كوارث إفطار السيسي.. نفاد الاحتياطي النقدي وبيع الأصول وتجميل دموية الانقلاب وخداع الخارج

- ‎فيأخبار

في مشهد كاشف لحقيقة أزمات نظام السيسي التي يواجهها المنقلب إثر فشله الإستراتيجي في إدارة شئون مصر اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، يضع مصر على حافة الهاوية، إثر أزمة اقتصادية غير مسبوقة وتشرذم مجتمعي ناجم عن سياسات الإقصاء والتهميش والقتل المجتمعي سياسيا واقتصاديا وثقافيا، يمارسه وحوش العساكر ضد عموم المجتمع المصري وقواه السياسية، جاء إفطار الأسرة المصرية الذي يرعاه السيسي سنويا، ليقدم جرعة من الخداع الإستراتيجي للأوساط الغربية ، محاولا الإيحاء أن مصر  تعيش حوارا مجتمعيا وانفراجة في حقوق الإنسان،  وأن المصريين جميعهم شركاء في الأوضاع التي آلت إليها مصر اقتصاديا وسياسيا، إلا أن الخطر الأعظم تمثل في تصريحات السيسي عن نفاذ الاحتياطي النقدي الأجنبي وأنه سيسعى لتغطيته ببيع أصول الدولة المصرية لتحصيل 40 مليار دولار، وهو ما يفاقم أزمات مصر الإستراتيجية.

 

واقع الأزمة

وجاء الإفطار السنوي، في ظل ظروف قاتمة السواد على عموم مصر، إذ يعاني المصريون من أوضاع اجتماعية واقتصادية شديدة الصعوبة، نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار السلع الغذائية ، وقرار البنك المركزي خفض قيمة الجنيه مقابل الدولار بنحو 18%، في أدنى مستوى له منذ 6 سنوات، في وقت خسر فيه الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي 3.9 مليارات دولار دفعة واحدة خلال شهر مارس الماضي.

وأعلن البنك المركزي المصري في 18 إبريل الجاري، ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 145 مليارا و529 مليون دولار بنهاية ديسمبر 2021، مقابل 137 مليارا و420 مليون دولار بنهاية سبتمبر من العام نفسه، بزيادة تقدر بنحو 8 مليارات و109 ملايين دولار خلال 3 أشهر فقط، وبنسبة زيادة بلغت 5.9%.

من جانب آخر، ووفق مراقبين، فإن الإفراج عن بعض المعتقلين السياسيين، وحديث السيسي الأخير عن الحوار السياسي، يؤكد وجود أزمة كبيرة تهدد النظام نتيجة عوامل عدة، بينها الحرب الروسية على أوكرانيا، والأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر بسبب النقص الحاد في العملة الأجنبية، وارتفاع فاتورة الدين بشكل مطرد، بالإضافة إلى الأزمة السياسية الدولية التي يعاني منها النظام بسبب الانتقادات المتواصلة لملف حقوق الإنسان.

بينما يسعى السيسي من خلال تحركاته الأخيرة ، إلى التشويش على الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي تعيشها البلاد، وتنذر بتبعات خطيرة تهدد النظام ذاته، ومحاولة الإيحاء بأن جميع الأطراف السياسية الداخلية مشتركة في النقاش حولها، بالإضافة إلى الترويج على المستوى الدولي بأن هناك انفراجة في ملف حقوق الإنسان، وقضية حرية الرأي والتعبير، على خلاف الحقيقة.

هذا المشهد الكارثي، الذي تعيشه مصر عالجه السيسي بسياسات وتصريحات مهترأة لا ترقى لمستوى مسئول عن دولة، بل قدم مصر فريسة لمن يريد أن ينهشها.

حيث قال السيسي، خلال حفل الإفطار، أمس الثلاثاء، إن "دعم الأشقاء العرب في أحداث 2013 (انقلاب الجيش على الرئيس الراحل محمد مرسي)، وما بعدها من سنوات، أسهم في الحفاظ على كيان الدولة المصرية، والتي استنفدت الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية في فترة مليئة بالأزمات".

وهو ما يؤكد تسريع مخططات  التنازل عن مزيد من الأصول الرأسمالية للدولة المصرية للإمارات والسعودية ، كما جرى مؤخرا، كرد لأثمان الانقلاب العسكري ودعم إراقة دماء المصريين.

وادعى السيسي كاذبا أنه وقف بجوار الرئيس الراحل محمد مرسي، وقال السيسي "وقفت مع الرئيس مرسي الله يرحمه علشان أقف مع البلد، ولو كنت تآمرت عليه هبقى تآمرت على البلد".

وهو الكذب البواح الذي لا يمكن أن يستسيغه عاقل، وهو ما علق عليه المستشار وليد شرابي مذكرا ‏"رحم الله رئيس مصر اعتقله وزير الدفاع وقتل أنصاره وزور أوراق احتجازه ومنع عنه الدواء والزيارة ولقاء محاميه وأعتقل ابنا له، وسجن آخر، وتوفي الثالث في ظروف غامضة، ومات الرئيس أمام محكمة رفضت إسعافه حتى تأكدوا من موته، إن كان كل هذا ليس تآمرا على الرئيس والشعب فما هو تعريف التآمر؟

كما قالت الناشطة منى سيف على حسابها على تويتر ‏"الرئيس مرسي الله يرحمه ده مات في سجونك، وهو في ظروف حبس سيئة، وحرمان من أبسط الحقوق زي زيارات أهله، ورعاية طبية غير كافية، هو أنتم بتحاولوا تجننونا!

وفي هروب من واقع الأزمات المهددة لكيان الدولة المصرية، سعى السيسي للذهاب إلى فانتازيا الدراما والحيال الكاذب في دراما المخابرات المزورة ، قائلا "على مدى السنوات الماضية كانت التحديات عظيمة، ولكن نجاحاتنا كانت أعظم، وما عُرض في مسلسل (الاختيار 3) هو ما حدث في الواقع، إذ أن كل خطواتنا كانت ثابتة وراسخة، وعزيمتنا لا تلين من أجل تحقيق البقاء، والبناء لمصرنا العزيزة" على حسب تعبيره.

وهو ما يتنافى مع جزء آخر من تصريحاته، بأن الاحتياطي النقدي تآكل، وأن الأزمة الاقتصادية كبيرة وتهدد مصر بتحديات قصوى، بل إن أرقام المؤسسات الرسمية التابعة لنظام السيسي، تكشف إلى أي مدى وصلت الديون وتلازمه الأزمات الاقتصادية والاجتماعية بالبلاد.

وأكمل السيسي "المواطن المصري تحمل الآثار الناجمة عن تنفيذ برنامج طموح وضروري للإصلاح الاقتصادي بداية من عام 2016، والذي توازى مع إعادة بناء وتطوير البنية التحتية للدولة".

وعن الحوار الوطني "المزعوم" بشأن الأزمة الاقتصادية التي تواجهها الدولة حاليا، كلف السيسي إدارة "المؤتمر الوطني للشباب" التي يشرف عليها الضابط النافذ في المخابرات العامة أحمد شعبان، بـ"إدارة حوار سياسي مع كل القوى من دون استثناء أو تمييز، ورفع مخرجات هذا الحوار إلى السيسي شخصيا.

وأعرب السيسي عن سعادته بالإفراج عن دفعات من أبناء مصر خلال الأيام الماضية، قائلا "الوطن يتسع للجميع، والاختلاف في الرأي لا يفسد للوطن قضية".

متناسيا معاناة أكثر من 60 ألف معتقل في طي النسيان والإهمال الطبي والقتل بالتعذيب ، آخرهم الباحث الاقتصادي أيمن هدهود.

 

مؤتمر بيع مصر

وكلف السيسي حكومته بعقد مؤتمر صحفي عالمي للإعلان عن خطة الدولة المصرية في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية.

وكلف الحكومة أيضا بالإعلان عن برنامج لمشاركة القطاع الخاص في الأصول المملوكة للدولة، وذلك بمستهدفات تبلغ 10 مليارات دولار سنويا لمدة 4 سنوات، بغرض تدبير 40 مليار دولار لتعزيز احتياطي البلاد من العملة الأجنبية.

وحث الحكومة بالبدء في طرح حصص من الشركات المملوكة للدولة في البورصة المصرية.

 

نحر القطاع الخاص

وعلى عكس معاناة القطاع الخاص ، إثر سياسات العسكرة المتفاقمة بمصر منذ الانقلاب العسكري، حيث يجري إسناد المشروعات بالأمر المباشر لشركات الجيش ، التي لا تدفع مليما واحدا للدولة ضرائب أو رسوم أو جمارك أو أجور للعاملين في مشروعاتها من المجندين، تطبيقا لنظام السخرة، وهو ما تسبب في هجرة شركات القطاع الخاص، وتحول المثير منها للعمل من الباطن لشركات الجيش، على حساب جودة المشروعات، وعلى الرغم من ذلك طالب السيسي في إفطاره، الحكومة بإطلاق مبادرة لدعم وتوطين الصناعات الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي، من خلال تعزيز دور القطاع الخاص في توسيع القاعدة الصناعية للصناعات الكبرى والمتوسطة.

وهو ما بدا مستغربا في ظل سياسات مصادرة كبريات شركات القطاع الخاص وابتلاع أموال المستثمرين، كما يجري مع شركة جهينة  التي تريد المخابرات السيطرة عليها عنوة، وتحبس مؤسسها باتهامات بعيدة عن الواقع، ترفضها دول العالم والمؤسسات الاقتصادية.

وعلى طريقة الجنون العسكري واسترضاء العساكر وتهيئة الأجواء لهم لنهب المزيد من ثروات مصر، ادعى السيسي أن القوات المسلحة أنفقت مليار جنيه  كل شهر على مدار 84 شهرا  من ميزانياتها، وهو تصريح يعبر عن أن مصر من دول الواق واق، إذ أن الجيش هو مؤسسة مصرية تابعة للحكومة المصرية، وليس دولة مستقلة لها ميزانياتها الخاصة، ولكن السيسي يريد استرضاء العسكر، السند الوحيد الباقي له، في ظل انفضاض الداخل والخارج عنه.