تشهد أسواق الخضروات والفواكه منذ بداية شهر رمضان الجاري ارتفاعا جنونيا في الأسعار ووصل سعر كيلو البامية لـ 100 جنيه ، بينما تراوح سعر كيلو الطماطم من 15 إلى 20 جنيها، وسعر كيلو ورق العنب 40 جنيها بعد أن وصل إلى 100 جنيه.
هذه الأسعار الجنونية دفعت المواطنين إلى العزوف عن الشراء ، ما تسبب في حالة من الكساد والركود رغم أنه من المتعارف عليه أن الاستهلاك يزيد خلال الشهر الكريم مقارنة بالشهور الأخرى ، لكن بسبب غلاء الأسعار وتراجع الدخول وضعف القدرة الشرائية وتزايد أعداد المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر في زمن الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي إلى أكثر من 60 مليون مواطن وفق بيانات البنك الدولي ، كل هذه العوامل تسببت في حالة من الركود ووقف الحال.
التجار أكدوا أن أسعار الخضروات والفاكهة تشهد ارتفاعا في الأسعار نتيجة التغيرات المناخية وتخفيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية ، موضحين أن ارتفاع الأسعار ليس له علاقة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا كما تزعم أبواق الانقلاب.
وقالوا إنهم "يواجهون خسائر كبيرة بسبب ضعف الاقبال على الشراء وتعرض كميات كبيرة من الفواكه والخضروات للتلف" .
التغير المناخي
من جانبه قال مجدي أبو العلا، نقيب فلاحي الجيزة، إن "ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة جاء نتيحة التغير المناخي الخاص بالشتاء، بالإضافة إلى أن هناك خضروات تزرع في غير موسمها عن طريق الصوب الزراعية والمحمية ، وهو الأمر الذي يرفع من سعر التكلفة الإنتاجية ، وبالتالي ترتفع أسعارها على المستهلك".
وأضاف «أبو العلا» في تصريحات صحفية أن المحاصيل التي تزرع في غير موسمها تعاني أيضا قلة في المعروض وهو الأمر الذي يرفع الأسعار ، مثل ما حدث في سعر الليمون عندما ارتفع سعره لأنه صيفي وكذلك ورق العنب.
وتساءل عن أسباب الارتفاع غير المبرر في الأسعار ، مؤكدا أن مصر لديها اكتفاء ذاتي من الخضروات والفاكهة، وتصدر إلى الخارج خاصة الموالح مثل البرتقال واليوسفي، والليمون واللارنج، والبطاطس والبصل، والفرولة والتمور.
وكشف «أبو العلا» أنه مع الأزمة الأوكرانية الروسية توقفت بعض الصادرات لسد احتياجات السوق المحلي متوقعا انخفاض أسعار الخضروات والفاكهة قريبا.
الطماطم
وبالنسبة للطماطم أرجع الدكتور عبد المنعم الجندي أستاذ تربية الخضر والنباتات الطبية والعطرية ووكيل محطة بحوث البساتين بكفر الشيخ، ارتفاع الأسعار إلى ظهور تجارة الهجن والبذور المستوردة للطماطم التي تباع بأسعار عالية جدا ؛ مشيرا إلى أن شهر فبراير الماضي كانت درجات حرارة الليل تنخفض إلى 6 و 8 درجات والصقيع كان في ذروته ؛ وبالتالي تراجع إنتاج الطماطم وزاد الطلب عليها وارتفعت الأسعار من نهاية شهر مارس وبداية شهر أبريل .
وتوقع الجندي في تصريحات صحفية أن يشهد شهر يوليو وأغسطس زيادة في أسعار الطماطم مرة أخرى نظرا لارتفاع درجات الحرارة ، مطالبا بضرورة توفير هجن مستوردة أو محلية، لها القدرة على تحمل درجات الحرارة العالية والمنخفضة وتتزاوج لتعطي محصول طماطم بشكل جيد .
وأعرب عن أسفه لأن أسعار بذور هجن الطماطم مرتفعة؛ ويرفض صغار المزارعين الزراعة في العروتين؛ التي تحدث بهما أزمة انخفاض وارتفاع درجات الحرارة ولا يستطيعون الإنفاق عليها، مما يتطلب ضرورة وجود دعم من خلال أن تأخذ دولة العسكر من المستوردين حصصا من بذور الطماطم التي يتم استيرادها بسعر الاستيراد ؛ وبدون مبالغة في الأسعار ، وبذلك ندعم الفلاح ونزوده بتقاوي مدعومة لكي نستطيع التوسع في زراعة الطماطم.
وشدد الجندي على ضرورة دعم الفلاح من خلال توفير هجين البذور وتوفير التقاوي المستوردة بشكل مدعم للفلاحين وعدم الاكتفاء بزراعة الطماطم في محافظات معينة؛ وبذلك نقضي على ارتفاع أسعار الطماطم مع التوسع في زراعتها في الصوب الزراعية بمساحات أكبر باستخدام هجن الطماطم التي تقاوم درجات الحرارة المختلفة.
شهر رمضان
وقال حاتم النجيب، نائب رئيس شعبة الخضروات والفاكهة إن "سبب ارتفاع كيلو البامية وبعض الخضروات في الأسواق المحلية، يرجع إلى قلة الكميات المعروضة، بالإضافة إلى القدرة الشرائية لبعض الفئات من المصريين ، مشيرا إلى أن بعض المستهلكين يقومون بتخزين كميات كبيرة من الخضروات وهذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.
وتوقع النجيب في تصريحات صحفية تراجع أسعار الفواكه والخضروات في السوق المصري، خاصة بعد انتهاء شهر رمضان، مؤكدا أن المعروض سوف يتزايد خلال الأيام المقبلة بالإضافة إلى تراجع الاستهلاك .
وأشار إلى أن بعض أصناف الخضر تأثر إنتاجها نتيجة موجات الصقيع المتعاقبة، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج التي تدفع التاجر لتحريك الأسعار لتعويض الخسائر.
وأكد النجيب أن إنتاجية المحاصيل سوف تتحسن مع عودة استقرار الأحوال الجوية، وبالتالي يزيد المعروض وتتراجع الأسعار.
ترشيد الاستهلاك
وقال الدكتور صلاح فهمي خبير اقتصادي، إن "ارتفاع الأسعار جاء بسبب حدوث صدمة خارجية نتيجة تطورات الحرب الروسية الأوكرانية والتي أثرت بشكل كبير على أسعار مختلف السلع فيما يسمى بالتضخم المستورد، بخلاف الضغوط الداخلية الناجمة عن ارتفاع الطلب على السلع خلال موسم رمضان".
وأضاف فهمي في تصريحات صحفية، أن تصريحات مسئولين دوليين حول احتمالية استمرار الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا لأمد أطول من المتوقع ، وضبابية المشهد دفعت بعض التجار لإخفاء السلع ونقص المعروض وبالتالي ارتفاع الأسعار.
وتابع، الأزمة الحالية يجب أن تعطي درسا للمصريين بحتمية التوسع في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء كأولوية قصوى، خاصة فيما يتعلق بالسلع الإستراتيجية مثل القمح والزيوت واللحوم، إلى جانب أهمية تنويع مصادر العملة الصعبة بخلاف السياحة والتي ستتأثر بشدة بتوقف حركة الطيران بدول الحرب.
وطالب فهمي المواطنين بترشيد وضبط الاستهلاك بقدر الإمكان والتوقف عن شراء السلع المبالغ في أسعارها لمواجهة استغلال التجار.
كما شدد على أهمية مراجعة حكومة الانقلاب خطتها لهيكلة ورفع الدعم عن باقي الخدمات كالكهرباء والمياه والغاز ليتم إرجاؤها لحين اتضاح الصورة واستقرار الأوضاع حتى لا تشهد الأسواق مزيدا من ارتفاع الأسعار.
