وفقا لبيانات البنك المركزي فقد هرب نحو 8 مليارات دولار من الأموال الساخنة في الفترة من سبتمبر 2021 حتى فبراير 2022م، بينما يتوقع بنك "سي آي كابيتال" تخارج نحو 8 مليارات دولار من الاستثمارات الأجنبية في سوق الدين المصري (الأموال الساخنة) خلال مارس؛ وبالتالي فإن حجم الأموال الساخنة التي فرت من مصر بسبب الحرب الروسية الأوكرانية من جهة ورفع البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة على الدولار يصل إلى نحو 16 مليار دولار خلال الشهور الست الماضية فقط، بينما يبلغ حجم الاستثمار غير المقيم في سوق السندات المحلية في مصر (الأموال الساخنة) حتى نهاية عام 2021 نحو 28.8 مليار دولار بما يمثل نحو 56% من احتياطات النقد الأجنبي وأصول العملات الأجنبية الأخرى للبنك المركزي المصري. وفقا لوكالة فيتش للتصنيف الإئتماني في تقريرلها في يناير 2022م.
وتشهد مصر مؤخرًا شحًا في العملة الأجنبية يعود لهروب الاستثمارات الأجنبية في أوراق الدين المصري، وهو أمر معتاد في أوقات الأزمات، خاصة بعد قرار البنك الفيدرالي الأمريكي رفع الفائدة 0.5% للمرة الأولى منذ العام 2018، مما يعني جاذبية أكبر للديون الأمريكية. خطورة هذا الهروب للاستثمارات الأجنبية من سوق الدين المصري هو حجم الاعتماد الكبير عليها وفقا للأرقام التي ذكرناها. وقد هربت نحو خمسة مليارات دولار بين سبتمبر وديسمبر 2021م وفقا لوكالة فيتش.
وأظهرت بيانات البنك المركزي، الأحد 03 أبريل 2022، أن صافي الأصول الأجنبية المصرية شهد تراجعاً حاداً في فبراير الماضي، إذ انخفض بمقدار 60 مليار جنيه مصري (3.29 مليارات دولار) إلى سالب 50.3 مليار جنيه، وهو التراجع للشهر الخامس على التوالي بسبب نقص العملة الأجنبية، الأمر الذي أجبر البنك المركزي على خفض قيمة الجنيه في 21 مارس 2022م بنحو 17%؛ حيث بلغت صافي الأصول الأجنبية في نهاية سبتمبر 2021 نحو 186.3 مليار جنيه. وتُعد هذه أول بيانات رسمية عن الأصول الأجنبية في الجهاز المصرفي المصري بعد غزو روسيا لأوكرانيا بما حملته من تداعيات على الاقتصاد المصري.
ويعزو محللون أسباب التراجع في صافي الأصول الأجنبية إلى هروب الأموال الساخنة من سوق الدين الحكومي ، حيث توضح سارة سعادة محللة الاقتصاد الكلي في بنك "سي أي كابيتال" ـ وفقا لموقع "مدى مصر" ــ «أن حجم خروج الأجانب في هذه الفترة من فبراير أقل من أربعة مليارات دولار [الفارق بين صافي الأصول الأجنبية في يناير وفبراير الماضيين] لأن صافي الأصول الأجنبية في يناير يمثل 616 مليون دولار مقابل سالب 3.2 مليار دولار في فبراير-بناءً على سعر الصرف وقتها». الأكثر خطورة أن هروب الأموال الساخنة من مصر زادت وتيره خلال مارس ــ وفقا لسارة سعادة ــ والتوقعات التي تصل إلى "سي آي كابيتال" من مصادر مصرفية تقدر حجم الأموال الساخنة التي خرجت من السوق المصري خلال مارس بنحو 4 إلى 7 مليارات دولار. معنى ذلك أن حجم الأموال الساخنة التي هربت من مصر في فبراير ومارس فقط تصل لأكثر من 11 مليار دولار.
ويمثل صافي الأصول الأجنبية في الجهاز المصرفي الفارق بين الأصول بالعملات الأجنبية في البنوك و«المركزي» معًا مقابل الالتزامات عليه، فيشير ارتفاع الأصول عن الالتزامات إلى الفائض، والعكس إلى العجز. وبذلك يكون صافي الأصول الأجنبية في فبراير الماضي بالجهاز المصرفي المصري قد حقق عجزًا يتجاوز 50 مليار جنيه. وتبعًا لبيانات «المركزي»، يشكل العجز في صافي الأصول الأجنبية لدى البنوك السبب في التراجع الإجمالي إذ حقق عجزًا قدره 175.632 مليار جنيه، مقابل فائض حققه «المركزي» قدره 134.348 مليار جنيه.
وقال البنك المركزي، في 14 مارس الماضي، إن تحويلات المصريين بالخارج زادت إلى 31.5 مليار دولار في 2021 من 29.6 مليار دولار قبل عام. ويعاني الاقتصاد المصري من معدل مرتفع من الديون الخارجية، فيما يواجه انخفاضاً في الدخل بالعملات الصعبة بسبب الكساد في السياحة. وقدمت السعودية، نهاية مارس الماضي، خمسة مليارات دولار وديعة لدى البنك المركزي المصري. وتتفاوض حكومة الانقلاب حالياً مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض جديد، واعتبر محللون أن تخفيض قيمة الجنيه الشهر الماضي يعتبر خطوة أساسية لكي تحصل القاهرة على برنامج دعم جديد من الصندوق.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط، في بيان السبت، إن بلاده تخطط لإصدار أول صكوك سيادية قبل نهاية السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو 2022. ووفقاً لتصريحات سابقة لرئيس وحدة إدارة الدين بوزارة المالية محمد حجازي، فإن مصر ستقترض ملياري دولار في شهر يونيو/ حزيران المقبل عبر الصكوك السيادية لأول مرة في تاريخ الاستدانة المصرية، إضافة إلى ما يزيد عن 750 مليون دولار عبر السندات الخضراء.
