ساق الباحث عبدالمنعم منيب نحو 16 دليلا على الأصول الأصول الصليبية لسد النهضة الإثيوبي تدعم جميعها تأثيرا سلبيا على نهر النيل القادم إلى مصر والسودان.
وفي ورقة نشرها موقع (البيان) من لندن، بعنوان "الأصول الصليبية لبناء سد النهضة الإثيوبي على نهر النيل" https://albayan.co.uk/Article2.aspx?ID=14057 أشار منيب إلى أن "اتصالات مهمة جرت بين إثيوبيا وقوى أوروبية عدة، فبعد هزيمة البيزنطيين في ملاذكرد عام 1071م دعا بابا روما إلى إطلاق الحملات الصليبية على المشرق وفي نفس الوقت تواصل مع ملك الحبشة، طالبا منه أن يضغط عسكريا على المسلمين في إطار الحملات الصليبية كي تكون الحرب على المسلمين من جهة الجنوب أيضا وليس من الشمال فقط، وقد أرسل ملك الحبشة يوحنس عام 1165م إلى الإمبراطور البيزنطي كومنيوس يخبره بتجهزه للحرب من أجل المسيحيين، كما تبادل البابا إلكسندر الثالث مع النجاشي رسائل سنة 1177م تهدف أن تساهم الحبشة في القضاء على الإسلام والمسلمين".
تحويل مجرى النيل
وقال الباحث إن "النزاع اشتد بين المماليك والبرتغاليين عقب كشف طريق رأس الرجاء الصالح، أرسل البوكرك – قائد الأسطول البرتغالي – إلى ملك البرتغال يطلب إمداده بعدد كبير من العمال المدربين على قطع الصخور وحفر الأرض، للعمل فورا على تحويل مجرى النيل".
وأضاف أن "اتصالات متكررة بين بابوات روما أو ملوك أوربيين منهم ملوك فرنسا والبرتغال وأرجونة وقبرص من جهة وبين ملوك الحبشة (إثيوبيا الحالية) المتعاقبين من جهة أخرى بهدف الضغط العسكري على دولة الإسلام عبر الجنوب وعبر البحر الأحمر".
إستراتيجية التحويل
وأكد أن "أحد إستراتيجيات الحبشة وحلفائها الأوربيين كان هو تحويل مياه النيل عن الجريان في اتجاه مصر من أجل تجويع سلطنة المماليك في مصر، مستندا إلى قول د.سعيد عبد الفتاح عاشور "وهناك في المصادر ما يشير إلى أن ملوك الحبشة هددوا بتحويل مجرى النيل للقضاء على دولة المماليك قضاء تاما".
وأوضح أن فيليب دي ميزيير – صاحب المشروع الصليبي الكبير في القرن الرابع عشر- أشار إلى إمكان تنفيذ مشروع تحويل مجرى النيل للقضاء على دولة المماليك قضاء تاما.
وأضاف أرسل الفونس الخامس ملك أرغونة إلى ملك الحبشة سنة 1450 يطلب منه أن يعمل على تحويل مجرى النيل ومهاجمة مصر من الجنوب، في الوقت الذي يقوم ألفونس نفسه بغزو بيت المقدس وفلسطين.
وتابع "أرسل البوكرك – قائد الأسطول البرتغالي – إلى ملك البرتغال يطلب إمداده بعدد كبير من العمال المدربين على قطع الصخور وحفر الأرض، للعمل فورا على تحويل مجرى النيل"
ونقل عن نصر وثيقة محققة تقول " انطلاقا من التقارير القادمة من أديس أبابا عن المناقشات مع بتريديس (مستشار إمبراطور إثيوبيا) في السنوات الأخيرة والكلام الذي يصدر من حين لآخر عن السفير الإثيوبي في القاهرة، فإنه لو امتلك الإثيوبيون ثروة تضاهي في أي وقت أفكارهم بشأن النيل، كان الله في عون مصر".
محاولة لويس الرابع عشر
وأشار الباحث إلى محاولات تحويل مجرى النيل الأزرق، ومنها؛ محاولة ملك فرنسا لويس الرابع عشر، بالاتفاق مع ياسو ملك الحبشة سنة 1705، وأرسل المسيو "لانوا ردى رول" محملا بالهدايا للقيام بالمهمة فأرسلت مصر العثمانية إلى مملكة "سنار" لتعترض المبعوث الفرنسي فاعترضته قوات مملكة "سنار" وقتلته هو ومن معه، وكان ذلك سببا لنشوب حرب بين الحبشة ومملكة "سنار" انتهت بهزيمة الأحباش.
وأشار إلى أنه أثناء النزاع بين مصر وإثيوبيا في عهد الخديوي سعيد على الحدود الشرقية للسودان كتب القنصل الفرنسي في مصر بنديتي إلى حكومته في نوفمبر 1856 أن الإمبراطور الإثيوبي تيودور يهدد بالإغارة على السودان المصري ويريد تحويل مجرى النيل حتى يجعله يصب بالبحر الأحمر.
وأبان أنه "وفي فترة الاحتلال الإيطالي للحبشة في ثلاثينيات القرن العشرين، فكر الإيطاليون في تحويل مياه النيل الأزرق إلى البحر الأحمر ومنعها من الوصول إلى مصر، لكنهم اصطدموا بالتضاريس التي جعلت عملية التنفيذ صعبة، كما أن الإنجليز لم يمهلوهم وتدخلوا وأخرجوا إيطاليا من إثيوبيا عام 1941".
وثائق تاريخية
وكشف الباحث عن أدلة بالوثائق، ومنها؛ وثيقة سرية لوزارة الخارجية البريطانية تم رفع السرية عنها مؤخرا تكشف أن بريطانيا في الفترة 1961-1962 سعت لإيجاد حالة من التفاهم بين مصر والسودان وأثيوبيا حول إدارة مياه نهر النيل ورغم أنها فشلت في ذلك لأسباب مختلفة".
وأضافت أن وثيقة الخارجية البريطانية أشارت إلى أن "نقاش البريطانيين مع محمد فائق أحد مستشاري جمال عبد الناصر ، اعتبر هذا المسئول المصري أن إثيوبيا لن تمتلك القدرة على تنفيذ مخططاتها للهيمنة على نهر النيل".
وقالت الخارجية تعقيبا "إثيوبيا ليست بحاجة لأي ماء فهي أغنى مكان في العالم بالمياه العذبة ، حيث يسقط على إثيوبيا 936 مليار متر مكعب من الأمطار سنويا، ولا حاجة لديها للمياه إلا إذا كان الغرض هو منعها عن الآخرين، إذ إن نصيب الفرد من المياه في إثيوبيا ثلاثة أضعافه في مصر".
وثيقة بريطانية
وأضاف أن وثائق وزارة الخارجية البريطانية السرية المرفوع عنها السرية مؤخرا، كشفت أنه في 24 نوفمبر 1961، عرض بتدريديس، مستشار الحكومة الإمبراطورية الإثيوبية لشؤون المياه، على السفارة البريطانية في أديس أبابا الاقتراح، وتقول الوثائق إن "السفارة البريطانية في إثيوبيا تعاملت بجدية مع عرض "بتدريديس"، اليوناني الجنسية، وفي تقرير إلى الخارجية في لندن، قالت السفارة إن بتدريديس أبلغها أنه أعد ورقة لمجلس الوزراء الإثيوبي والإمبراطور توصي بضرورة أن تتعاون الحكومة الإثيوبية مع حكومة جلالة الملكة البريطانية ودول منابع النيل عموما لصياغة سياسة مشتركة".
الإنجليز أحرص علينا
وبحسب "منيب" علقت وزارة الخارجية البريطانية ووزارة شؤون المستعمرات على رفض العرض الإثيوبي، الذي وصف بأنه يدعو للأسف وإن كان غير مفاجئ بتشكيل جبهة في مواجهة مصر والسودان ، لأنه سوف يعقد الأمور وقد كانت السفارة البريطانية في إثيوبيا أيدت التقييم نفسه، ما جعل الخارجية تتبنى، في مذكرتها، الرأي بأن أفكار الإثيوبيين غير معقولة ولا يمكن قبولها.
النيل لنا
وأضاف إلى أدلته ومنها مقال "مأزق على النيل" والذي نشره مركز كارنيجي للشرق الأوسط وذكر أنه كادت تندلع حرب بين مصر وإثيوبيا سنة 1979، عندما ردت مصر على سعي إثيوبيا لبناء سد أوحشدت قواتها في السودان، كما لوحت مصر باللجوء إلى العمل العسكري ضد إثيوبيا مرة أخرى سنة 1994 بسبب كشف أثيوبيا عن خطط لبناء سد على نهر النيل".
واعتبر الباحث أن تصريح الإثيوبيين "النيل لنا" كشف عن خطة وأمل تحقق للإثيوبيين، وقال "وزير الخارجية الأثيوبي فور انتهاء إثيوبيا من الملء الأول لسد نهضة في 2020، يغرد على حسابه في تويتر قائلا باللغة الأمهرية "تهانينا، سابقا كان النيل يتدفق، والآن أصبحت هناك بحيرة، ولن تتدفق مياهها نحو النهر، ومنها ستحصل إثيوبيا على تنميتها المنشودة، في الحقيقة.. النيل لنا".
واستند الباحث إلى تصريح وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق محمد نصرالدين علام "إثيوبيا تهدف إلى الهيمنة المائية لتغيير ميزان القوى الإستراتيجي في شرق إفريقيا".
إثيوبيا تهيمن
ولفت الباحث إلى أن إثيوبيا تكذب عندما تصرح أنها تفعل ذلك من أجل حاجتها للتنمية الاقتصادية ، وليس بهدف خنق مصر والسودان عكس ما كانت تهدف خططها في الماضي البعيد والقريب على حد سواء".
وأضاف "إثيوبيا ليست بحاجة لأي ماء فهي أغنى مكان في العالم بالمياه العذبة، حيث يسقط على إثيوبيا 936 مليار متر مكعب من الأمطار سنويا، ولا حاجة لديها للمياه إلا إذا كان الغرض هو منعها عن الآخرين، إذ إن نصيب الفرد من المياه في إثيوبيا ثلاثة أضعافه في مصر، والأراضي المزروعة فعلا في إثيوبيا عشرة أضعاف الأراضي الزراعية في مصر، وعدد رؤوس الماشية في إثيوبيا 13 ضعف عددها في مصر، وتستهلك أكثر مما يستهلكه 100 مليون نسمة في مصر، وعدد أحواض الأنهار في إثيوبيا تسعة أحواض بكل حوض عشرات الأنهار، مقابل نهر يتيم بلا روافد أو فروع في مصر، أما بحيرة تانا في إثيوبيا التي ينبع منها النيل الأزرق فبها مياه تستأثر بها إثيوبيا وحدها تزيد على كامل حصة مصر من المياه، وإثيوبيا بها خزان سد تيكيزي على عطبرة أحد روافد النيل يضم 10 مليارات متر مكعبة تستفيد منها إثيوبيا، وعدد السدود المقامة على الأنهار والبحيرات في إثيوبيا 12 سدا، إضافة إلى سدها الأخير أي 13 سدا مقابل سد وحيد في دولة صحراوية جافة هي مصر".
