاب، مصطفى مدبولي خلال اجتماع يوم الاثنين الماضي «هذه الأزمة قد تكون أشد بكثير من أزمة فيروس كورونا» في إشارة إلى التأثير الاقتصادي للحرب الروسية في أوكرانيا.
وأضاف التقرير أن جيران أوكرانيا استقبلوا أكثر من ثلاثة ملايين ونصف مليون لاجئ عبروا أراضيهم منذ الغزو الروسي في أواخر فبراير، لكن تأثير الحرب امتد إلى أبعد من ذلك بكثير، حيث ارتفعت أسعار النفط العالمية إلى أعلى مستوياتها في ما يقرب من عقد من الزمان ، وارتفعت أسعار الحبوب وسط نقص من منطقة يشار إليها غالبا باسم سلة الخبز في أوروبا.
وأوضح التقرير أن دول الشرق الأوسط التي تعتمد على كل من روسيا وأوكرانيا، وهما من أكبر مصدري الحبوب في العالم، في الجزء الأكبر من وارداتها من الحبوب، تضررت بشكل خاص.
وبالنسبة لمصر ودول الشرق الأوسط الأخرى التي تتصارع مع الآثار المتتالية للحرب، فهذا مدعاة للقلق.
ولفت تقرير "سي إن إن" إلى أنه قبل 10 سنوات فقط، أطاحت الثورات في جميع أنحاء المنطقة بالديكتاتوريين القدامى جزئيا بسبب ارتفاع أسعار السلع «عيش، حرية، عدالة اجتماعية» كانت من بين الهتافات الأكثر شعبية في شوارع مصر خلال احتجاجات الربيع العربي.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية في مصر بنسبة 4.6٪ على أساس شهري في فبراير، وارتفع التضخم الأساسي إلى 7.2٪ على أساس سنوي من 6.3٪ في يناير بحلول نهاية فبراير، بينما كان الجيش الروسي يحشد على حدود أوكرانيا، قفزت أسعار القمح العالمية إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2012.
وفي الأسابيع الثلاثة التي تلت الغزو الروسي لأوكرانيا، قفز سعر الخبز غير المدعوم في مصر بنسبة تصل إلى 25٪ في بعض المخابز، فقد حددت القاهرة يوم الاثنين سعر الخبز غير المدعوم للحد من التأثير التضخمي.
وأشار التقرير إلى أن أوكرانيا حظرت تصدير بعض الحبوب للاحتفاظ بالإمدادات للسوق المحلية، كما تواجه موانئ البحر الأسود في البلاد حصارا من قبل القوات الروسية، مما يمنع صادرات الحبوب.
ومصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم وحوالي 80٪ من وارداتها من القمح جاءت من روسيا وأوكرانيا في عام 2021، وفقا لرويترز.
وقالت لاما فقيه، مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، لشبكة CNN إن "انعدام الأمن الغذائي يمكن أن يؤدي بالتأكيد إلى اضطرابات سياسية أكبر». «هذه عدد من البلدان التي عانت بالفعل من الصراع و من الاضطرابات السياسية».
سخط شعبي
وأصدرت هيئة مراقبة الحقوق تقريرا يدعو الحكومات الإقليمية إلى ضمان ألا يؤدي الصراع في أوكرانيا إلى تفاقم أزمة الغذاء وحذرتها من إلغاء أو خفض الدعم الغذائي، كما خطط البعض.
وقد تجلى السخط بالفعل في شكل احتجاج في العراق، حيث عزت الحكومة مسيرة صغيرة نسبيا في 9 مارس في مدينة الناصرية بوسط البلاد ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية إلى حرب أوكرانيا، أعلنت الحكومة في وقت لاحق عن حزمة دعم للمواطنين تضمنت منحا لمرة واحدة للمحتاجين ومراجعة ميزانية البطاقة التموينية قبل شهر رمضان.
وقال محمد علي 42 عاما وهو عامل يومي عراقي يعيش في بغداد «نقترب من شهر رمضان ونشعر بالقلق من ارتفاع الأسعار». «هناك زيادة في معظم أسعار المواد الغذائية، وخاصة زيت الطهي».
قال تيموثي كالداس، الزميل في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط بالقاهرة، إن "معظم المنطقة كانت تعاني بالفعل من الفقر وانعدام الأمن الغذائي، لكن الحرب في أوروبا تؤدي فقط إلى تفاقم الوضع".
وقال كالداس لشبكة CNN «جاءت انتفاضة 2011 المصرية بعد عقد من ارتفاع مستويات الفقر» وفي عام 2019 عندما احتج المصريون في مدن متعددة في جميع أنحاء البلاد، وُجد النظام أن الأشخاص الذين اعتقلوهم مدفوعة في المقام الأول بالمظالم الاقتصادية .
ويوم الاثنين، انخفض الجنيه المصري بنسبة 14٪ مقابل الدولار بعد أن دفع الغزو الروسي لأوكرانيا المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية، كما رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بين عشية وضحاها بنقطة مئوية واحدة وأعلنت الحكومة عن حزمة إغاثة اقتصادية بقيمة 130 مليار جنيه مصري (7.05 مليار دولار).
وقالت فقيه «الدول التي تعاني بالفعل من انعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع هي الأكثر تضررا، وتشمل اليمن ولبنان وسوريا».
إن احتياجات اليمن، التي تواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، تصل إلى ما وصفه وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارتن غريفيث بـالمرتفعات المقلقة، وقالت هيومن رايتس ووتش إن "اليمن يستورد 27٪ على الأقل من قمحه من أوكرانيا و 8٪ من روسيا".
وقال لبنان الشهر الماضي إن "لديه احتياطيات من القمح تكفي لشهر واحد فقط، تستورد ما يقرب من 60٪ من قمحها من أوكرانيا".
وقالت هند زكي، وهي مصرية تبلغ من العمر 38 عاما وأم لخمسة أطفال تدير شركة طعام من المنزل، إنها "فقدت عملائها منذ أن رفعت أسعار وجباتها قبل أسبوعين".
وقالت لشبكة CNN "أنا عمليا أدفع الضعف الآن مقابل كل شيء ، لقد تضررنا بشدة ، الناس هنا فقيرة جدا ".
https://edition.cnn.com/2022/03/23/business/mideast-summary-03-23-2022-intl/index.html