تداول عدد من مستخدمي موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، خبرا ساخرا عن اكتشاف الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق بردية من الأسرة السابعة الفرعونية تقول إن "أبو الهول كان إماراتيا ، وكان متزوجا من الملكة حتشبسوت واسمه الحقيقي أبو نواف".
وبرغم أن القصة ساخرة؛ إلا أنها ربما تكون، كما يقول نشطاء، وسيلة جديدة من قبل حكام الانقلاب لإرضاء حاكم الإمارات محمد بن زايد، وهو ما يشير إلى آثار وتاريخ مصر في يد وجيب حكام الإمارات.
احتكار منطقة الأهرامات إماراتيا 20 عاما
التغيرات التي طرأت على مصر منذ وصول حكم العسكر، كشفت أن القرارات ليست في يد المسئولين المحبين للوطن، بل لإعلاء مصلحة السبوبة وضمان الولاء لمن يدفع.
هذا ما أكده محمد إسماعيل، المشرف العام على مشروع تطوير منطقة أهرامات الجيزة، أنه تم إسناد إدارة المنطقة لشركة إماراتية لمدة عشرين عاما.
وأوضح "إسماعيل" إحدى الشركات الإماراتية المتخصصة في مجال العروض الخاصة بالصوت والضوء بطلب للشركة القابضة للصوت والضوء لتطوير العرض الخاص بمنطقة أهرامات الجيزة.
كما أكد أن عقود الرعاية لمدة 20 عاما بين شركة الصوت والضوء وبين الشركة الإماراتية ولا دخل لوزارة الآثار بها، حيث أن شركة الصوت والضوء تتبع وزارة قطاع الأعمال.
حرامية الآثار
يجرنا الأمر إلى ما كشفته تحقيقات قضائية فرنسية عن ارتباط دولة الإمارات بعصابة دولية لتهريب آثار بعد حل لغز قضية آثار كبرى تشمل قطعا مصرية مهربة إلى أبوظبي.
ووجه القضاء الفرنسي قبل أشهر اتهامات في قضية الإتجار بآثار منهوبة من دول في الشرقين الأوسط والأدنى تشهد اضطرابات سياسية وحروبا، إلى ألماني لبناني يملك معرضا للتحف، ووضعته قيد التوقيف الاحتياطي.
وأفاد المصدر بأن تهم الاحتيال ضمن عصابة منظمة وتشكيل عصابة إجرامية ، وتبييض أموال ضمن عصابة منظمة وجهت إلى الرجل الذي كان مطلوبا بموجب مذكرة توقيف أوروبية.
وأشارت صحيفة “Le Canard enchaine” التي نشرت خبر تسليمه لفرنسا، إلى أن المشتبه به يملك معرضا في مدينة هامبورج الألمانية.
وأوردت الصحيفة أن الهيئة المركزية لمكافحة الإتجار بالممتلكات الثقافية تركز في التحقيق الذي تتولاه على معرفة ظروف حصول متحف اللوفر في أبوظبي، من خلال صاحب المعرض الألماني اللبناني، على خمس قطع أثرية أخرجت بشكل غير قانوني من مصر وتبلغ قيمتها عشرات الملايين من اليوروهات.
وسبق أن وُجهت التهم نفسها في 26 يونيو 2020 إلى خبير فرنسي بآثار المتوسط، “كريستو كونيكي” وإلى زوجته “ريشار سمبير” بعد انتهاء فترة حبسهما على ذمة التحقيق ثم تخليتهما مع مراقبة قضائية.
ويشتبه في أن المتهمين وهما من الشخصيات المحترمة في أوساط الآثار في العاصمة الفرنسية قاما بـغسل قطع أثرية منهوبة في دول عدة شهدت عدم استقرار سياسي منذ 2010 زمن الربيع العربي ، خصوصا مصر وليبيا واليمن وسوريا.
وقالت مصادر مطلعة على الملف يومها إن "هذا الإتجار شمل مئات القطع بقيمة عشرات ملايين اليوروهات".
وتتورط الإمارات بعمليات سرقة ممنهجة للآثار التاريخية في عديد الدول أبرزها اليمن وسوريا والعراق في إطار جهود إيجاد تراث ثقافي مزعوم للدولة حديثة النشأة.
لوفر أبوظبي
وتشهد دولة الإمارات في العقدين الأخيرين سعي حثيث نحو تسلُح ثقافي، فالدولة التي صارت قبلة عدد ضخم من السياح بسبب السباق المعماري حامي الوطيس الذي يجري على أراضيها، تسعى تغيير صورتها النمطية بكونها صحراء لا تاريخ ولا ثقافة لها.
ففي سبتمبر 2017 ومع الدعاية الكبيرة التي سبقت افتتاح متحف اللوفر أبو ظبي، تبين وجود عشرات القطع الأثرية المصرية ضمن المعروضات، وهو ما أثار ضجة واسعة في مصر وسط تساؤلات عن كيفية وصول تلك القطع إلى هناك، سواء عن طريق التهريب أو من خلال وزارة الآثار.
مسؤولو الانقلاب في مصر نفوا وقتها أن تكون القاهرة قد أرسلت أي قطع أثرية للعرض في المتحف، ولكنهم دافعوا في الوقت ذاته عن وجود القطع الأثرية في المتحف، بدعوى أن اللوفر أبو ظبي استعار 600 قطعة من متحف اللوفر الفرنسي بينها قطع مصرية، وفق تصريحات وزير الآثار خالد العناني وقتها.
وذكرت مصادر أخرى أن المتحف قام باستعارة قطع أثرية مصرية من 10 متاحف أخرى في فرنسا، لكن التحقيقات التي تجريها السلطات الفرنسية حاليا، تشير إلى أن المتحف يمتلك بالفعل قطعا خرجت من مصر بشكل غير قانوني.
قضية الآثار الكبرى
وفي منتصف العام الماضي، تحدثت تقارير صحفية عن ورود اسم السفير الإماراتي بالقاهرة حمد سعيد الشامسي، فيما يعرف إعلاميا في مصر بقضية الآثار الكبرى، المتهم فيها رجل الأعمال المعتقل حسن راتب، والنائب السابق علاء حسنين المعتقل أيضا بتمويل وتهريب الآثار.
وتعاني مصر من عمليات واسعة لنهب وتهريب الملايين من آثارها منذ عشرات السنين، وازدادت هذه الجرائم عقب الانفلات الأمني الذي أعقب ثورة 25 يناير 2011 ونُهبت آثار من متاحف ومساجد ومخازن، بخلاف عمليات التنقيب السري التي يقوم بها مواطنون.
ويرجع بعض المختصين تزايد جرائم نهب الآثار إلى ضعف تطبيق القوانين ومشاركة شخصيات نافذة في عصابات وتهريب الآثار، فضلا عن ضعف نظم الحراسة على الكثير من الأماكن الأثرية، وعدم تسجيل وتوثيق آلاف القطع الأثرية المكدسة في مخازن كثيرة على امتداد البلاد.
وتشير أرقام وزارة الآثار المصرية إلى أن أكثر من 32 ألف قطعة أثرية فقدتها مصر على مدار أكثر من 50 عاما، وهي تشير إلى الآثار المسجلة فقط، بينما ذكر وزير الآثار الأسبق زاهي حواس في تصريحات صحفية أن "ثلث الآثار المصرية منهوبة، وتستغلها الدول الأجنبية في جذب السياحة إليها وتحقيق دخل جيد".
