نشرت مجلة "مودرن دبلوماسي" مقالا للمحلل السياسي، محمد نصير تطرق خلاله إلى إعلان سلطات الانقلاب التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي على قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار، مؤكدا أن الصفقة لن تعالج تحديات مصر الاقتصادية الأساسية التي تكمن في وجود رؤية مضللة بشكل أساسي للتنمية الاقتصادية جنبا إلى جنب مع الفساد المتجذر والمجتمع غير المنتج.
وقال الكاتب إن "المنح ليست دائما جيدة للبشرية في الواقع ، يمكن للمنح أن تثني الناس عن بذل جهود كافية، معتقدين أن ثروتهم من المفترض أن تدوم، وفي الوقت نفسه، فإن تاريخ مصر القديم إلى جانب ما يقرب من 3000 كيلومتر من شاطئ البحر الرائع غير مهم على الإطلاق ما لم تعرف حكومتها أفضل طريقة للاستفادة من هذه الموارد السياحية لتوليد إيرادات أجنبية وفيرة".
وأضاف أن عبارة أكبر من أن تفشل ، كانت معضلة مصر لأن حكومة السيسي واثقة من الاعتقاد بأن الدول القوية والغنية ستبقي مصر دائما عائمة.
وأوضح الكاتب أن سلطات الانقلاب، التي تضاعفت ديونها الخارجية أربع مرات في السنوات الثماني الماضية إلى أكثر من 157 مليار دولار، تتعرض لضغوط من صندوق النقد الدولي لتنفيذ إصلاحات اقتصادية، ومع ذلك كانت حكومة الانقلاب مترددة في تطبيق هذه الإصلاحات، وبدلا من ذلك أنفقت قروضها الأجنبية على مشاريع ضخمة غير مثمرة، وحافظت على الدعم لتجنب الاشتباكات المحتملة مع المواطنين الفقراء، وأبقت عددا هائلا من موظفي الدولة غير المنتجين على كشوف المرتبات للحفاظ على دعمهم السياسي.
وأشار التقرير إلى أنه، علاوة على ذلك، وعلى الرغم من حث صندوق النقد الدولي على بيع الشركات المملوكة للجيش، تعمل حكومة السيسي على بناء مصانعها في عدد من الصناعات الهامة مثل الأسمنت والألبان والمنسوجات وغيرها، ومن الطبيعي أن يعارض كبار أعضاء نظام السيسي الذين يستفيدون شخصيا من توسيع دورهم الاقتصادي، برنامج الإصلاح الذي ينفذه صندوق النقد الدولي لتجنب فقدان وظائفهم، وفي الوقت نفسه، لن تفكر الاستثمارات الأجنبية المباشرة أبدا في توسيع مشاريعها في دولة يتعين عليها فيها التنافس مع الشركات المملوكة للجيش.
ولفت التقرير إلى أن بعض الاقتصاديين أوضحوا أن معضلة الديون الخارجية المصرية تكمن في اقتراض قروض قصيرة الأجل تنفقها حكومة السيسي على مشروعات طويلة الأجل لا تقدم عوائد في الوقت المناسب، مضيفا أن أحد أكثر جوانب الحكم الاستبدادي ضررا هو سلوكه ضيق الأفق الذي يطبق عددا من السياسات المعيبة ويصر على تكرارها بسبب غياب المساءلة وغياب الآراء البديلة.
وتابع "بالنسبة لحكومة السيسي، يعني النجاح إكمال المشروع في وقت معين، بغض النظر عن قيمته الاقتصادية. وبالتالي، فإن رؤية مصر للتنمية الاقتصادية تدور حول إنفاق قروضها الخارجية في تطوير مدن جديدة، وتوسيع الطرق، وشراء معدات جديدة وقد وسعت هذه السياسة ديون مصر بشكل كبير، لكنها لم تخلق أي مشاريع إنتاجية يمكن استخدامها لسداد القروض الأجنبية أو حتى تعزيز تمتع المواطنين بكرامتهم".
وأردف "علاوة على ذلك، انعكس إنفاق القروض بالعملات الأجنبية سلبا على مساعي القطاع الخاص الإنتاجية الحقيقية حيث أن البنك المركزي المصري غير قادر على توفير العملة الأجنبية للمصنعين المصريين لاستيراد المواد الخام، التوسع في الطرق ليس بهذه الأهمية في اقتصاد يواجه أزمة أساسية في التصنيع، وفي الوقت نفسه أدى التوسع المفرط في العقارات إلى وجود أكثر من 12 مليون شقة غير مأهولة في جميع أنحاء البلاد".
واستطرد "تظهر عقيدة الإنجاز في مصر على أفضل وجه في خط السكك الحديدية الوطني التاريخي الذي تأسس في عام 1834 ما يقرب من قرنين من تشغيل السكك الحديدية لم تكن كافية لإنشاء مؤسسة فعالة.
اليوم ، يعمل نظام القطار مع العديد من السيارات القديمة ، والتأخير المنتظم والحوادث الرهيبة في بعض الأحيان. ومع ذلك، تركز الحكومة فقط على استبدال عربات القطار القديمة بأخرى جديدة بينما لا يزال نظام التشغيل القديم قائما.
وبالتالي ، فإن العربات الجديدة سرعان ما تقع في حالة سيئة ، في حين أن تأخيرات القطارات والحوادث لا تزال تحدث".
وأكد التقرير أن الفساد في مصر متجذر بشكل جيد وغالبا ما يتم كسر اللوائح من قبل البيروقراطيين المصريين الفاسدين على حساب الاقتصاد، مضيفا أن السياسة الحكومية المعيبة المتمثلة في هدم المباني التاريخية، واستبدالها بأبراج قبيحة ، وبناء جسور علوية غير ضرورية ، وكلها تزيد من التلوث ، أدت إلى تلاشي جمال المدينة.
في الواقع، لا تحتاج مصر إلى هذه المشاريع غير الحكيمة، بل إلى قيادة تعرف أفضل طريقة لتعبئة مواطنيها من خلال التطبيق البناء للسياسات التي تحفزهم على زيادة إنتاجيتهم وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأضاف أن مصر اعتادت أن تكون واحدة من القادة الإقليميين في الشرق الأوسط.
وبطبيعة الحال، أضعفت تحدياتها الاقتصادية وتوسلها للحصول على أموال من دول المنطقة وضعها السياسي، تاركة حكومة السيسي دون أي شيء سوى إلقاء اللوم على تخبطها الاقتصادي على عوامل خارجية مثل حرب روسيا على أوكرانيا أو الدول الأجنبية التي تتآمر ضدها.
https://moderndiplomacy.eu/2022/10/31/egypt-an-ingenious-nation-begs-for-cash/