مشهد إعدام آلاف الكتاكيت يؤكد انهيار صناعة الدواجن فى مصر بفعل فاعل، أو قل إنها مؤامرة كما مؤامرة القطن والأرز وسائر الصناعات الثقيلة.
منذ نحو عشرين سنة وأنا أشرف، ولا زلت، على أكبر دليل للإنتاج الداجنى والحيوانى فى مصر (تاما 5)، ومن قبل أشرفت على مجلة (بيطرة)، المتخصصة فى المجال ذاته بالإضافة إلى قطاع الأدوية البيطرية، من ثم فإنى أدرك قول إنها مؤامرة، الغرض منها تصفية ما تبقى من صناعات وطنية إستراتيجية.
لقد خرج علينا بالأمس نائب رئيس اتحاد منتجى الدواجن ناعيًا هذه الصناعة بقوله: (إنا لله وإنا إليه راجعون. ماتت صناعة الدواجن فى مصر)؛ مؤكدًا أن ملايين الأطنان من الأعلاف محتجزة فى الجمارك منذ أكثر من شهرين؛ ما دفع الكثير من المربين إلى التخلص من صوص الدجاج (الكتاكيت).
وهذا يؤكد المؤامرة الجديدة القديمة ضد هذه الصناعة التى يعمل بها ٣.٥ مليون مواطن يعولون نحو ١٥ مليون مصرى، وينتجون نحو ٢.٥ مليون دجاجة يوميًّا.. ألم يكن بالإمكان الإفراج عن هذه الشحنات من يوم وصولها كما يتم مع شحنات الكبار؟! أم أن هذا أمر مقصود ليتكرر سيناريو ٢٠٠٦ الأسود؟ قبل عام ٢٠٠٦ كانت مصر تكتفى ذاتيًّا من إنتاج الدجاج وتصدر فائضًا معقولًا، حتى وقعت جائحة إنفلونزا الطيور، وكانت بمثابة كارثة أعادت الصناعة للوراء عشر سنوات على الأقل، وما زاد من تأثيرها تخاذل نظام مبارك إزاءها، فلم يُعوّض المربون التعويض المناسب، ولم تُدرس آثار الجائحة، ولم تلتفت الحكومات المتعاقبة إلى مقترحات وآراء الخبراء والمربين للنهوض من جديد، بل تُرك المنتجون من يومها يعانون أشد المعاناة.
لو لم تكن مؤامرة لحافظوا على هذه الصناعة التى تغطى عجز اللحوم الحمراء ويعتمد عليها غالبية الشعب المصرى كمصدر أساس للبروتين وكواحدة من ضمانات الأمن الغذائى ومن ثم الأمن القومى.. لو لم تكن مؤامرة لوفرنا بدائل العلف المحلية وقد بُحت أصوات الأساتذة والخبراء والمربين للشروع فى هذه الإستراتيجية للاستغناء عن الاستيراد والتحرر من الاحتكار الأجنبى، والأمر نفسه ينطبق على باقى المغذيات من أدوية ولقاحات وغيرها.. لا أعتقد أن ما يجرى صدفة، أو إهمال أو بيروقراطية، وعندما أسمع عن صفقات دجاج مستورد بدأت فى الدخول إلى السوق المحلية مع بداية هذه الأزمة يتأكد لدي أنها مؤامرة، وأى مؤامرة؟!