دحرجة كرة الانقلاب.. انتخابات “سعيد” بعد حصاره القضاء و”النهضة” تقاطع

- ‎فيعربي ودولي

دحرجة كرة الانقلاب .. انتخابات سعيد بعد حصاره القضاء و"النهضة" تقاطع

بعد مقاطعاتها الاستفتاء على دستور قيس سعيد في سبتمبر الماضي، دعت حركة النهضة التونسية قواعدها إلى مقاطعة الانتخابات وسط لاءات ثلاث (لا ترشّح، لا تزكية ولا تصويت) لتنسجم مع طيف واسع من الأحزاب السياسية والقوى المدنية، التي رأت أن البرلمان المقبل سيكون “برلمان قيس سعيّد”، بعد أن وضع دستورا وقانونا انتخابيا على مقاسه، واختار أعضاء الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات بمفرده.

نائب رئيس "حركة النهضة" التونسية علي العريض قال إن "السياق الذي تقع فيه الانتخابات هو سياق الانقلاب على الديمقراطية وعلى مكاسب الثورة وعلى مختلف مؤسسات الديمقراطية الناشئة".

ودعت حركة النهضة منخرطيها وهياكلها وقواعدها كافةً، إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة في مراحلها المختلفة بداية من التزكيات والترشّح، مرورا بالحملة الانتخابية وصولا إلى يوم التصويت.

 

وقال علي العريض نائب رئيس حركة النهضة، في مؤتمر صحفي الخميس 17 نوفمبر 2022، إن المسار الذي تُجرى فيه الانتخابات، هو مسار انقلابي على الديمقراطية وعلى مكاسب الثورة التونسية.

ومبكرا أعلنت جبهات مقاطعتها ما يطلق عليه في الإعلام المحلي التونسي "الانتخابات التشريعية"، ف(جبهة الخلاص الوطني) المكونة من أحزاب ليبرالية وإسلامية قررت في 7 سبتمبر الماضي مقاطعة الإنتخابات التشريعية القادمة لانفراد قيس سعيد بصياغة القانون الانتخابي كما فعل بالدستور، وعدم حيادية هيئة الانتخابات وموالاتها للسلطة التي نصّبتها ومساهمتها في تزوير إرادة الناخبين خلال الاستفتاء على الدستور".

وفي يوليو الماضي، قاطع 75‌ % من التوانسة المسجلين في السجل الانتخابي للاستفتاء على الدستور الجديد وهو "دليل على رفضه شعبيا وسقوطه نهائيا"، بحسب حركة النهضة.

وبلغت نسبة المشاركين في الاستفتاء الذي يوسع صلاحيات الرئيس الديكتاتور 27% فقط حسب الأرقام الحكومية، وهي الأرقام التي شكك بها مراقبون وأكدوا أن النسبة أقل.

التحكم في القضاء

وزير الداخلية التونسي السابق علي العريض قال إنه "لم يقع النظر في عديد القضايا التي تقدمت بها حركة النهضة إلى القضاء بفعل فاعل و الضغوط المسلطة على السلطة القضائية من قبل السلطة التنفيذية مستمرة"، مضيفا أن "حركة التعيينات في سلك القضاء التونسي معطلة في قصر الرئاسة في قرطاج".

وفي 10 نوفمبر الماضي، أشارت حركة النهضة إلى ما اعتبرته استهداف رئيسها راشد الغنوشي عبر سلسلة لا تنتهي من القضايا المفتعلة وعبر مسار لا يتوقف من التنكيل بالقضاة والضغط على القضاء لإخضاعه وتوظيفه في النيل من الغنوشي، بعد التحقيق معه لأكثر من 14 ساعة.

وأصدر القضاء التونسي الموال للرئيس المنقلب، قرارًا بمنع سفر رئيس حركة النهضة ورئيس مجلس النواب المحاصر من عسطكر تونس راشد الغنوشي لاستكمال التحقيقات معه في عدة قضايا.

وقال الغنوشي، حال خروجه من المحكمة أن "تونس الآن أسوأ مما كانت عليه زمن بن علي"، بعد إدعاءات بتبييض الأموال والتجسس والتخطيط لضرب أمن الدولة.
 

رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي كان على رأس من طالهم العزل من القضاة بقرار لم يراجعه فيه أحد، وأخيرا دعا الحمايدي رابطة حقوق الإنسان للتحرك فوراً ضد رئيس الجمهورية لاسترداد القضاة المعزولين حقوقهم.

وفي أكتوبر الماضي، قرر القضاة تعليق العمل بالمحاكم لمدة أسبوع احتجاجا على قرار سعيد عزل نحو 60 قاضيا، وبدئه بنقل صلاحيات القضاء المدني إلى القضاء الاستعجالي (الطوارئ) و القضاء العسكري!

مهووس بالسلطة
 

وانتقد العريض في مؤتمر صحفي 17 نوقمبر سياسة الرئيس قيس سعيّد وقال إن “سعيّد لا يمتلك إلّا الهوس بالسلطة وما يفعله لا علاقة له بإرادة الشعب، إذ هدم كل شيء ولم يبن شيئا”.

 

وأشار القيادي في النهضة إلى سوء الأوضاع في البلاد معتبرا أن السلطة أوصلت تونس إلى وضع كارثي، مستشهدًا بما يحدث في مدينة صفاقس حاليا من أزمة بيئية.

 

وتطرّق العريّض إلى صدى سياسة الرئيس في الخارج وقال إن “صورة تونس اهتزّت بين الدول منذ يوليو 2021، بسبب التضييقات التي تمارس على الحريات، عبر ملاحقة الصحفيين والسياسيين والناشطين قضائيا.

 

كما علّقت النهضة على أداء القضاء وقالت: ” القضايا التي قدمتها أمام القضاء لا يتم النظر فيها بفعل فاعل”، مشيرة إلى أن “الضغوط على السلطة القضائية مستمرة وبات القضاء خاضعا لإرادة السلطة التنفيذية”.

 

قيس يحرض

 

من جانبها، اتّهمت جبهة الخلاص الوطني، قيس سعيّد بتعمّد مغالطة الرّأي العام لصرف الأنظار عن فشله في إدارة البلاد.

 

وقالت الجبهة: “إصرار سعيّد على تكرار الاتّهامات بمناسبة كلّ ظهور إعلامي، هو مجرّد محاولة لغسل الأدمغة وصرف الأنظار عن فشله الذّريع في إدارة الأزمات السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة”.

 

وفي بيان أصدرته قبل يومين 15 نوفمبر، جدّدت الجبهة المعارضة رفضها “إصرار رئيس السّلطة القائمة على تقسيم الشّعب التّونسي على أساس الولاء لشخصه والانخراط في مشروعه الشّعبوي الهلامي”.

 

 وأوضحت الجبهة أنّ الرئيس سعيّد يعمل على استغلال كلّ المناسبات لكيل الاتّهامات المجانية المغرضة لخصومه السياسيين، مشيرة إلى أنّ تصريحاته الأخيرة تعدّ تصعيدا غير مسبوق في تحامله على معارضيه.

 

وجاء في البيان، أنّ خطاب الرئيس يكرّس العنف ويحرّض على استهداف المعارضة، مضيفا أنّ “سعيّد يغالط الرّأي العام داخل البلاد وخارجها باستهداف معارضيه بسيل من الاتّهامات والافتراءات، من قبيل التّورّط في حرائق الغابات وترويج المخدّرات والتّعامل مع المخابرات والعمالة للخارج”.

 

وفي سياق متّصل، ندّدت جبهة الخلاص الوطني بـ”مواصلة سعيّد الضّغط على القضاة بدعوتهم إلى تطهير البلاد من معارضيه، وتدخّله السّافر في سير قضايا محدّدة عبر وزيرة العدل”.

 

التيار الديمقراطي
وكان الأمين العام لحزب التيّار الديمقراطي في تونس غازي الشواشي، رفع قضية بشأن تصريحات قيس سعيّد، والتي تضمّنت اتّهامات بالخيانة والتآمر، معتبرا أنّ قيادات التيّار الديمقراطي “أكثر وطنية من سعيّد وأنصاره”، حسب قوله.

وأوضح الشواشي أنّ تصريحات سعيّد موجّهة إلى التيّار الديمقراطي، على خلفية المشاركة في اجتماعات المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتّحدة بجنيف. 

 

وأضاف أمين عام التيّار الديمقراطي: “رئيس الجمهورية يتحمّل مسؤولية تصريحاته، هو اليوم يتمتّع بالحصانة، لكنّه سيفقدها عندما يغادر منصبه، ويصبح مواطنا عاديا يمكن محاسبته من قبل القضاء، بسبب المسّ من مصداقيتنا وكرامتنا”.

الوضع الاقتصادي

ويستمر قيس سعيد بفشله على  الصعيد السياسي كما هو على الصعيد الاقتصادي، حيث تراجع المخزون الصافي من العملة الصعبة إلى 99 يوم توريد، وهو ما يعادل قيمة 21.981 مليون دينار، وفق مؤشّرات نقدية ومالية نشرها البنك المركزي التونسي 14 نوفمبر.

وتعيش تونس أزمة اقتصادية حادة (غلاء أسعار المواد الاستهلاكية) متبوعة بأزمة سياسية، في وقت يحذّر فيه خبراء اقتصاديون من الانهيار وتكرار السيناريو اللبناني.

 

وكانت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، قد خفّضت في يوليو الماضي، تصنيف تونس إلى B-، مع نظرة مستقبلية سلبية في ظلّ ارتفاع مخاطر السيولة.

 

وتسعى تونس منذ أشهر إلى التوصّل إلى اتّفاق مع صندوق النقد الدولي لإنعاش اقتصادها، فهو في حاجة إلى 16 مليار دينار (5.7 مليار دولار) لم يتوفّر منها إلا 6 مليار دينار فقط (2 مليار دولار)، حسب الاتّفاق المبدئي مع الصندوق.