"واشنطن بوست" و"ذي هيل" : أرصدة الإمارات المالية تشوه الديمقراطية الأمريكية
استعرضت صحيفة واشنطن بوست تقريرا جرى إعداده من قبل مجلس الاستخبارات الوطني، وإطلاع كبار صانعي السياسة الأمريكيين عليه في الأسابيع الأخيرة، لتوجيه عملية صنع القرار في الشرق الأوسط، وتحديدا الإمارات، التي تتمتع بنفوذ كبير في واشنطن.
وقالت إنه بحسب سجلات وزارة العدل الأمريكية، أنفقت الإمارات 154 مليون دولار على جماعات الضغط منذ عام 2016، ومئات الملايين من الدولارات على تبرعات للجامعات ومراكز الفكر الأمريكية، والعديد منها ينتج أوراقا سياسية؛ نتائج مواتية لمصالح الإمارات.
ونقلت عن نائب أمريكي، ممن قرأوا تقرير الاستخبارات لواشنطن بوست، قوله إنه: "يوضح كيف يتم تشويه الديمقراطية الأمريكية، بواسطة المال الأجنبي"، مؤكدا "أنه جرس إنذار"، موضحة أنه لا يوجد حظر في الولايات المتحدة على التبرع لجماعات الضغط، من أجل حملات سياسية.
توجيه قانوني
وشمل تقرير الاستخبارات الوطنية السري -تواصلت الصحيفة مع 3 اطلعوا عليه دون الكشف عن هوياتهم- محاولات غير قانونية لتوجيه السياسة الخارجية الأمريكية بطرق مواتية للاستبداد في العالم العربي، ويكشف عن محاولة الإمارات استغلال نقاط ضعف الحوكمة الأمريكية، بما يشمل إمكانية التأثير على جماعات الضغط القوية، والتراخي في إنفاذ القوانين المتعلقة بالحماية من تدخل حكومات أجنبية.
وكشفت الصحيفة أن التقرير يركز على عمليات التأثير لدولة صديقة، مثل الإمارات، بخلاف القوى المعادية مثل روسيا والصين وإيران، ولفتت إلى أنه من غير المألوف قيام مجلس الاستخبارات بفحص التفاعلات التي يشارك فيها مسؤولون أمريكيون عن كثب في الداخل، بالنظر إلى أنه مفوض بالتركيز على التهديدات الخارجية.
ونقلت عن بروس ريدل، الزميل في معهد بروكينغز، والذي خدم في مجلس الاستخبارات الوطني في التسعينيات، قوله: "إن مجلس الاستخبارات الوطني يبقى بعيدا عن أي تفاعلات يمكن تفسيرها على أنها تدرس السياسة الداخلية الأمريكية". الذي أبان أن لجوء المجلس لمثل هكذا فعل، "أمر فريد، وعلامة على أن مجتمع الاستخبارات على استعداد لمواجهة تحديات جديدة".
وعن هذا العلاقة أشارت واشنطن بوست إلى "العلاقة فريدة من نوعها مع الإمارات، وكانت وافقت واشنطن على بيع الإمارات عددا من معداتها العسكرية الأكثر فتكا وتطورا، بما فيها طائرات مسيرة من نوع (أم كيو 9) بريداتور، وطائرات متطورة من طراز (أف 35)، وهو امتياز لا يمنح لأي دولة عربية أخرى؛ بسبب القلق من تقلص التفوق العسكري النوعي لإسرائيل".
وقالت الصحيفة إن سبب تصاعد عمليات التأثير، وفق التقرير يشير إلى ".. عدم رغبة واشنطن في إصلاح قوانين التأثير الأجنبي أو توفير موارد إضافية لوزارة العدل، ووصفها بعض المطلعين على التقرير بأنها أنشطة أخرى تشبه إلى حد بعيد التجسس"، مشيرة إلى أن "بعض عمليات التأثير الواردة في التقرير معروفة لدى متخصص الأمن القومي".
تشويه الديمقراطية
وعن نفس الفكرة، ذكرت المديرة التنفيذية لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط "بوميد"، في مقال نشرته بموقع "ذي هيل" القريب من الكونجرس، أن الواقع أثبت أن الأنظمة الحاكمة في السعودية والإمارات ومصر يمكن أن تنحاز إلى روسيا أو الصين، ما يعني أن الاكتفاء بالتعاون الأمني مع هذه الأنظمة لا يضمن المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.
ونبه مقالها إلى "استراتيجية الأمن القومي لإدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، التي أكدت على الفكرة التي ظلت ترسلها طوال العالم بشأن "التنافس بين الاستبداد والديمقراطية" وتقوية التحالفات مع الديمقراطيات لمواجهة كل من الصين وروسيا".
وأشارت الكاتبة إلى أن "روسيا والصين "ليسا البلدين الوحيدين اللذين يصدران الاستبداد أو يدفعان بتراجع الديمقراطية خلال السنوات الـ15 عاما الماضية"، مشددة على أن "مواجهة التأثيرات التي تعمل على زعزعة الاستقرار ضرورية، ولكنها ليست كافية للدفع بالديمقراطية على مستوى العالم وفي الشرق الأوسط".
وأوضحت أن "الإمارات والسعودية تعتبران من أكبر الدول الممارسة والمصدرة للشمولية الرقمية في الشرق الأوسط، وتتعاملان مع الصين وروسيا وإسرائيل للحصول على أدوات الرقابة مثل برنامج التجسس "بيجاسوس"، الذي أنتجته مجموعة NSO الإسرائيلية، لاستهداف الأشخاص والحكومات حول العالم".
وأشارت إلى أن "الإمارات في القائمة الأولى في العالم التي تساعد على تبييض الأموال وتغذي السلوك المزعزع للاستقرار للحرس الثوري الإيراني وتساعد المستبدين الروس على تجنب العقوبات بسبب الحرب في أوكرانيا".
وحثت الكاتبة إدارة بايدن على الاعتراف بأن التغيرات المناخية وحقوق الإنسان والمصالح الاقتصادية والأمنية في المنطقة مرتبطة معا وبشكل لا ينفك.
وذلك ضمن إشارتها إلى أن "قمة المناخ المقبلة ستعقد في الإمارات عام 2023. وأن على بايدن حث المشاركين على تبني التزامات بالتغيرات المناخية تشمل احترام حقوق الإنسان ومبادئ عدم التمييز ومشاركة ذات معنى للرأي العام.
ونصحت بايدن بالتحذير من أن "الولايات المتحدة عليها انتهاز الانعطافة المهمة عندما يكون التغيير ممكنا وإجبار الدول الشريكة عليه، إذا ما أرادت انتصار الديمقراطية على الاستبداد".
ويبدو أن مثل هذه التقارير تشبع رغبة الاستعلاء لدى رعاة الثورة المضادة في أبوظبي، ولا يجدون فيها عيبا، وربما كانت وسيلة امريكية لسياسة العصا والجزرة الامريكية مع أعضاء الحظيرة، حيث عبر سفير الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبة، لواشنطن بوست عن افتخاره "بنفوذ الإمارات ومكانتها الجيدة في الولايات المتحدة"، قائلا: "حققناه بشق الأنفس، ونستحقه بجداره، إنه نتاج عقود من التعاون الوثيق بين الإمارات والولايات المتحدة، والدبلوماسية الفعالة، وهو يعكس المصالح المشتركة".