حذر خبراء من أن الملء الثالث الذي شرعت فيه إثيوبيا سيكون الأكثر تأثيرا لدى المصريين في شح المياه بشكل واقعي، بظل استمرار التصريحات الورقية من زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي، وآخرها ٤ سنين على رفض الإجراءات الأحادية في حين تستمر أثيوبيا بتخطي المراحل الواحدة تلو الأخرى في السد الأثيوبي، ليكون عام 2023 بداية الإجهاز المائي على مصر، وليس 2050 كما يدعي وزير الري بحكومة الانقلاب، والذي قال إن "مصر على رأس 100 دولة ستقع تحت تهديد الإجهاد المائي والتصحر عام 2050".
ولكن من يستطع في مصر الآن أو في غيرها محاسبة الانقلاب على توقيع اتفاقية المبادئ الخرطوم 2015 التي شرعنت لأثيوبيا بناء سد النهضة ومكنتها من استلام قروض من الهيئات الدولية لاستكمال بناء السد؟
الخبير في هندسة السدود المائية بجامعة تيناجا الوطنية بماليزيا، البروفيسور محمد حافظ، قال "(2023) ليكون هو بداية الحزمة الثانية أي السبع سنوات عجاف أو شبه عجاف وتحجز إثيوبيا فيها 10.5 مليار متر مكعب أخرى، ولكن حينذاك سيكون تأثير تلك الــ 10.5 مليار متر مكعب مذاق المر خاصة على الدولة المصرية ، فتلك الــ 10.5 مليار متر مكعب ومع اتساع مسطح بحيرة التخزين ستتحول لأكثر من 16 مليار متر مكعب نتيجة الفواقد في الفوالق الجيولوجية، هذا بينما التدفق الطبيعي لنهر النيل خلال سنوات السبع العجاف يقارب 31 مليار متر مكعب ، وليس 49 مليار متر مكعب، وأن حجز 16.0 مليار متر مكعب ، يعني المتبقي لايزيد عن 15 مليار متر مكعب ستأخذ السودان معظمهم لتبدأ مصر الدخول في مرحلة جفاف النيل ".
وأوضح أنه منذ عام الجفاف أي فيضان عام 2015 ذات الـ 20 مليار متر مكعب مر عليه قرابة 6.0 فيضانات سمان، وربما يأتي فيضان عام 2022 بأعلى فيضان ضمن تلك الحزمة أي الــ 7.0 السمان وتحجز إثيوبيا قرابة 10.5 مليار متر مكعب دون أي تأثير واضح على مصر والسودان، وربما أيضا تضطر مصر لفتح مفيض توشكي ورمي عشرات المليارات من الأمتار المكعبة هدرا.
أغسطس والاتفاق
وأوضح د.حافظ على فيسبوك أنه "في أغسطس عام 2015 وعندما كانت إثيوبيا لازالت تعمل في طبقة أساسات سد النهضة ، وصل فيضان ذاك العام من النيل الأزرق لقرابة 20 مليار متر مكعب فقط باعتراف وزارة الري المصرية، حتى وصل الأمر في نهاية السنة المائية لذاك العام في شهر يوليو 2016 أن خرج علينا متحدثو وزارة الري ليؤكدوا بأن مصر قد خسرت ثلثي المخزون الاحتياطي ببحيرة ناصر، وأن السد العالي على وشك التوقف تماما، وذلك يوم 24 يوليو 2016 ".
الاتفاق الملزم
وعادة ما يصرح المنقلب بحسب الخبير د.علي فتيح بالبحث عن اتفاق قانوني ملزم ، في حين بدأت أثيوبيا التجهيز للملء الثالث وبمعدلات تنفيذ العام الماضي ستصل هذا العام لمنسوب ٥٩٣ مترا ، أي تخزين حوالي ١٨ مليارم٣ وهذه الكمية مرشحة للزيادة والنقصان طبقا لموعد بدأ صب الخرسانات ومعدلات التنفيذ ، لكن في جميع الأحوال لن يقل التخزين هذا العام عن ١٦ مليارا ولن يزيد عن ٢٠مليارا إلا قليلا".
وأكد فتيح عبر (Ali Fetih) على فيسبوك أن الاتفاق القانونى الملزم فلا فائدة منه على الإطلاق لمصر ، وإنما فائدته فقط هو حماية ماء الوجه للسادة القائمين على هذا الملف بعد أن ورطونا بتنازلاتهم المذلة لأثيوبيا أثناء المفاوضات وقبلوا بسد بسعة ٧٤مليارا ، فإن حتى نجحوا في توقيعه من أثيوبيا هللوا بالإنجاز والنجاح ، أما الحقيقة فقد جلبوا أكبر كارثة على مصر".
وافترض فتيح أن "أثيوبيا وقعت وكذلك احترمت هذا الاتفاق، موجها السؤال لوزير ري الانقلاب ، ماذا ستفعل عند الجفاف الممتد وبحيرة ناصر فارغة وبحيرة الخراب فارغة ثم جاء موسم الفيضان وتعطلت توربينات سد الخراب؟ وأنت تعلم أن فتحتي الطوارئ لا تُخرج إلا ٥٠مترا مكعبا يوميا وهي لاتكفي السودان بقولك؟ فبماذا سيفيدنا اتفاقك الملزم في هذه الحالة؟ ولمن لا يعرف الإجابة ، أقول له إننا "سنحرم من المياه اللهم إلا ٥٠مليونا يوميا ، في حين أن احتياجاتنا نحن والسودان أكثر من ٣٠٠مليون يوميا إلى أن يتم إصلاح التوربينات والتي قد تستمر شهورا أو أكثر أو إلى أن يمتلئ سدهم اللعين بال ٧٤مليارا ، ثم تعبر المياه من خلال مفيض السد وهذا يأخذ أكثر من عام ، وهذه إحدى الكوارث التي نتحدث عنها ".
ورطة جديدة
أما أستاذ الهندسة المصري بجامعات هونج كونج د.محمد شعبان وعبر (Mohamed Shaaban) على "فيسبوك" فقال "واقعيا التحضير للـ "قفا" الثالث يتم على عينك يا تاجر، ولا حياة لمن تنادي".
وأضاف "توقعنا في كتابنا "مصر وسد النهضة المعضلة والحل" قيام إثيوبيا بملء 20 مليار متر مكعب في 2022، هذه الكمية ستكون خصما من حصة مصر في نهر النيل، وبالتالي ستقوم مصر بتعويض تلك الكمية من المياه المخزنة خلف السد العالي".
وأضاف "نعم ، ربما لن يشعر الناس بشيء هذا العام 2022، بسبب وجود مخزون كاف للمياه خلف السد العالي، لكن ستقل كمية المياه المخزنة وراء السد العالي بشكل ملحوظ ، إذا تم الملء الثالث كما توقعنا".
وأكد أن "الخطورة ستكون إذا حدث جفاف، ولم يأتِ الفيضان بكمية كبيرة كما حدث في 2021، وطبعا كما وضحنا من قبل مرارا وتكرارا على هذه الصفحة أن أي متر مكعب من المياه تقوم إثيوبيا بتخزينها خلف سد النهضة ، هي مخصومة من حصة مصر في نهر النيل ، ونقوم بتعويضها من المياه الموجودة وراء السد العالي".
وأضاف أن "خطورة الملء الثاني في 2021 أنه أعطى الشرعية لسد النهضة الإثيوبي بسعة تخزين 14 مليار متر مكعب، موضحا أن خطورة الملء الثالث هو إعطاء الشرعية لسد السرج المساعد بسعة تخزين 60 مليار متر مكعب".
وأشار إلى أنه بإتمام الملء الثالث في 2022 تتضاءل فرص مصر في السيطرة على الوضع القائم لسد النهضة بشكل كبير، وسيكون الملء الرابع في 2023 هو الضربة القاضية Knock out (KO) لنا".