قالت وكالة بلومبيرج إن "الاضطراب واضح جدا في أصول مصر، حيث ارتفعت احتمالات فشل حكومتها في سداد الديون في عام واحد إلى أعلى مستوى منذ عام 2013 وإلى أسوأ ما في المنطقة" استنادا إلى نموذج بلومبيرج.
هذا ما طلبه المستثمرون "مطالبهم بشراء السندات المصرية بدلا من سندات الخزانة فوق 1200 نقطة أساس للمرة الأولى على الإطلاق، قبل أن يواجهوا أكبر انخفاض في أكثر من عقدين، وفقا لبيانات (JPMorgan Chase & Co.) وانخفض الجنيه إلى الأضعف منذ انخفاض قيمة العملة المفاجئ لعام 2016".
وقال مراقبون إن "وضع مصر الاقتصادي أشبه بالبعير الذي ينتظر قشة لتقصم ظهره ، فالكثير من الأشياء الأكثر مأساوية لم تضف وبالأخير "لبسنا في الحيط وانتهى الأمر".
الفشل إفلاس
وقال الخبير الاقتصادي د.محمود وهبة المقيم بالولايات المتحدة وبحسب "بلومبرج" فإن "مصر بعد روسيا وسيرلانكا الآن ، الدولة الأكثر احتمالا بالعالم لعدم دفع الديون (الافلاس) " مضيفا أن "قرض صندوق النقد ضرورة ولكنه ليس كفايا".
وأوضح أن "التوتر الافتراضي يطارد مصر، إرسال التجار في رحلة برية ، الخطر الافتراضي هو أعلى معدل في المنطقة بنسبة إلى متوسط خمس سنوات".
وعن قرض الصندوق المضطرة إليه مصر أشار إلى أن "مصر بحاجة لتأمين تمويل خارجي لمنع التخلف عن السداد".
وعن تأثير السنة المالية الحالية على المستثمرين لفت إلى أنها "سنة مضطربة بالفعل بالنسبة لتجار الأسواق الناشئة يحصلون على حقنة أخرى من الأدرينالين ، بينما تكافح مصر لتجنب أزمة ديون".
وأضاف "أصبحت أمة شمال أفريقيا أحدث رمز للمحن الذي يسيطر على الدول الفقيرة على ظهر ارتفاع التضخم وارتفاع المحاصيل وانخفاض النمو العالمي، يراقب المستثمرون الذين لا يزالون يتذكون من التخلف الأخير عن سداد الديون من قبل روسيا وسريلانكا، مصر كدراسة حالة لقياس ما إذا كان يمكن للعالم النامي الأوسع نطاقا أن يتجنب أزمة ديون كاملة وأن يبحر في حقبة الضيق القادمة شروط الائتمان".
الدين ولا صوت يعلو
ومن جانبه قال الباحث والخبير الاقتصادي د.إبراهيم نوار إنه "في ظل الحديث عن الدين العام ، فلا صوت يعلو على صوت الدين العام، لا تسأل عن التنمية ولا تسأل عن الإصلاح ، المحور الرئيسي لسياسة حكومة الإنجازات هو إدارة الدين العام ، مصر كلها مسخرة الآن لخدمة سيادة الدين العام".
وعبر عن الوضع المأساوي بقوله "الجنيه يزحف على بطنه للخلف، والحكومة تقترض بلا حدود ، الحكومة تبيع أذون خزانة بقيمة 65 مليار جنيه بمتوسط فائدة يبلغ 16.454% وتبيع سندات بقيمة 4.1 مليار جنيه لأجل 3 سنوات بسعر فائدة 15.5% ومن المتوقع أن تقترض غدا 500 مليون جنيه مقابل سندات لأجل 7 سنوات".
وأشار إلى أن البنك المركزي يتبنى حاليا سياسة تخفيض زاحف للجنيه المصري، مع إبقاء أسعار الفائدة على ما هي عليه، والتوسع في الاقتراض لصالح الحكومة، لتوفير سيولة كافية لتمويل الإنفاق العام في الموازنة العامة للدولة.
واستند إلى ما أظهرته بيانات البنك عند إقفال المعاملات اليوم أن سعر الدولار الواحد بلغ 19.2384 جنيها مصريا، داخل الجهاز المصرفي الرسمي.
وقال إن "البنك باع لصالح الحكومة ما قيمته 65.1 مليار جنيه، من أذون الخزانة، منها 38.2 مليار، لأجل ثلاثة أشهر بسعر فائدة يصل إلى 16.1% بمتوسط يبلغ 16.065% و منها 10.1 مليار لأجل ستة أشهر بسعر فائدة يصل إلى 16.148% كما باع 70.8 مليون جنيه لأجل تسعة أشهر بفائدة تصل إلى 16.53% وأخيرا باع أذون خزانة لأجل سنة بقيمة 16.7 مليار جنيه بسعر فائدة وصل إلى 16.88%.
وأشار إلى أن قيمة أذون الخزانة المباعة بلغت اليوم 65 مليارا و127 مليون جنيه بمتوسط فائدة يبلغ 16.454% وباع البنك المركزي لصالح الحكومة سندات بالجنيه المصري مستحقة الدفع على الخزانة العامة للدولة لأجل 3 سنوات بقيمة 4100 مليون جنيه بعائد يبلغ 15.5%. ومن المتوقع أن يتم قبل نهاية الشهر الحالي تسوية عملية بيع سندات بالجنيه المصري لأجل 7 سنوات بقيمة 500 مليون جنيه.
كما أصدرت حكومة الانقلاب أذون خزانة باليورو بقيمة 610 ملايين يورو بتاريخ 16 من الشهر الحالي، تستحق السداد في 16 أغسطس 2023 وبلغت القيمة المقبولة في الاكتتاب 626.9 مليون يورو بسعر فائدة يبلغ في المتوسط 1.697% بحد أقصى 1.7%.
وكانت الاستراتيجية المعلنة لوزارة المالية حتى نهاية السنة المالية الأخيرة تقضي بالتوسع في بيع السندات وتقليص قيمة إصدارات أذون الخزانة التي تتراوح آجال استحقاقها بين ثلاثة أشهر إلى سنة، لكن ضغوط السوق والصعوبات التي تواجهها الحكومة في الحصول على التمويل اللازم لتغطية نفقات الميزانية العامة أجبرت وزير المالية على الهروب من استراتيجيته المعلنة والتوسع في إصدار أذون الخزانة.
وقال إن "الحكومة توقفت عن إصدار سندات وأذون خزانة بالدولار في الأشهر الأخيرة". وكان آخر إصدار في 7 يونيو الماضي، حيث طرحت الحكومة للبيع ما قيمته 540 مليون دولار، وتمكنت من تجاوز القيمة المطلوبة خلال عملية الاكتتاب حيث جمعت 565.1 مليون دولار، مستحقة السداد في 6 يونيو من العام القادم، بفائدة تبلغ في المتوسط 3.044% بحد أقصى 3.05%".
وفي إشارة إلى سوء الإدارة قال "ولا يجب أن نحمل القائم بأعمال محافظ البنك المركزي مسؤولية أكثر مما يجب؛ فالرجل كان قد رحل عن النظام المصرفي منذ سنوات، وانتقل منه للالتحاق بقطاع الخدمات الإعلامية وما أدراك ما الخدمات الإعلامية".
وتابع عن انعكاس آخر، وهو أن الظروف الاقتصادية المحلية تتضمن ضغوطا من جماعات المصالح الخاصة لا يمكنه مقاومتها، وتعود بعض الظروف الصعبة إلى متغيرات عالمية تقع خارج إطار سيطرته وسلطته".
الديون 100% من الناتج
وفي حلقة الذراع عمرو أديب التي استضاف فيها في يوليو الماضي مع الخبير الاقتصادي د. هاني توفيق كان قد أشار إلى أن "حجم الديون و فوائدها تمثل أكثر من 100 ٪ من حجم الناتج المحلي للدولة و معيشتنا من تغذية و تعليم و صحة مرتبات و دعم مرهونة بقروض جديدة".
وأخذ على محمل الجد "تحذيرات من مؤسسات مالية دولية من احتمال عدم قدرة مصر على تسديد ديونها على المدى المتوسط، مما يقلص فرصها للاستدانة من جديد".
واعتبر أن "هروب الأموال الساخنة الدولارية نتيجة سوء الأداء الاقتصادي للشهر الثامن على التوالي لدرجة السالب ، بالإضافة لديون الدولة أصبح البنك المركزي وحده مديونا بحوالي ١٦ مليار دولار لأصحاب الأموال التي استغلت في تنفيذ مشاريع غير إنتاجية و غير ربحية".
وقال إنه "أدى إلى غلق باب الاستيراد تماما في وجه كل شيء ، مما أدى إلى غلق مئات المصانع لعدم توافر المواد الخام و قطع غيار الماكينات ، مما أدى إلى طرد آلاف العمال".
وتحدث عن تقليص فرص القطاع الخاص لمزاحمة الدولة له ( الجيش) لتصل النسبة من ٦٤٪ مشاركة القطاع الخاص إلى أقل من ٢٥ ٪ وهذا بدوره أدى إلى زيادة المديونية.
و قال إنه "بسبب الفشل الاقتصادي حازت البورصة المصرية على لقب أسوأ بورصة في العالم".
وعن مشاكل الاستثمار الأجنبي في مصر قال إن "أهمها مزاحمة الدولة للقطاع الخاص ، غلاء ثمن الأراضي، غلاء سعر الطاقة للمصانع والبيروقراطية والفساد وبطء إجراءات التقاضي".
ولكن لم ينسب تأثير الأزمة في مصر فقط للحرب الروسية الأوكرانية و أزمة كورونا، وقال "لم تكن هي السبب المباشر في الأزمة الحالية ، إنما تم الإشارة إلى بداية الأزمة من المؤسسات المالية إلى العام ٢٠١٨ حيث وصلت وقتها مصر إلى أكبر دولة مدينة و أكبر دولة لديها عجز في الميزان التجاري و أن الإفراط في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية من طرق و كباري و مدن جديدة كان غير مبرر و مازال".
