أصدر عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب العسكري عفوا عن عدد من ضباط الشرطة الذين أدينوا وسجنوا بتهمة تعذيب مدنيين مصريين حتى الموت.
وتكشف الوثائق المسربة إلى موقع "أراب 21" الإخباري في لندن أن السيسي أصدر مرسوما بالعفو عن ضباط الشرطة بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة الوطنية في 25 يناير، الذي يصادف أيضا ذكرى ثورة 2011 في مصر.
الوثائق، التي سربها مصدر أمني مصري بارز، تذكر أسماء ضباط الشرطة الذين أدينوا في ثلاث قضايا بتعذيب مواطنين مصريين حتى الموت في مختلف مراكز الشرطة.
يرى نشطاء حقوق الإنسان أن خطوة السيسي تشجع ضباط الشرطة على التصرف دون عقاب.
وقال الحقوقي أحمد مفرح، مدير لجنة العدالة، في حديث مع "ميدل إيست آي": "إن السيسي، باستخدامه سلطته في العفو الرئاسي، يعتزم حماية الجيش والشرطة من المساءلة".
وأضاف مفرح أنه في الحالات القليلة التي أدى فيها ضغط المجتمع المدني وخطورة الجرائم المرتكبة إلى توجيه تهم إلى ضباط الشرطة لدى وصولهم إلى المحكمة، قام السيسي "بتغطية ظهورهم من خلال العفو عنهم".
وأوضح أن "النظام يستغل التغطية الإعلامية لحالات العفو الرئاسي كدعاية لتغطية جرائم الجيش والشرطة المدانين من قبل المحاكم".
مقتل بائع سمك
تضمن العفو الصادر عن السيسي خمسة من رجال الشرطة الذين أدانتهم المحكمة في عام 2020 لتعذيبهم حتى الموت مجدي مكين، وهو بائع أسماك يبلغ من العمر 53 عاما.
كانوا يعملون في مركز للشرطة في العامرية في القاهرة في نوفمبر 2016 عندما تم اعتقال مكين، الذي توفي لاحقا في الحجز. وفي الشهر التالي وجهت إلى عشرة من رجال الشرطة تهمة تعذيب الشاب حتى الموت.
وقد اتهمتهم النيابة العامة بالاعتداء على مكين بشكل بالغ، مما أدى إلى وفاته داخل مركز الشرطة، وتزوير الوثائق الرسمية للواقعة لتضليل التحقيق.
وذكر تقرير الطب الشرعي أن مكين تعرض للضرب أثناء احتجازه. ووقف ضباط الشرطة على ظهره، مسببين أضرارا لنخاعه الشوكي وجهازه العصبي، ولكن كانت الجلطة التي أصابته في رئتيه هي التي قتلته.
وبحسب قرار العفو الصادر عن السيسي، فقد تمت تسمية الضباط باسم سامح قاسم وياسر الحسنين وسعد خليل ومحمد علي وأيمن الديب. أما ضباط الشرطة الخمسة الآخرون الذين أدينوا بتعذيب مكين فلم يعفوا عنهم.
ووفقا للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، يوجد في مصر 65 ألف سجين سياسي و 26 ألف شخص رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة.
وقال مفرح ل "ميدل إيست آي" إنه في حين يعفو السيسي عن ضباط الشرطة، فإن المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين المسجونين لا يحصلون على مثل هذه الرأفة على الإطلاق تقريبا.
وأشار إلى أن " الأساس الذي يقوم عليه السيسي لاستخدام العفو الرئاسي هو حماية القتلة والمجرمين من الجيش ورجال النظام".
وأضاف أنه حتى في الحالات التي أطلقت فيها حكومة السيسي سراح صحافيين وحقوقيين من السجن، فإنه "بسبب الضغط الشديد الذي مارسه المجتمع الدولي أو محاولة النظام تخفيف التوتر الداخلي الناتج عن المشاكل الاقتصادية في البلاد".
وكانت حكومة السيسي قد أصدرت يوم الأربعاء حكما بالعفو عن حسام مؤنس، وهو ناشط وصحفي يساري بارز، بعد أن حكم عليه في نوفمبر بالسجن أربع سنوات بتهمة "نشر أخبار كاذبة".
التعذيب في سوهاج والقاهرة
صدر المرسوم الرئاسي بالعفو عن ضباط الشرطة المصريين المدانين في قضايا التعذيب في عامي 2016 و 2018.
وقعت القضية عام 2018 في مركز شرطة حدائق القبة في القاهرة. وقد صدر عفو عن خمسة من الضباط، بمن فيهم صابر فراج، وهو رائد ورئيس المحققين في المحطة، وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات. ووجهت إليهم تهمة اعتقال أحمد عجمي، وهو مدني مصري، دون أمر قضائي وتعذيبه لانتزاع اعتراف منه بالسرقة.
وتوفي عجمي في القسم، ووجدت النيابة العامة أن رجال الشرطة ضربوه بعصا، وقيدوا يديه خلف ظهره، واستخدموا مسدسا كهربائيا في أجزاء مختلفة من جسمه.
وفي عام 2016، أتهم ثلاثة من ضباط الشرطة المصريين، ثم أدينوا في وقت لاحق بقتل وتعذيب محمد صالح أحمد في مدينة سوهاج جنوب القاهرة. وقد عفي عنهم جميعا في مرسوم رئاسي.
وليس من غير المألوف أن يصدر العفو الرئاسي قبل الأعياد العامة أو الدينية في مصر.
ودعت جماعات حقوقية منذ فترة طويلة إلى إطلاق سراح عشرات الآلاف من السجناء السياسيين المحتجزين في سجون البلاد منذ استيلاء السيسي على السلطة في انقلاب عام 2013.
ففي الأسبوع الماضي، قبض على أربعة من الكوميديين على مواقع التواصل الاجتماعي بتهمة الإرهاب ونشر أخبار كاذبة بعد نشر أغنية على الإنترنت سخرت من فشل السلطات في كبح جماح التضخم المتفشي.
https://www.middleeasteye.net/news/egypt-president-sisi-pardoned-police-officers-torture
