قدمت مجموعتان أمريكيتان من جماعات الدفاع عن حقوق الإنسان شكوى مشتركة يوم الاثنين تطلبان من المدعي العام الوطني الفرنسي لمكافحة الإرهاب والأمم المتحدة التحقيق في تواطؤ باريس في جرائم ضد الإنسانية في مصر، وفقا لموقع "ديسكلوز" الإخباري الاستقصائي.
وتدعو المجموعتان، وهما "مصريون في الخارج من أجل الديمقراطية" و"كود بينك"، إلى التحقيق بعد أن كشف الموقع الفرنسي عن "إعدام مدنيين" في القاهرة وغارات جوية عشوائية للاشتباه في عمليات تهريب عبر الحدود مع ليبيا، والتي أصبحت ممكنة بفضل المعلومات الاستخباراتية التي قدمها الجيش الفرنسي إلى مصر قبل ست سنوات.
وقالت لويز دوماس، إحدى المحاميتين في الشكاوى المشتركة: "من المأمول أن تغتنم النيابة العامة هذه الفرصة لوضع حد للإفلات من العقاب على الجرائم التي ارتكبها نظام السيسي، بما في ذلك التعذيب، بتواطؤ من مسؤولين فرنسيين، وكل ذلك في إطار عقود الأسلحة غير الشفافة".
كما أحالت المجموعتان القضية إلى ثلاثة مقررين خاصين للأمم المتحدة – معنيين بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء وبإجراءات موجزة والإعدام التعسفي، وبالتعذيب، وبتعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب.
وقالت هايدي ديكستال، المستشارة القانونية الأخرى للمنظمات غير الحكومية "ويسمح تقرير الأمم المتحدة بأن ينظر المقررون الخاصون للأمم المتحدة في الأثر والضرر اللذين لحق بالضحايا المباشرين الذين قتلوا وأصيبوا جراء الهجمات المستهدفة التي شنتها مصر ضد المدنيين، مع الاعتراف أيضا بالضرر الذي لحق بالأسر التي عانت هي نفسها كضحايا غير مباشرين حرموا من الحق في الحياة الأسرية والتصدي له، إلى سبيل انتصاف وإلى الحقيقة".
العملية سيرلي
ونشر تقرير "إفليكس" الأولي – استنادا إلى وثائق مسربة – في نوفمبر، وأشار إلى أن البلدين تعاونا في مهمة أطلق عليها اسم "عملية سيرلي"، والتي كانت تركز في الأصل على توفير معلومات استخبارية حول تهديدات المتشددين على طول الحدود الغربية لمصر.
ووفقا لتلك الوثائق، تورط الجيش الفرنسي في ما لا يقل عن 19 غارة جوية ضد مدنيين يشتبه في تهريبهم بين عامي 2016 و2018.
وبعد الكشف العام الماضي عن أن العملية الفرنسية لمكافحة الإرهاب في مصر – التي يعود تاريخها إلى عام 2015 – كانت تستخدم في القمع الداخلي، قدمت وزارة الدفاع الفرنسية شكوى قانونية في نوفمبر بشأن "انتهاك السرية الوطنية".
ووفقا للوثائق، نبه الجنود الفرنسيون الذين أرسلوا إلى مصر رؤساءهم في مناسبات عديدة بين عامي 2016 و2019 بشأن الانتهاكات التي تحدث كجزء من عملية سيرلي.
وعلى الرغم من هذه التقارير، التي وصلت إلى قصر الإليزيه، لم يضع الرئيس آنذاك، فرانسوا هولاند، ولا خلفه إيمانويل ماكرون حدا لهذه المهمة، مما دفع المنظمات غير الحكومية إلى اتهام الدولة الفرنسية بالتواطؤ في عمليات الإعدام التعسفي.
وقالت الشكوى أيضا إن المعاناة التي عانى منها الناجون في أعقاب الغارات الجوية يمكن أن تشكل "جرائم تعذيب". ويمكن محاسبة الجناة بسبب الولاية القضائية العالمية، التي تسمح للقضاء الفرنسي بمقاضاة واتهام الجرائم الخطيرة التي يرتكبها مواطنون فرنسيون وغير فرنسيين خارج البلاد.
ومن المتوقع أن تظهر التحديات في الوقت الذي تحمي فيه عملية سيرلي بطبيعتها السرية كقضية أمن قومي. وخلصت وزارة القوات المسلحة في فبراير الماضي إلى أن العملية اتخذت تدابير وقائية واحترمت إطارا واضحا.
وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها باريس لتحويل صادراتها من الأسلحة إلى أوروبا، لا تزال مصر واحدة من المتلقين الرئيسيين للمعدات العسكرية الفرنسية.
ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كانت فرنسا بين عامي 2013 و2020 أكبر مصدر للأسلحة في الاتحاد الأوروبي إلى مصر والثانية عالميا بعد روسيا، متجاوزة الولايات المتحدة. ارتفع حجم صادرات الأسلحة من فرنسا بشكل كبير مقارنة بالسنوات التي سبقت حكم عبد الفتاح السيسي.
كما وقعت فرنسا صفقة بقيمة 4 مليارات يورو (4.5 مليار دولار) في مايو 2021 لبيع طائرات رافال المقاتلة إلى مصر، على أن يتم تسليمها في عام 2024.
في ديسمبر 2020، أعلن الرئيس ماكرون أنه لن يجعل مبيعات الأسلحة إلى مصر مشروطة بحقوق الإنسان، لأنه لا يريد إضعاف قدرة القاهرة على مكافحة التشدد في المنطقة.
https://www.middleeasteye.net/news/france-egypt-libya-border-operations-crimes-against-humanity-sued
الأمم المتحدة
وقال ناشطون البلاغ الذي قدمه آخرون إلى الأمم المتحدة للتحقيق مع المسؤولين المصريين الذين قتلوا العمال المصريين المدنيين ومئات آخرين من مهربي السلع بين مصر وليبيا بزعم أنهم إرهابيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية.
ويبدو بحسب مراقبين أن السيسي علم بذلك فكانت المرة الاولى أيضا أن يغيب السيسي عن حضور الجمعية العامة للامم المتحدة التى ستبدأ الثلاثاء فى نيويورك، حيث أن أحد أسباب غيابه؛ رفض الإدارة الأمريكية عقد أي لقاء معه.
وبالتوازي مع تقديم شكوى للقضاء الفرنسى، أخطرت المنظمتان ايضا مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالات الإعدام خارج القضاء والإعدام بإجراءات موجزة والإعدام التعسفي، وكذلك نظيره المسؤول عن التعذيب والشخص الذي يعمل لصالح تعزيز وحماية حقوق الإنسان في مكافحة الإرهاب.
وقالت أنياس كالامارد الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، والمحقق الأممي السابق بحقوق الإنسان إنه "تم تقديم شكوى بشأن جرائم ضد الإنسانية والتعذيب ضد مصر والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية والتعذيب ضد فرنسا فيما يتعلق بإجراءات الإعدام الموجزة ضد المدنيين كجزء من العملية سيرلي".
وأعلن ناشطون أن "حزب أمل مصر" تمكن من تقديم دعوى ومنظمات حقوقية منها "أمنستي انترناشيونال" قبلها القضاء الفرنسي وتتعلق بقضية"العملية سيرلي" وقتل المدنيين خارج إطار القانون، ونشرت وكالة (AFB) لخبر قبول القضاء الفرنسي الدعوى نقلا عن "اللوموند الفرنسية".
وفي العملية سيرلي قتل السيسي بمشاركة قوات فرنسية ومخابرات من البلدين "مئات المدنيين من مهربي السلع الغذائية بين مصر وليبيا بزعم أنهم إرهابيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية ومحاكمتهم أمام المحاكم الفرنسية بحكم اختصاصها القضائي العالمي".
وقالت دوريات عالمية إنه "يمكن للعدالة الفرنسية أن تقاضي وتحكم على جريمة حتى عندما تُرتكب خارج أراضيها ومن قبل مواطنين أجانب".
