سُئلتُ يومًا هذا السؤال، فأجبتُ بما تقتضيه السنُّ والخبرة وقتها، ثم سُئلتُ عنه مؤخرًا فكان ذلك موجزًا للسائلة الحائرة…
•••
بعد فترة من الزواج، وخصوصًا بعد مجىء الأطفال وانشغال الزوجة، قد يبحث الزوج عن امرأة أخرى، غالبًا هذه المرأة هى التى تقنعه بأنها تفهمه وتقدِّر مشاعره، ويستطيع بالتالى إقامة حوار معها، إنها تهتم به، وتصنع له حياة أخرى جديدة وسعيدة.
قد تكون هذه المرأة زميلة للزوج، أو قريبة، أو جارة، وهى بدورها تلمس احتياج هذا الزوج إلى إنسانة حسنة المظهر، حنون، تعلن عن إعجابها به وامتنانها له، وكثيرًا ما يقع الزوج تحت تأثير هذه المرأة، وخصوصًا إذا كانت على قدر من الجمال أو الذكاء، وكان هو فى المقابل ضعيف الشخصية أو صاحب خبرات محدودة..
وأنا لستُ مع الذين يحددون فترة زمنية بعينها، تقع فيها هذه الأزمة من جانب الرجل ويطلقون عليها (أزمة منتصف العمر)؛ لأن الواقع يكذِّب هذا الاستنتاج، فالرجل يقع تحت تأثير امرأة أخرى فى حالة غياب زوجته عنه، نفسيًّا وعاطفيًّا، سواء كان الزوج فى العشرين أو فى الخمسين من عمره.
أما اتخاذ قرار فى هذا الشأن، بالزواج من هذه المرأة أو الابتعاد عنها، فتحدده سنُّ الرجل، وخبراته، وقدراته المادية، ومن المؤكد أن الرجل الأربعينى يكون قد استقر ماديًّا فبإمكانه الشروع فى الزواج ثانية، بخلاف الرجل العشرينى أو الثلاثينى الذى لم يكتمل بعدُ ماديًّا وعاطفيًّا، فسرعان ما ينصرف عن مشروع الزواج، بمحاولة (التعايش) مع زوجته حتى يقضى الله أمرًا كان مفعولًا.
لكن ماذا تفعل الزوجة إذا علمت -وهذا ليس صعبًا عليها- أن فى حياة زوجها امرأة أخرى تسعى للزواج منه، وتحدث بالتالى خلخلة فى حياتها كلها، وربما أدت إلى تدميرها.
ينصح الخبراء الزوجات بما يلى:
– لا تفقدى الثقة بنفسك، ولا تغضبى، وادفعى عنك الشعور بالمهانة وجرح الكرامة -رغم أنها مشاعر طبيعية-؛ فالاضطراب يضرك، أما الأسلوب اللين والتصرف بحكمة فيؤديان إلى معالجة أغلب الحالات. واعلمى أن وقوعه فى حب امرأة أخرى ليس معناه أنك فاشلة، أو أن بك عيبًا، لكن يمكن أن يكون هناك خطأ يمكن تداركه فى العلاقة بينكما.
– هناك فرق بين كونك صديقة لزوجك، أو أن الحوار منتفٍ بينكما، فصديقة زوجها تستطيع محاورته بصراحة، كما تستطيع التوصل لحل المشكلة، بحيث يبحثان عن الأسباب التى دفعته لذلك، بخلاف من تتسم علاقتهما بالفتور أو الاضطراب.
– استعينى بالله -قبل كل شىء- بأن يفرّج الكرب ويهدى الزوج، ويستحب ترديد هذا الدعاء: «اللهم يا مؤنس كل غريب، ويا صاحب كل وحيد، ويا ملجأ كل خائف، ويا كاشف كل كربة، أسألك أن تقذف رجاءك فى قلبى حتى لا يكون لى همٌّ ولا شغلٌ غيرك، وأسألك أن تجعل لى من أمرى فرجًا ومخرجًا، إنك على كل شىء قدير».
– لا تتخذى قرارات فى هذه الفترة؛ لاحتمال تضارب مشاعرك، ولا تلتفتى للأقاويل والشائعات، ولا تتسرعى باتهامه دون دليل، واحذرى نصائح النساء التى تعتمد -غالبًا- على العواطف دون النظر فى عواقب الأمور.
– اسألى نفسك: لماذا حدث هذا؟! فقد تكونين مهملة فى مشاعرك تجاهه، أو أنك تبالغين فى السيطرة عليه، أو أنه يشعر بالملل ورتابة الحياة معك، أو قد يكون قد تعرف على هذه المرأة بسبب إفشائك لأسرار البيت، فنفذت هى إليه بسبب ذلك.
– العناد والمعاملة القاسية للزوج وإظهار الجفاء له، لا تفيد فى شىء، بل المؤكد أنها تعطيه المبررات للتمسك بالمرأة الأخرى.. كما أن من الصعب أن يتحرك الزوج بين يوم وليلة، فكونى متفاهمة، ولا تكثرى انتقاده.. لكن حاوريه -بصراحة- حول نقاط تقصيرك، وابدئى فى إصلاح نفسك، بتحسين المظهر، والاعتناء بجميع أموره، والبُعد عن النمطية فى سائر شئونك.
– « زوجتى مربية أطفال، زوجتى أفتقد الحب والحوار معها، زوجتى سيئة الخلق».. هذه أبرز شكاوى الأزواج الذين ارتبطوا بأخريات غير زوجاتهم، فهل أنت من هذه الأصناف؟! إذا لم تكونى منها فمشكلتك هينة، فلتسعى إلى بذل الجهد لإعادة الإعجاب والامتنان بك من جانب الزوج، ولن يكون ذلك إلا إذا فعلت كما تفعل الحكومات المتعثرة ورفعت شعار: (وجوب التغيير فى المرحلة القادمة).
– إذا لم تفلح محاولاتك كلها، يصبح تدخل الكبار ضرورة؛ لحسم الأمور، وللنظر فى اختياراتك واختياراته وهل هو راغبٌ فيك أم منصرف عنك؟!