أعلن صندوق النقد في 23 مارس أنه وحكومة المنقلب السيسي في مرحلة التفاوض من أجل حصول مصر على دعم، يشمل قرضا محتملا لمواجهة تداعيات الأزمة الاقتصادية الحالية، وجاءت توضيحات الصندوق تنفي تصريحات حكومة السيسي أكثر من مرة، وجود مفاوضات بشأن قرض جديد مع الصندوق.
النفي الرسمي -والذي استمر حتى تخفيض الجنيه في 21 مارس 2022- قابله تأكيدات من عدة مصادر أجنبية ومصرية أن حكومة السيسي تفاوض الصندوق لأجل قرض جديد موجود منذ نهاية يناير 2022، بحسب "موقع مدى مصر" في وقت تشكل تكلفة الدين 96% من الدين نفسه من الميزانية العامة.
حقق الاشتراطات
وأشار الصحفي والمحلل الاقتصادي ممدوح الولي في مقال نشره خلال الأسبوع الأخير من مارس 2022 إلى أن الأزمة كانت أكبر من تلك المحاولات فلجأ مجددا إلى صندوق النقد فاشترط الصندوق شروطا فاستجاب لها النظام سريعا، برفع أسعار البوتاجاز وخفض سعر الجنيه ورفع معدل الفائدة وبيع جزء من الأصول المصرية والمزيد من إجراءات خفض الدعم خاصة الوقود وأسرع ببيع سندات بالين الياباني كمقدمة لطرح سندات دولارية أخرى في الخارج قبل انتهاء العام المالي في يونيو المقبل.
وأضاف أن شواهد عديدة لنقص العملات الأجنبية ظهرت بعد تعويم الجنيه في 2016 وأنه بعد نحو عام ونصف العام في 2018 ظهرت هذه الشواهد مجددا وتكررت في 2020نتيجة لتداعيات كورونا، موضحا أن السلطات لجأت أخيرا للتشدد حيال الصادرات المصرية وتأجيل سداد بعض أقساط الدين الخارجي المستحقة لدول الخليج العربي ولجأ الجنرال إلى حلفائه الخليجيين لمزيد من الاقتراض ونال موافقة.
ترجيحات التكنوقراط
وكان الخبير الاقتصادي الدكتور محمود وهبة قد قدم مجموعة من النصائح بعد التعويم الثاني الذي نفذه البنك المركزي الاثنين 21 مارس 2022، أثر على ارتفاع قيمة الدولار وأدى للهبوط الحاد الذي منيت به العملة المحلية كان أبرزها سحب الودائع من البنوك والاحتفاظ بها على هيئة دولار أو ذهب.
وأشار إلى توقعه سحب الانقلاب قرض جديد من صندوق النقد الدولي، على غرار ما حدث بعد التعويم ألأول في 2016، بما يساوي القيمة ذاتها -12 مليار دولار على خمس دفعات- وقال "السيناريو واحد في 2 نوفمبر 2016 تم تعويم الجنيه وفي 11 نوفمبر وافق صندوق النقد علي قرض 12 مليار د .فهل يتكرر الان؟
وأكد أن "رفع سعر الفائدة ينشر ببيان ليجذب المال الساخن وتعويم الجنيه مختفي بالشاشة فلا يعلن فشله وبؤس للشعب قادم".
وقررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي رفع سعر الفائدة بنسبة 1٪ ليصل سعر الفائدة على الإيداع والإقراض إلى 9.25% و10.25%، وذلك في اجتماع استثنائي اليوم 21 مارس 2022.
وقالت إن "التحركات الاستثنائية كانت في محاولة لاستيعاب موجة التضخم الكبيرة التي تجتاح العالم بسبب وباء كورونا، وتخوفا من تأثيرات الغزو الروسي لأوكرانيا، والتي تسببت في موجة هروب دولاري كبيرة من تجار الديون المصرية".
ونقلت عن منى بدير، كبيرة الاقتصاديين في "برايم للأوراق المالية" قولها إن "معدلات للتضخم في الحضر تتراوح بين 5٪ إلى 9٪. ورغم ارتفاع التضخم في إجمالي محافظات الجمهورية إلى 10% الشهر الماضي، إلا أن التضخم في الحضر تجاوز بالكاد 8% ويرتبط التضخم في مصر بسعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية بسبب التأثير الكبير على أسعار الواردات في ظل عجز الميزان التجاري الكبير الفارق بين الصادرات والواردات".
توقعات سبرنجبورج
واستفاض الباحث والكاتب علاء بيومي عبر حساباته على التواصل ومنها (@Alaabayoumi) على "تويتر" في مقال بعنوان "مصر لهذه النقطة بعد عشرات المليارات من الديون والمساعدات الخارجية".
وقال إن "مصر منذ 2013 تنفق ببذخ على مشاريع عديدة للغاية، بعضها ليس له أي عائد اقتصادي واضح، مثل العاصمة الإدارية الجديدة، التي تتراوح تقديرات تكلفتها ما بين 20 إلى 50 مليار دولار أمريكي، موضحا أن هذا البذخ حذر منه بوضوح الباحث الأمريكي المتخصص في الشأن المصري روبرت سبرنجبورج في مقال نشر في يناير الماضي، حيث قال إن النظام المصري ينفق ببذخ على مشاريع مظهرية وكأنه دولة خليجية".
إحصاء سبرنجبورج
وأشار بيومي إلى أن "سبرنجبورج" أجرى إحصاء مفيدا لديون مصر الخارجية والداخلية، لأن مصر منذ 2016 توسعت كثيرا في الاقتراض سواء من الداخل أو الخارج، لأن الحكومة هي أكبر مقترض من البنوك المحلية داخليا، أما خارجيا فهي تقترض من دول، ومؤسسات اقتصادية كصندوق النقد، وكذلك من مصادر خاصة من خلال طرح السندات.
وقال "في 2016، كان الدين الخارجي المصري 48 مليار دولار أمريكي، وبعد أن قرر النظام المصري التوسع في الاقتراض الخارجية لتنفيذ سياساته الاقتصادية، وبدأ بقرض 12 مليار دولار أمريكي من صندوق النقد الدولي، وصل الدين الخارجي، في 106 مليار دولار في 2019، ثم إلى 137 مليار دولار في 2021، وأخر تحديث سمعت به كان 134 مليار دولار أمريكي.
ولو أضفنا الدين الداخلي للدين الخارجي، لوصل إجمالي الدين إلى 370 مليار دولار أمريكي، وهو أربع أضعاف إجمالي الديون في 2010 كما يقول سبرنجبورج والذي يحذر من أن الدين المصري سوف يستمر في الارتفاع ويصل في عام 2026 إلى 557 مليون دولار أمريكية، لذا شبه بما يحدث حاليا بسيناريو الخديوي إسماعيل الذي أغرق مصر في الديون".
وعن نتيجة التعويم الأول قال "المصريون استيقظوا في أواخر 2016 على كارثة اقتصادية، تمثلت في خفض سعر الجنيه بقيمة النصف تقريبا، وارتفاع الأسعار، وزيادة فاتورة كل شيء".
وأضاف أنه "كانت النتيجة أن 5 مليون مصري نزلوا تحت خط الفقر خلال فترة قصيرة للغاية 2-3 أعوام على أقصى تقدير. هذا بالإضافة لحوالي 27 مليونا أخرين كانوا بالفعل تحت خط الفقر".
وقال إن "الديون التي تراكمت، أكثر من 95 مليار دولار أمريكي من الديون الخارجية فقط، ذهبت في جزء منها على مشاريع اقتصادية مظهرية لن تصلح أوضاع الاقتصاد المصري ولكنها تساهم في إثراء فئات بعينها، والتي تسمى برأسمالية النظام أو محاسيب النظام، وهي فئة تتغير قليلا منذ عهد السادات وربما عبد الناصر، فمع كل رئيس تأتي الوعود، ثم يأتي الفشل بسبب غياب المؤسسات والقوانين والدستور والشفافية والسياسات الحقيقية، وتستفيد فئة صغيرة من المحاسيب".