“ناشيونال”: ارتفاع معدل المواليد يفاقم أزمات حكومة الانقلاب

- ‎فيأخبار

ارتفع عدد سكان مصر بمقدار مليون نسمة إلى 104 ملايين نسمة في غضون 221 يوما فقط، حسبما أعلن مسؤولون يوم السبت، مؤكدين تحذيرات حكومة الانقلاب من أن ارتفاع معدل المواليد في البلاد هو أحد أخطر العقبات أمام التقدم.

قال وزير الإسكان بحكومة الانقلاب عاصم الجزار، الثلاثاء الماضي، إن مصر بحاجة إلى بناء 600 ألف منزل سنويا لمواكبة عدد السكان، بعد أن أنفقت نحو 1.1 تريليون جنيه مصري (نحو 56 مليار دولار) على مشروعات إسكانية على مدى السنوات العشر الماضية.

يأتي ذلك رغم أن حكومة الانقلاب نجحت في خفض معدل المواليد من 3.5 لكل امرأة (وهو ما يترجم إلى 35 طفلا لكل 10 نساء) في عام 2014 إلى 2.8 في عام 2021 ، إلا أنها تقول إن هذا لا يزال أقل بكثير مما هو مطلوب.

ويشير موقع "ذا ناشيونال نيوز" في التقرير الذي نشره عن عدد السكان في مصر، إلى ما أكدته الدكتورة هدى الملاح، الخبيرة الاقتصادية في هيئة التخطيط العمراني حيث قالت للموقع: "تواجه الدولة بعضا من أخطر تحدياتها في سعيها لوضع حد أقصى للزيادة السكانية. عندما يكون لديك بلد ناتج محلي إجمالي مثل بلدنا ومثل هذا العدد الكبير من السكان، فإن الدولة ستكافح حتما من أجل التنمية بغض النظر عن مدى صعوبة محاولتها".

في حين يتفق معظم الخبراء على أن النمو السكاني في مصر هو ببساطة مرتفع للغاية بالنسبة لبلد من موارده ومساحته الصالحة للسكن، يقول البعض إن جزءا من المشكلة هو سياسة تهدف إلى خفض معدل المواليد مع إهمال الاستثمار الكافي في التعليم وخلق فرص العمل لتعزيز الاقتصاد.

لكن عبد الفتاح السيسي، في اجتماع للمشروع القومي للتنمية الأسرية في وقت سابق من هذا العام، زعم أن النمو السكاني هو أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها البلاد في تطوير مختلف القطاعات، وخاصة التعليم، الذي اعترف بأنه أقل من المستوى بسبب نقص الأموال.

وأوضحت هدى أن النمو السكاني في مصر، وهو رابع أعلى معدل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مدفوع بعدد من العوامل التي يصعب تغييرها.

ومن بين الأسباب الرئيسية المعتقدات والممارسات التقليدية الراسخة، ولا سيما في المناطق الريفية، ومن أهمها الميل إلى الزواج المبكر، الذي كثيرا ما يشجعه الوالدان.

وتابعت: "عندما يتزوج الأزواج في سن مبكرة جدا بناء على طلب والديهم، فإنهم لا يفكرون حقا في زواجهم، وما ينتهي بك الأمر هو أن الأزواج الشباب لديهم العديد من الأطفال بسرعة كبيرة قبل أن يدركوا أنهم قد لا يكونون قادرين على التعامل مع الضغوط المالية لوجود عائلة كبيرة".

وأردفت:" كونها مجتمعا أبويا، غالبا ما تفضل الأسر في مصر إنجاب الأبناء على البنات، مما يجعلهم يستمرون في محاولة إنجاب صبي حتى بعد أن يكون لديهم فتاة أو فتاتان"، موضحة أن الفقر هو محرك آخر للنمو السكاني.

وكانت المحافظات التي سجلت أعلى معدلات المواليد في عام 2021 هي أسيوط والمنيا وقنا وسوهاج، وهي أيضا من أفقر المحافظات وأكثرها ريفية.

وواصلت:"بالنسبة للعديد من الأسر المصرية، فإن إنجاب العديد من الأطفال يضمن تدفقا ثابتا للدخل إلى الأسرة، ومع استمرار ارتفاع تكلفة المعيشة، غالبا ما تجد الأسر صعوبة في تغطية نفقاتها، مما يجعلها تنجب المزيد من الأطفال لتقاسم العبء".

تقول نانا أبو السعود، الباحثة في مجال الحقوق الإنجابية، إن الدافع الآخر للآباء والأمهات لتكوين أسر كبيرة هو ضمان حصولهم على الدعم عندما يتقدمون في السن من أن يتمكنوا من العمل أو الاعتناء بأنفسهم.

وترى أن برامج حكومة الانقلاب للسيطرة على السكان، مثل خطة "اثنان كفاية" المستوحاة من الصين والتي أطلقت في عام 2018 والتي قدمت حوافز مالية للأزواج الذين لديهم طفلان فقط، غالبا ما تفتقر إلى الحساسية الثقافية اللازمة للتواصل عبر مقاطعات البلاد ال 27، التي غالبا ما تكون ديناميكياتها الاجتماعية مختلفة إلى حد كبير.

وتابعت: "الكثير من هذه البرامج يبتكرها المنظمون في القاهرة حول مناطق لا يعرفون عنها الكثير".

واستطردت "كل محافظة تأتي مع مجموعة فريدة من التحديات الخاصة بها. ففي شمال سيناء، على سبيل المثال، قد لا تستجيب النساء لحملات الحد من عدد السكان لأن هناك عددا قليلا من طبيبات أمراض النساء المتاحات هناك لتثقيفهن وأنهن محافظات جدا بحيث لا يستطعن رؤية طبيب ذكر. وفي مجال آخر، لا تملك النساء الأموال اللازمة لتغطية تكاليف نقلهن لزيارة الطبيب والحصول على وسائل منع الحمل أو الاستشارات".

وهناك مشكلة أخرى تتمثل في الاعتماد على التمويل الأجنبي. وخلص تقرير صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية لعام 2021، والتي كتبت لها أبو السعود تقارير، إلى أن حكومة السيسي لا تنفق أيا من ميزانيتها على مبادرات الحد من السكان، وأن هذه المبادرات تمولها برامج المساعدات التي تتخذ من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مقرا لها.

وتقول أبو السعود إن أجندة الجهات المانحة تلعب دورا مهما في البرامج الممولة من الخارج، لذلك فهي تركز على تحقيق رؤية الدول أو المؤسسات التي تدفع ثمنها على حساب الفائدة التي تعود على المصريين.

وأكملت:"ما ينتهي بك الأمر هو برامج جامدة تتوقع من المشاركين القيام بشيء معين أو التصرف بطريقة معينة ويتم تجاهل أي أسئلة أو مشاكل قد تكون لديهم لا علاقة لها بجدول الأعمال الصارم للبرنامج. وهذا يؤدي إلى عدم استفادة الكثيرين من البرنامج على الإطلاق".

ولأن تنفيذ البرامج غالبا ما يكون متسرعا، فإنها تفتقر إلى التقييم المناسب.

تقول أبو السعود: "في بعض الأحيان تعمل هذه البرامج بشكل جيد حقا، كما كان الحال مع بورسعيد، على سبيل المثال، التي أدت إلى انخفاض معدل المواليد بشكل كبير في السنوات ال 10 الماضية". مضيفة "ما ينقصنا هو الجهود المبذولة لتحديد ما نجح بالضبط في بورسعيد حتى يمكن إعادة تطبيقه في مكان آخر.

واختتمت "الحكومة لا تفعل ذلك، مما أعاق جهودها الأكبر للسيطرة على السكان بشكل كبير. هناك سوء إدارة للموارد المتاحة يحتاج إلى تصحيح".

 

https://www.thenationalnews.com/weekend/2022/10/07/booming-birth-rate-is-giving-egypt-growing-pains/