كتابة وعرض مسلسل الاختيار 3 الذي تناول دور السيسي وشخصيته، بإشرافه الشخصي، لا يمكن اعتباره دراما أو حتى تاريخ مشوه، بل وبحسب شهادات الفنيين والخبراء، مجرد دعاية لشخص المتسلط الممسك بتلابيب المصريين عبر قوة الدبابة.
ورغم كم الكذب والتضليل الذي تضمنه المسلسل الذي انتهت حلقاته، دون أي نقيصة سياسية أو دليل على الخيانة للرئيس مرسي أو أي فرد من الإخوان، إلا أن إذاعة تسريبات يومية من قبل المخابرات في ختام كل حلقة ، كشف الكثير من الضلالات وعكس العديد من الحقائق من حيث أراد تشويه الرئيس والإخوان، فقد أكدت جلسات السيسي مع الرئيس مرسي وطنطاوي أن السيسي لم يكن إلا صغيرا أمام مرسي بعكس ما حاول المسلسل إظهاره، كما أكدت التسريبات أن السيسي والشاطر وباقي الإخوان كانوا يريدون أن تسير مصر إلى الأمام بعكس السيسي وعصابة العسكر الذين أصروا على جذب البلاد إلى الوراء ووقف المسيرة الديمقراطية الوليدة.
وفي الإطار نفسه تأتي شهادة من عاشوا وتقابلوا مع الرئيس كاشفة لحقائق عدة لا يمكن تجاهلها.
وهو ما كشفه وزير الاستثمار يحيى حامد، في حسابه على الفيس بوك.
وقال وزير الاستثمار الأسبق، "يحيى حامد" إن "عبدالفتاح السيسي، الذي كان وزيرا للدفاع في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، قبل أن ينقلب عليه في عام 2013، اعتاد "حمل حذاء" الأخير بعد الصلاة، في محاولة للتزلف إليه وإظهار الولاء له".
وجاء ذلك في شهادة كتبها "حامد" ونشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" ردا على بعض ما عرضه المسلسل المخابراتي.
حملت شهادة "حامد" عنوان "من داخل القصر كنت شاهدا، السيسي وحذاء الرئيس مرسي".
وقال "حامد" في شهادته "يبدو أن كاتب السيناريو الركيك الذي أراد أن يبجل من نفسه ويرسم صورة الشخصية القوية، قد نسي أنه كان هناك شهود عيان على طريقة تعامله مع السيد الرئيس ومحاولاته المتكررة التزلف وإظهار الولاء له".
وأكمل: "كنت شاهدا في قصر الاتحادية عقب تعيين السيسي بفترة وجيزة وأثناء أحد الزيارات له للاجتماع مع سيادة الرئيس، خرج السيد الرئيس مرسي بعدها كعادته للصلاة مع الموجودين في القصر، وبعد الانتهاء من الصلاة وجدنا السيسي يذهب ليحمل حذاء الرئيس ليضعه أمامه، نظر الرئيس مرسي له مستغربا وقال له (إيه اللي بتعمله ده يا عبدالفتاح؟!
وتابع: "لقد كان هذا السلوك متكررا من طرف السيسي في أكثر من موقف، ولعل الصور الواردة أثناء لقاءاته بالسيد الرئيس وهو ينظر دائما إلى الأرض أو يجلس على حافة المقعد، تؤكد أنه كان أبعد ما يكون عن هذه الهالة التي يريد أن يرسمها لنفسه بعد كل هذه السنوات لعلاج مركب النقص الذي يعاني منه".
وأكمل: "نعم كان هناك خيانة ولكن مهم أن يعلم الجميع أن هذا الشخص كان ضئيلا جدا أمام السيد الرئيس، ممكن أن يأتي بكاتب سيناريو يحاول أن يضخم من ذاته ، ولكن كلما رأيت ما يريد أن يفعل دائما أتذكر حذاء الرئيس".
والمسلسل عبارة عن سردية من طرف واحد ولا تعبر عن الواقع، وتعتبر تزييفا للتاريخ القريب الذي عاصره الشعب المصري.
ووفق الإعلامي أسامة جاويش، فإن مسلسل الاختيار في الجزء الثالث ما هو إلا محاولة جديدة قديمة لقلب الحقائق وتزييف الواقع وتشويه الصورة وتزوير التاريخ، ولكنهم اصطدموا بوعي المتابعين وإصرار كبير ممن عايشوا الواقع ألا يقعوا فريسة هذا التزوير الفج.
ويضيف: "كذبوا بحق الرئيس الراحل محمد مرسي وأظهروه في صورة الشخص الضعيف الذي يأتمر بأمر مكتب الإرشاد ثم أخرجوا أذرعهم الإعلامية البذيئة لتنهش في جسد الرجل الذي رحل عن دنيانا منذ ما يقارب الثلاثة أعوام، نسي هؤلاء أن السيسي ورفاقه هم من انقلبوا على أول رئيس مدني منتخب واعتقلوه حتى قتل في محبسه نتيجة الإهمال الطبي.
في مسلسل الاختيار يمكنك منذ اللحظة الأولى أن تكتشف محاولة السيسي ونظامه نقل الحقيقة بشكل معكوس، فقد جعلوا من المسخ أسطورة، وحولوا القزم إلى عملاق عريض المنكبين، غيروا الصورة وبدلوا الأدوار، تشعر وكأنهم قد كتبوا السيناريو داخل مكتب السيسي، بإشراف من اللواء عباس كامل وإخراج العقيد أحمد شعبان، بل ربما تذهب بعيدا إلى أن التعليق الصوتي في بعض مقاطع المسلسل كان بصوت السيسي نفسه ولا أستبعد أن يكون الجنرال قد قام بهذا فعلا فهو مهووس بصناعة اللقطة.
في مسلسل الاختيار تحول الجاني إلى ضحية، والضحية إلى جان، فضابط أمن الدولة هو ملاك ينقصه جناحان ليطير لا يعذب أحدا ولا يخفي المعارضين قسريا ولا يهددهم باعتقال ذويهم، يبهرك السيسي بتقديمه لشخصية المشير طنطاوي الذي قتل من قتل من ثوار يناير في صورة القائد العسكري الوطني الشريف، باختصار لقد حولوا الخائن إلى شريف والشريف إلى خائن، والقاتل إلى بريء والبريء إلى مجرم دون مراعاة لأدنى معاني الشرف في الخصومة والمروءة في التعامل مع الآخر واحترام حرمة الموت.
لا يملك مرسي أن يخرج من قبره ليدافع عن نفسه ويكذب السيسي، بل إن الرجل في حياته قد وضعوه داخل قفص زجاجي عازل للصوت تماما حتى لا يسمعه أحد ثم تطور الأمر ووضعوه داخل قفص زجاجي عازل للصوت والصورة فلا يرى مرسي من هم بالخارج ولا يسمع صوته أي إنسان داخل المحكمة.
المشكلة الحقيقية أن السيسي وعباس كامل وصبيانهم، ظنوا بذلك أنهم محوا الحقيقة وغيروا التاريخ وأقنعوا الأجيال الجديدة بأن الحقيقة في الاختيار وأن الإخوان وغيرهم هم مجرد مجموعة من الخونة الذين أرادوا بمصر شرا فأنقذها السيسي، ولكنهم نسوا أن ذاكرة المظلوم هي أقوى ذاكرة في التاريخ.
في الاختيار، كذبوا بحق خيرت الشاطر ومحمد البلتاجي، شيطنوهم وجعلوا منهم أعداء لهذا الوطن خططوا ورتبوا لكل أحداث العنف والمجازر التي حدثت قبل الانقلاب العسكري، ونسي هؤلاء أنهم هم من سجنوا الشاطر والبلتاجي وآخرين ومنعوا عنهم الزيارة لمدة سبع سنوات ومنعوا عنهم الدواء والعلاج في المستشفى وقبل كل هذا حرموهم من أبسط حقوقهم وهو حق الرد على هذا الكم من الكذب والتلفيق والتشويه الصادر بحقهم في ما يعرف بالاختيار.
وعلى الرغم من تضليل الاختيار تبقى الحقائق كاشفة للسيسي وعساكره، لأن الشعب المصري أعياه أكاذيب النظام العسكري الذي لا يرجو للشعب أن يستريح أو يكتف اقتصاديا أو يأمن اجتماعيا وينهض تعليميا، بل يريده السيسي مجموعة من المحتاجين اللاهثين وراء فتات السيسي ونظامه لكي يظل قابعا فوق أعناقهم بقوة السلاح، وهو ما لا يمكن أن يستمر للنهاية".