مع السياسات الاقتصادية الفاشلة، التي أدمنها السيسي في الفترة الأخيرة، والتي ألجأت مصر لتعويم ثاني للجنيه منذ العام 2016 وتعويم ثالث بالطريق مع دخول مفاوضات مصر في مباحثات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد يصل لـ10 مليار دولار.
وهو ما يؤثر بالسلب على عموم المصريين في ظل القطاعات التي يضربها الغلاء وارتفاع ثمنها وسط عجز حكومي عن زيادة الإنتاج ، أو تعزيز العمل وفتح المصانع لتوفير حاجة المواطنين من الغذاء والدواء وأمورهم المعيشية.
ومع ضعف التصنيع المصري وانفضاض أغلب المستتثمرين الأجانب عن الاستثمار في مصر، في ظل حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تضرب البلاد، منذ الانقلاب العسكري، في 2013، تتفاقم أزمات إستراتيجية مهددة لحياة المواطن، خاصة في مجال الدواء والصحة.
وفي هذا السياق، توقع محللون ضمن دراسة عن وحدة الأبحاث ببنك الاستثمار «بلتون»،
ستتأثر القطاعات بشكل متفاوت جراء خفض قيمة العملة المحلية ورفع سعر الفائدة، وجاء قطاع تصنيع الأدوية في مقدمة القطاعات المتأثرة سلبا نظرا لأن نحو 90% من المواد الفعالة المُستخدمة في إنتاج الأدوية مستوردة، وبالتالي تشهد تأثرا مزدوجا، من ناحية ارتفاع أسعارها عالميا، ومن ناحية أخرى انخفاض قيمة العملة المحلية، لذا يُتوقع أن ترتفع أسعار الأدوية خلال الأشهر القادمة بعدما تقوم وزارة الصحة بمراجعة الأسعار.
لكن، من بين الشركات المصنعة للدواء محليا، تظل الشركة المصرية الدولية للصناعات الدوائية «إيبيكو»، الأكثر تحوطا من الأزمة، نظرا لموقعها كأكبر مُصدر للأدوية بحصة 25% من صادرات الأدوية المصرية.
واستمرارا في الصحة، توقع تقرير «بلتون» ألا تتضرر هوامش أرباح شركات تقديم خدمات الرعاية، نظرا لمحدودية علاقتها بسعر صرف العملة، بينما رجح أن تُحمل أي تكاليف إضافية على المستهلكين، وذلك برفع أسعار الخدمات بنسبة تتراوح بين 5-10%، إضافة إلى الزيادة السنوية التي تصل إلى 10%.
ولعل ما يزيد المخاوف في الأوساط المصرية ، سيطرة الجيش على قطاع الأدوية عبر لجنة الشراء الموحدة التي يرأسها اللواء إيهاب، وتسيطر على سوق الدواء وألبان الأطفال ومستلزمات المستشفيات، وسط تراجع كبير في مستويات الصحة المصرية، والتي أظهرتها بقوة جائحة كورونا مؤخرا، حيث تابع المصريون أزمات الأوكسجين وعجز المستشفيات عن استقبال المرضى بجانب أزمة نقص أسرة العناية المركزة وغيرها من الأزمات الصحية الكبيرة التي تواجه المصريين وتهدد سلامتهم.
وعلى صعيد أسعار الطاقة، توقع التقرير إقرار زيادة في أسعار المحروقات، تحديدا البنزين، بنسبة تتراوح بين 6-10% خلال اجتماع لجنة تسعير الطاقة القادم، بجانب توقعات قوية بزيادة طفيفة في أسعار الديزل، وهو ما سينعكس بدوره على تكاليف نقل جميع المنتجات.
ويرى التقرير أن سوق العقارات بصدد اضطرابات جراء الزيادات في أسعار مواد البناء إثر انخفاض الجنيه، خاصة الحديد والأسمنت، اللذين ارتفعت أسعارهما 13% و36% على التوالي، ما سيدفع، بحسب المحللين، أسعار العقارات إلى الارتفاع 20% خلال العام الجاري، مع توقع بانتعاش الطلب تدريجيا على العقارات مع النصف الثاني من العام، نظرا للفكرة السائدة حول العقار كوعاء استثماري مضمون خلال فترات تخفيض قيمة الجنيه.
ويبقى الغلاء عنوان كل شيء بمصر في الفترة المقبلة.