أثار تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي بخزائن البنك المركزي المصري، بقيمة 3.91 مليار دولار خلال شهر واحد فقط انتقادات من خبراء الاقتصاد وسوق المال متسائلين أين ذهبت كل هذه الأموال؟
واتهم الخبراء حكومة الانقلاب بالسفه الاستيرادي والفشل في زيادة الصادرات وعدم قدرتها على تشجيع السياحة بجانب تراجع عائدات قناة السويس وتحويلات العاملين المصريين بالخارج .
وطالبوا بوضع خطة لجذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الإنتاج للتصدير وفتح كل المنافذ الممكنة ، لزيادة العوائد الدولارية التي تغطي احتياجات البلاد .
كان البنك المركزي المصري قد أكد أن رصيد الاحتياطي الدولي للنقد الأجنبي بخزائن البنك المركزي المصري سجل نحو 37.082 مليار دولار أمريكي بنهاية شهر مارس 2022، مقابل نحو 40.99 مليار دولار في نهاية شهر فبراير 2022، أي أن الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، تراجع بنهاية شهر مارس الماضي بقيمة بلغت 3.91 مليار دولار.
وزعم البنك أنه تم استخدام جزء من رصيد الاحتياطي النقدي الأجنبي للوفاء بـ 5 التزامات هي .
1- مواجهة صدمة الأسواق الدولية، حيث تم استخدام 3.91 مليار دولار من رصيد الاحتياطي الأجنبي، للحفاظ على استقرار الأسواق المصرية.
2- في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية المضطربة جراء الأزمة الروسية الأوكرانية، قام خلال شهر مارس 2022 باستخدام جزء من احتياطي النقد الأجنبي لتغطية احتياجات السوق المصري.
3- استخدام جزء من رصيد الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية بالبنك المركزي لتغطية تخارج استثمارات الأجانب والمحافظ الدولية.
4- استخدام جزء من رصيد الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لضمان استيراد سلع إستراتيجية.
5- استخدم البنك المركزي جزء من رصيد الاحتياطي لسداد الالتزامات الدولية الخاصة بالمديونية الخارجية لدولة العسكر.
موارد النقد الأجنبي
من جانبه قال محسن عادل، خبير مالي إن "الانخفاض في احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي ، جاء نتيجة سداد حكومة الانقلاب أقساطا و فوائد الديون الخارجية، بالإضافة إلى سداد مستحقات تخص مديونيات نادي باريس بالنسبة للديون المصرية، وإثر العطاءات اليومية للبنك المركزي، من خلال الآلية الجديدة، التي طرحها البنك المركزي لتداول الدولار في السوق، وإثر تمويل عمليات السلع البترولية والغذائية من الخارج، خلال الفترة الماضية.
وأكد عادل في تصريحات صحفية أن الأحداث الجارية لها تأثير سلبي على موارد النقد الأجنبي، والتي تمثلت بالأساس في تراجع الدخل من قطاع السياحة، بالإضافة إلى انحسار الاستثمارات الأجنبية المباشرة كليا خلال العامين الماضيين والخروج الكامل لاستثمارات الأجانب في أوراق الدين الحكومية، لارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصري وحالة عدم الاستقرار السياسي.
وأضاف، تمثل أرقام الاحتياطيات الأجنبية اليوم باعثا للقلق، وتسلط الضوء على إمكانات صانعي السياسة المحدودة لدعم الجني ، موضحا أن تراجع الاحتياطي نتج عن قيام البنك المركزي بتوفير النقد الأجنبي لحكومة الانقلاب، لاستيراد المواد الغذائية والمواد البترولية، وسداد الديون الخارجية المستحقة وخروج المستثمرين الأجانب من الأذون والسندات، التي استحقت على حكومة الانقلاب خلال الفترات الماضية
وأشار عادل إلى أن هذا التراجع يحد من قدرة مصر على دعم الجنيه، ويبرز حاجتها لإبرام اتفاق قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي.
أقساط ديون
وقال الدكتور عبدالمنعم السيد، خبير اقتصادي إن "تراجع الاحتياطي النقدي جاء لعدة أسباب منها، قيام البنك المركزي بسداد مستحقات أذون الخزانة لمستثمرين بالخارج، وسداد التزامات ومستحقات وفوائد على بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية".
وكشف السيد في تصريحات صحفية أن حكومة الانقلاب تقوم بالاستيراد من الخارج بنحو 5 مليار دولار شهريا بفاتورة استيراد سنوية تتراوح من 55 إلى 60 مليار دولار، ومن ثم يكون الاحتياطي النقدي حاليا يكفي استيراد 8 شهور تقريبا.
وأوضح أن هناك عددا من التدابير يجب أن تتخذها حكومة الانقلاب والبنك المركزي لزيادة الحصيلة الدولارية منها، زيادة الصادرات ووضع خطة لزيادة الصادرات وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، وزيادة حجم الاستثمار المباشر، وتدعيم السياحة الأجنبية .
صندوق النقد
وقال الدكتور خالد شافعي خبير اقتصادي إن "الأزمات المتتالية التي مر بها الاقتصاد العالمي من جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية والأزمات الراهنة والنقص الكبير في الإمدادات ، تسبب في خسارة الاحتياطي النقدي الأجنبي في مصر مليارات الدولارات".
وتوقع شافعي في تصريحات صحفية أن يطرح البنك المركزي سندات دولارية والدخول في اتفاق مع صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية المختلفة ودول الخليج من أجل استعادة قوة الاحتياطي النقدي .
وأكد ضرورة العمل على تشجيع التصنيع للحد من استنزاف الدولار في سلع مستوردة يمكن تصنيعها محليا.
وشدد شافعي على ضرورة أن تكثف حكومة الانقلاب جهودها لاستيعاب النقص في الطلب السياحي من دول أوكرانيا وروسيا من خلال التركيز على دول شرق أسيا والسياحة العربية ، مطالبا بضرورة العمل على زيادة الصادرات بحيث يكفل ذلك دعما للاحتياطي النقدي.
وطالب بالبدء في خطة لجذب الاستثمار الأجنبي لدعم القطاعات الاقتصادية وتحقيق معدل نمو جيد يستطيع استيعاب الأثار والتداعيات الضخمة للأزمة العالمية.
رؤوس الأموال
وقال أحمد حافظ، رئيس قسم بحوث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “رينيسانس كابيتال” إن "الاحتياطيات الأجنبية ستتعرض لضربة أخرى، خلال شهر أبريل الحالي، مضيفا أن مصر تعاني من هروب رؤوس الأموال".
وأشار “حافظ” في تصريحات صحفية إلى أن المستثمرين الأجانب باعوا نحو 456 مليون دولار فقط خلال أبريل الجاري مقارنة بانخفاض 2.36 مليار دولار عن النصف الأخير من مارس الماضي.
وأضاف أن هناك عددا أقل من أذون الخزانة المستحقة في أبريل بمبلغ 120 مليار جنيه مقارنة بنحو 171 مليار جنيه في مارس الماضي ، مما يشير إلى انخفاض التدفقات الخارجية.
وتوقع “حافظ” تراجع تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات قناة السويس والسياحة، مما يشير إلى انخفاض محتمل في الاحتياطيات الأجنبية الرسمية وغير الرسمية بما يتراوح بين 3.5 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار .
