بعدما وعد المصريين بأكل ورق الشجر. .السيسي يخصص 31 مليار دولار للقطار الكهربائي خدمة للأثرياء فقط

- ‎فيأخبار

 

 

رغم دعواته المصريين للصبر والتحمل من أجل مصر، مستذكرا أكل المسلمين والصحابة الأوائل ورق الشجر في شعب أبي طالب بمكة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ورغم وصول ديون مصر الخارجية لأكثر من 4 أضعاف الاحتياطي النقدي الأجنبي الموجود بالبنك المركزي، وتسجيل الاحتياطي الأجنبي  سالب 7,1 مليار دولار، أي أن كافة الدولارات الموجودة بالبنك لا تملك منها مصر شيئا، بل مدينة بالفارق المذكور، وتراجع التصنيف العالمي للاقتصاد ليسجل  نظرة سلبية وفق تصنيف موديز مؤخرا.

ورغم إرسال السيسي وزراءه إلى سوق النخاسة الإماراتي، لعرض أصول مصر وما تبقى منها للإماراتيين لشرائها، من أجل تجاوز الأزمة الاقتصادية الطاحنة، ورغم تراجع الاحتياطايات والمخزون الاستراتيجي من جميع السلع الاستراتيجية في مصر ، ما يؤذن بالخراب والجوع في مصر، واقترض السيسي من جميع المصادر المتاحة ومنها  دول الخليج وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسة الإسلامية لتوفير الطعام للمصريين.

الإسراف السفيه 

ورغم كل ذلك يصر السيسي على السير في نفس طريق الإنفاق غير ذي جدوى والمشاريع الكبرى قليلة العائد  الاقتصادي، دون مراعاة لطبيعة الأزمة الحالية ولا مآلاتها المستقبلية والتدهور الاقتصادي الحاد بالبلاد، متجاهلا توصيات أجازها وأمنها نواب برلمانه بضرورة تقليص الإنفاق على مشاريع الفنكوش المسماة مشاريع قومية عالية الإنفاق المالي والتوجه نحو الصناعة والزراعة والتشغيل السريع لملايين العاطلين عن العمل لجر عجلة الاقتصاد الراكدة بمصر، وذهب السيسي ليوقع على عقد اتفاق القطار الكهربائي السريع، الذي سيبتلع 31 مليار دولار.

وشهد السيسي، السبت، مراسم توقيع حكومته على اتفاق التعاقد مع شركة "سيمنز" العالمية لإنشاء منظومة متكاملة للقطار الكهربائي السريع في مصر بإجمالي 3 خطوط، يبلغ طولها حوالي 2000 كيلومتر على مستوى الجمهورية، وذلك بتكلفة تقريبية تبلغ 31 مليار دولار بنحو 577 مليار جنيه ، وهي ممولة بقروض خارجية تسدد على مدة 15 عاما.

الأضخم في تاريخ الشركة 

وأعرب رئيس مجلس إدارة شركة "سيمنز" العالمية، رونلاد بوش، عن اعتزازه بالتعاون المثمر مع مصر في المشروعات التنموية، التي صنعت تاريخا مشرفا للشركة في المنطقة والعالم، وفق ما أورده البيان، مستطردا أن مشروع القطار الكهربائي السريع في مصر هو الأضخم في تاريخ شركة سيمنز، منذ تأسيسها قبل نحو 175 عاما.

 

وتضمن الاتفاق تنفيذ مشروع القطار السريع على مرحلتين؛ الأولى بتكلفة تبلغ نحو 22.7 مليار دولار، بداية من مدينة العين السخنة المطلة على البحر الأحمر، وصولا إلى مدينة العلمين الجديدة على البحر المتوسط، والثانية بتكلفة تبلغ 8.2 مليارات دولار مستقبلية، وتستهدف مد مسار القطار من مدينة العلمين إلى محافظة مرسى مطروح .

 

ويضم المشروع 8 محطات للقطار الكهربائي السريع بسرعة تصميمية 250 كيلومترا في الساعة، وسرعة تشغيلية 230 كيلومترا في الساعة؛ إذ يمتد القطار من منتجع العين السخنة شرقا، مرورا بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومدن السادس من أكتوبر وبرج العرب في محافظة الإسكندرية والعلمين الجديدة وصولا إلى مرسى مطروح غربا.

 

كامل الوزير 

 

وكان وزير النقل الانقلابي  كامل الوزير، قد صرح بأن "الاتفاق مع شركة سيمنز جاء بعد مفاوضات طويلة، انتهت إثر لقاء مغلق بين ممثلي الشركة والسيسي واتفاق الطرفين على شروط التشغيل من خلال نظام عمل خطوط السكك الحديدية القديمة؛ وبمواصفات تعد العليا على مستوى العالم، من دون تقاطعات أو مزلقانات، كما هو معمول به في السكك الحديدية الحالية.

 

وتغيب الشفافية عن التكلفة الحقيقية لصفقة مشروع إنشاء القطار السريع؛ ففي 4 سبتمبر 2020، أعلنت وزارة النقل فوز التحالف المصري الصيني (سامكريت– الهيئة العربية للتصنيع –  CCEC- CRCC) بمناقصة تنفيذ المشروع بكلفة إجمالية 9 مليارات دولار، على حساب تحالف (إيفك Chinastate – CREC من الصين – سيمنز الألمانية – سكك حديد فرنسا – أوراسكوم من مصر- المقاولون العرب).

 

إلا أن المصريين فوجئوا لاحقا بتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة النقل، ممثلة في الهيئة القومية للأنفاق، وشركة "سيمنز" الألمانية، في حضور رئيس الوزراء مصطفى مدبولي لتنفيذ المشروع بقيمة إجمالية 23 مليار دولار للمرحلة الأولى فقط؛ أي بزيادة كبيرة تقدر بنحو 14 مليار دولار، من دون تبيان الأسباب الحقيقية وراء الزيادة.

 

وفي 23 يناير 2021، اعترف المنقلب السيسي بمضاعفة تكلفة مشروع القطار السريع، بقوله "كان هناك عرض من تحالفين لإنجاز المشروع بقيمة 10 مليارات دولار تقريبا، ولكنني قلت لا يمكن أن ننفذ المشروع بهذا الثمن، وقررت أن ندفع الرقم الأعلى، وهو 19.5 مليار دولار، لتنفيذ مساحة 450 كيلومترا فقط من المشروع ، ولدينا برلمان يراقب أداء الحكومة، ويوافق على قرارات القروض التي نتخذها، ومحتاجين الناس تثق فينا بشكل أكبر حتى ننفذ مخططاتنا".

 

ويواجه السيسي اتهامات بالإهمال المتعمد لقطاعات هامة مثل الصحة والتعليم والبحث العلمي، وعدم الالتزام بمواد الدستور التي تقضي بتخصيص نسبة 10% سنويا من الناتج المحلي الإجمالي لصالحها؛ وفي المقابل، المضي قدما في تنفيذ مشاريع تجميلية لا تعود بالنفع على المواطنين مثل القطار السريع، الهادف في المقام الأول إلى تسهيل تنقل الأثرياء بين منتجعات العلمين الجديدة والعاصمة الإدارية والعين السخنة.

هذا في الوقت الذي تعاني فيه السكك الحديدية التي تخدم ملايين المصريين يوميا الإهمال والأزمات الفنية الناجمة عن عدم موافقة السيسي على تطويرها مقابل مبلغ 100 مليار جنيه، طالبا من كامل الوزير تحميل تكاليف التطوير لمن يستخدمها من المواطنين بزيادة أسعار التذاكر واستحداث رسوم جديدة على الحقائب وغرامات متصاعدة وغيرها من الإجراءات ، وهو ما يؤدي لإهمالها ووقوع الكثير من الحوادث القاتلة.

والأغرب من ذلك أن مسار القطار السريع يسير بعيدا عن التجمعات السكانية بل يمتد بين الصحاري والكمباوندات والمنتجعات السياحية التي يقطنها الأثرياء في أيام معدودة من السنة، ولا يجتاجون السكك  الحديدية أساسا، إذ يمتلكون أجود وأفخم السيارات الفارهة.

يذكر أن البنك المركزي أعلن، في 18 إبريل الماضي، ارتفاع الدين الخارجي للبلاد إلى 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2021، مقابل 137.42 مليار دولار بنهاية سبتمبر من العام نفسه؛ بزيادة تقدر بنحو 8.109 مليارات دولار خلال 3 أشهر فقط، نتيجة التوسع في اقتراض مصر من الخارج، وبنسبة زيادة إجمالية للدين بلغت 5.9%.

 

وتتجه مصر إلى خيارات عدة في مواجهة الأزمة المالية التي يمر بها الاقتصاد حاليا، والتي تتلخص في رفع سعر الفائدة، وإصدار شهادات ادخار بفائدة عالية، وبيع أصول تملكها الدولة لمستثمرين محليين وأجانب؛ وأخيرا التوسع في الاقتراض الخارجي لمواجهة عجز الموازنة، وسداد فوائد وأقساط قروض مستحقة.

فوائد الديون 

وقفزت مخصصات فوائد الدين في مشروع موازنة مصر للعام 2022-2023 إلى 690.1 مليار جنيه، مقارنة مع 579.9 مليارا مستهدفة في العام 2021-2022، أي بنسبة زيادة تبلغ 19.2%، وبما يعادل نحو 34.4% من الإنفاق الحكومي، و45.5% من إيرادات الدولة في العام المالي، فيما ارتفعت مخصصات سداد القروض المحلية والأجنبية من 593 مليار جنيه إلى 965 مليارا و500 مليون جنيه.

ولعل الأغرب في الأمر، هو انكفاء أغلب دول العالم على نفسها وترشيد إنفاقها على المشاريع والتركيز على مشاريع الإنتاج والتصنيع وسد الجوع والفقر في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية.

ومع استمرار السيسي ونظامه في الفشل الاقتصادي والمالي ، وهو ما يدفع المصريين نحو الجوع والفقر يأتي الإنفاق الفنكوشي على مشاريع العاصمة الإدارية والقطار الكهربائي الذي لا يخدم أحدا ، إذ أن مساره لا يوجد به سكان كثر، وما يوجد من سكان لديهم سيارات فخمة لا يحتاجون القطارات أو وسائل النقل العامة بالأساس.

وهو ما يؤكد أن السيسي يعمل لخراب مصر وتدمير مقدراتها، التي يستوجب توجيهها للإنتاج والتصنيع والزراعة والصحة والتعليم وليس لإنشاءات ومرافق وخدمات غير عاجلة ولا ضرورية.

ثم يأتي بعد ذلك ليطلب من المصريين التحمل والصبر على مصر.