دانت منظمات حقوقية الإنسان قرار حكومة السيسي استبعاد سكان سيناء من المشاركة في قمة المناخ المقبلة للأمم المتحدة، وطالبت "الأخذ بعين الاعتبار معاناة سكان الأرض المضيفة للمؤتمر (شبه جزيرة سيناء) وحقهم في الحماية الإنسانية والبيئية، ليس فقط من التغيرات المناخية المرتقبة، ولكن من انتهاكات ممنهجة لحقوقهم من قبل السلطات ".
ويوم الأربعاء الماضي ، دعت ثماني مجموعات من حقوق الإنسان المصرية الحاضرين COP27 إلى "الأخذ في الاعتبار معاناة السكان الذين يعيشون على الأرض التي تستضيف المؤتمر ، شبه جزيرة سيناء ، والاعتراف بحقوقهم الإنسانية ، والتي تشمل الحق في حماية البيئة ".
وأوضحت المنظمات أن حكومة السيسي استبعدت جماعات أو ممثلين عن سكان وقبائل سيناء للمشاركة في مؤتمر المناخ أو في اجتماعات على هامش فعالياته، ومنعت أيضا أي منظمة مصرية تتخذ من سيناء مقرا لها، أو مجالا رئيسيا لنشاطها.
وأكدت المنظمات أن هناك موضوعات بيئة ومناخية تهم أهالي سيناء ومنها "تراجع ثروة النخيل، ونحر الشواطئ، وانخفاض مخزون المياه الجوفية، وارتفاع درجات الحرارة، وتهديد البيئة البحرية والشعاب المرجانية، والتي تعجز مجموعات حماية البيئة في سيناء عن التطرق لها بسبب القيود المفروضة على البحث والتوثيق والتعبير والنقد والخوف من الانتقام والملاحقة".
تهميش متعمد
ولفتت المنظمات في بيان مشترك أن المؤتمر، المقرر انعقاده في مدينة شرم الشيخ بجنوب سيناء في نوفمبر المقبل، يبعد عشرات الكيلومترات فقط عن مناطق – خاصة في شمال سيناء – شهدت تهميشا رسميا متعمدا لعقود، وانتهاكات جسيمة لحقوق سكانها.
وأضافت أنه على مدى عقد كامل اشتعلت على أراضيها الحرب ضد الإرهاب، ونالت ويلاتها من البيئة وحقوق السكان الأصليين والبنية الأساسية وخصوصا في قطاعي التعليم والصحة".
ونبهت إلى أنه "رغم تكرار التصريحات الرسمية مؤخرا وتصاعد المؤشرات الميدانية بقرب انتهاء العمليات العسكرية في شمال سيناء، تبقى هذه الانتهاكات الجسيمة بلا محاسبة أو علاج ، وأن ذلك يفرض على الدول المشاركة في مؤتمر المناخ مسئولية التطرق لمعاناة سكان الأرض التي تستضيفهم، كجزء من دفاعهم المشروع عن حياة وسلامة كل سكان الأرض وتأمينهم من تغيرات مستقبلية خطيرة".
تعويض المهجرين قسرا
وطالبت المنظمات بإعادة وتعويض المهجّرين قسرا من سيناء، وأكدت على المطالبة بالتوقف عن نزع ملكيتهم للأراضي والمنازل والموارد والإقرار بحقوقهم في ملكيتها، وضمان حقهم في حرية الحركة والتعبير والتنظيم والتجمع السلمي، ومكافحة سياسات التهميش والتمييز ضد المجتمع المحلي، والاعتراف بمظالم سكان سيناء، والاعتذار عن الانتهاكات البشعة التي ارتكبتها قوات الجيش والحكومة بحقهم، ومحاولة جبرها عبر برنامج عدالة انتقالية متكامل، فضلا عن السماح للمقرر الأممي الخاص المعني بمكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان بزيارة سيناء ودراسة تأثيرات الحرب على سكانها المحليين؛ تعد مطالب أساسية وأولية لا يمكن التغافل عنها أو تجنب التطرق لها في محفل دولي رفيع المستوى تستضيفه منطقة شبه جزيرة سيناء.
تجريف الأراضي الزراعية
وفي مناسبة مؤتمر المناخ لفتت المنظمات إلى تقرير لمؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، الذي قال إنه "منذ عام 2013 احتدمت المواجهات المسلحة في شمال سيناء بين قوات الحكومة المصرية وجماعة “ولاية سيناء” التابعة لداعش، وتحت ذريعة القضاء على هذا التنظيم الإرهابي هجّرت السلطات المصرية عشرات الآلاف من سكان شمال سيناء، وجرّفت الأراضي الزراعية، وفرضت قيودا على حركة البشر والبضائع أدت لشلل اقتصادي كامل".
ولفت التقرير إلى اعتقال الآلاف من سكان شمال سيناء وإخفائهم قسرا، وتعرض الأهالي للخطف والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون، ومنذ ذلك الحين تحولت شمال سيناء إلى منطقة عسكرية مغلقة تحت حصار إعلامي محكم لمنع تدفق المعلومات أو وصول الصحفيين والمراقبين المستقلين.
نتيجة منطقية
ورأت المنظمات أن غياب المجتمع السيناوي عن مؤتمر المناخ وفعاليته؛ "نتيجة منطقية لسياسات حكومة السيسي التي عملت على خنق كافة الأشكال التقليدية للتعبير والتجمع في مجتمع سيناء، بما في ذلك الدواوين والمجالس الشعبية، فضلا عن اعتقال العديد من النشطاء السيناويين السلميين الذين حاولوا تنظيم المجموعات المستقلة".
وأبانت أن هذه الانتهاكات أدت إلى تراجع العمل السلمي وإتاحة المجال أكثر للجماعات المتطرفة.
وكشفت أن ذلك "تسبب في تقويض قدرة منظمات المجتمع المدني ومنظمات الإغاثة المستقلة على الوصول لشمال سيناء، وعرقل إرسال البعثات أو المراقبين المستقلين، وكذلك الصحفيين والباحثين".
وطالبت المنظمات بـحماية سكان سيناء ليس فقط من الآثار المتوقعة لتغير المناخ ولكن أيضا من الانتهاكات المنهجية لحقوقهم من قبل الحكومة المصرية، لا يبعد المؤتمر سوى عشرات الكيلومترات عن المناطق المهمشة عمدا من قبل الدولة لعقود ، وخاصة في شمال سيناء ، بما في ذلك من خلال الانتهاكات الهائلة لحقوق الإقامة، كانت سيناء أيضا الساحة المركزية لـلحرب ضد الإرهاب ، والتي تؤثر على البيئة وحقوق السكان الأصليين والبنية التحتية ، مع انخفاض متعمد في القطاعات التعليمية والصحية.
وأضاف الموقعون "يفرض هذا الوضع على البلدان المشاركة في مؤتمر المناخ مسؤولية معالجة معاناة السكان على الأراضي التي تستضيفهم ، وإن شعب سيناء مثله مثل جميع سكان الأرض ، يحق لهم الدفاع المشروع عن حياتهم وسلامتهم ، ويجب دعم حقهم في حماية أنفسهم من التغيرات الخطيرة في المناخ".