رغم ما يعلن عنه نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي من أنه يواصل السير على طريق الإصلاح الاقتصادي ، ويزعم أنه يحقق إنجازات إلا أن الواقع يكشف الفشل الكبير لهذا النظام الدموي في التعامل مع كل القضايا سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها .
وتأتي مشكلة ارتفاع معدلات التضخم – أي غلاء الأسعار – على رأس قائمة الفشل الانقلابي ، حيث أثرت نسب التضخم سلبا على احتياجات الأفراد في ظل الأحداث العالمية المتتالية بدءا من جائحة كورونا وحرب روسيا وأوكرانيا، بجانب الفشل الانقلابي وانتشار الفساد والنهب والبلطجة في مختلف الأجهزة والهيئات .
يشار إلى أن حرب روسيا وأوكرانيا تسببت في رفع معدلات التضخم في مصر والعالم ، ما تسبب في نقص سلاسل الإمداد وتوصيل المنتج للمستهلك سواء عبر الخطوط البرية أو البحرية أو الجوية، وزيادة تكلفة المنتجات نتيجة لارتفاع أسعار الوقود، مع نقص المعروض بالأسواق ، مما يؤدي إلى غلاء الأسعار وزيادة أعباء الفاتورة المعيشية للمصريين .
النشرة الشهرية
كانت النشرة الشهرية للأرقام القياسية لأسعار المستهلكين (التضخم) قد كشفت عن ارتفاع التضخم خلال شهر يوليو الماضي بنسبة 0.9% مقارنة بشهر يوليو من العام السابق، وسجل 131 نقطة .
وأرجعت النشرة التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أسباب هذا الارتفاع إلى زيادة أسعار مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 1%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 5.2% مجموعة الفاكهة بنسبة 7.5% مجموعة الدخان بنسبة 3.3% مجموعة المنتجات والأجهزة والمعدات الطبية بنسبة 1% مجموعة المنفق على النقل الخاص بنسبة 9% مجموعة خدمات النقل بنسبة 6.4%.
وأشارت إلى أن معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية ارتفع إلى 14.6% لشهر يوليو الماضي من 6.1% لنفس الشهر من العام السابق 2021.
وأوضحت النشرة أنه بخصوص الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين لشهر يوليو الماضي على أساس شهري، مقارنة بشهر يونيو السابق، ارتفع قسم الطعام والمشروبات بنسبة 0.3% وقسم المشروبات الكحولية والدخان بنسبة 3.3% بسبب ارتفاع أسعار مجموعة الدخان بنسبة 3.3% وقسم الملابس والأحذية بنسبة 0.6% وقسم المسكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنسبة 0.2%.
وشمل الارتفاع قسم الأثاث والتجهيزات والمعدات المنزلية والصيانة بنسبة 1.4% وقسم الرعاية الصحية بنسبة 0.8% وقسم النقل والمواصلات بنسبة 6.6 % بسبب زيادة أسعار مجموعة المنفق على النقل الخاص بنسبة 9% مجموعة خدمات النقل بنسبة 6.4% مجموعة شراء المركبات بنسبة 1.5%.
كما سجلت أقسام الثقافة والترفيه ارتفاعا قدره 0.6% والمطاعم والفنادق بنسبة 1% وقسم السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 0.7%.
عوامل خارجية
من جانبه قال الخبير المصرفي محمد عبد العال إن "ارتفاع معدل التضخم السنوي جاء نتيجة عوامل خارجية وداخلية، موضحا أن العوامل الخارجية تتمثل في ارتفاع معدل التضخم العالمي وانخفاض حجم المعروض في ظل زيادة الطلب بعد انحسار تداعيات جائحة كورونا- ويمثل 35% من نسبة الارتفاع في التضخم الحالي- أما العوامل الداخلية فأبرزها زيادة أسعار الأغذية والمشروبات واللحوم والطيور في الأسواق بنسبة كبيرة خلال الشهر الماضي".
وتوقع عبد العال في تصريحات صحفية استمرار ارتفاع معدل التضخم نتيجة ارتفاع أسعار السلع المستوردة من الأسواق الخارجية، وحتى السلع المخزنة قبل العقود الجديدة اتجه التجار لزيادة أسعارها، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب اضطرت لوقف تصدير بعض السلع مثل الفول والعدس، بالإضافة إلى إلغاء ضريبة القيمة المضافة على بعض السلع بزعم مواجهة ارتفاع التضخم .
السولار والبنزين
وقال مينا نصحي باحث إحصائي بالجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، إن "معدل التضخم الشهري سجل 0.9% خلال شهر يوليو الماضي ، تأثرا بتحريك أسعار السولار والبنزين وانعكاسها على أسعار خدمات النقل التي ساهمت بأكبر نسبة من معدل التضخم الشهري بنسبة 0.24%"
وأضاف نصحي في تصريحات صحفية أن مؤشرات الإحصاء أظهرت ارتفاع معدل التضخم العام إلى حدود 9.7% للعام المالي 2021-2022 والمنتهي في شهر يونيو الماضي، بينما كان قد سجل المعدل 4.8% في العام المالي السابق عليه 2020-2021 و 5.3% في عام 2019-2020 و13.4% في عام 2018-2019.
وأشار إلى أن ارتفاع التضخم الشهري بنسبة 0.9% مؤخرا يعد زيادة ليست بالقليلة في مستويات أسعار السلع والخدمات في السوق المحلي، لكنها ليست قفزة كبيرة مقارنة بالمعدلات المناظرة خلال الأشهر الماضية.
مسار تصاعدي
وقال الدكتور مصطفى بدرة، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة إن "التضخم الذي يشهده الاقتصاد العالمي، والذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط والسلع الأساسية والشحن وراء زيادة معدل التضخم في مصر، متوقعا استمرار معدل التضخم المحلي في مسار تصاعدي خلال الشهور المقبلة بسبب تأثير تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا".
وأرجع بدرة في تصريحات صحفية تجاوز معدل التضخم مستهدفات البنك المركزي، إلى عدة عوامل أبرزها تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، والتي من الصعب التكهن بتأثيرها على الاقتصاد العالمي والمحلي، مشيرا إلى أن تداعيات الحرب الأوكرانية تسببت في زيادة أسعار الشحن والنفط مما أدى إلى اتجاه التجار لزيادة أسعار المنتجات المستوردة تحسبا لعدم قدرتهم على استيراد منتجات جديدة.
وأكد أن وقف زيادة معدل التضخم، مرتبط بعدم التكالب من المستهلكين على شراء السلع، وهو أمر من الصعب تحقيقه في الوقت الحالي .
أسعار الغذاء
وقال الدكتور محمد راشد، أستاذ الاقتصاد بجامعة بني سويف إن "السبب الرئيسي في ارتفاع معدل التضخم في مصر يعود بشكل أساسي إلى أزمة ارتفاع أسعار الغذاء عالميا جراء الحرب الروسية الأوكرانية، ومن ثم انتقال تبعات هذه الأزمة إلى الاقتصاد المصري بعد الارتفاع الملموس عالميا في أسعار القمح والذرة والزيوت والأعلاف وكذلك المعادن".
وأضاف راشد، في تصريحات صحفية أن ارتفاع سعر القمح تسبب في ارتفاع أسعار الخبز الحر، وكذلك كل المخبوزات المصنعة من القمح.
وتابع ، ارتفاع أسعار الذرة والأعلاف انعكس على ارتفاع أسعار البيض والدواجن واللحوم ومنتجات الألبان بجميع أشكالها، مما انعكس أيضا على ارتفاع أسعار الأسماك باعتبارها سلعة بديلة للدواجن واللحوم، وبالتالي ارتفاع أسعار كل هذه السلع كان كفيلا بارتفاع أسعار بقية السلع الأخرى .