كشف تفاصيل اجتماع السيسي ومختار جمعة.. ومخاوف من السيطرة على أموال الأوقاف

- ‎فيتقارير

تحت غطاء “البر والحماية الاجتماعية وصيانة أموال الأوقاف” التقى قائد الانقلاب العسكري، عبد الفتاح السيسي ومحمد مختار جمعة وزير الأوقاف، إلا أن اللقاء لم يكن اجتماعا  روتينيا ، بل كان من أجل فلسفة جديدة اتخذها المنقلب لسرقة وتقنين أموال الأوقاف.

 

أرض خصبة للفساد

المنقلب السيسي، زعم الحفاظ على أصول ومال الوقف، وما تمثله من خصوصية شديدة تستوجب ليس فقط الحفاظ عليها ، ولكن حسن إدارتها وتنميتها، والعمل الدؤوب على التحصيل الدقيق لمستحقات الأوقاف بالقيمة السوقية العادلة صونا للوقف، مشددا على أهمية أموال الوقف وضرورة الحفاظ عليها وحسن إدارتها وتنميتها والعمل الدؤوب على تحصيل مستحقات الأوقاف بالقيمة السوقية العادلة صونا للوقف.

بعدها عرض وزير الانقلاب  إيرادات هيئة الأوقاف البالغة 2.035 مليار جنيه بالعام المالي 2021/ 2022 وقد حققت إيرادات هيئة الأوقاف زيادة قدرها 216 مليون جنيه عن العام المالي 2020/ 2021 بل وزيادة الإيرادات بالربع الأول من العام المالي الجاري 22% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

 

أموال الأوقاف

وفي وقت سابق أطلق عدد من الاقتصاديين والسياسيين تحذيرا من تكليفات السيسي الأخيرة لوزير الأوقاف، بإعادة دراسة الوضع القانوني والتشريعي والشرعي لأموال الوقف، للاستفادة منها في خدمة الاقتصاد المصري.

واعتبر هؤلاء المختصون، في تصريحاتهم لموقع “عربي 21″ أن هذا التكليف، يمثل التفافا جديدا للسيسي من أجل السيطرة على أموال الأوقاف للاستفادة منها في علاج عجز الموازنة العامة للدولة، وهو ما سبق وأن صرح به رئيس الوزراء السابق شريف إسماعيل، بوجود تكليفات رئاسية لحكومته لاستغلال أموال الوقف في علاج عجز الموازنة، وتمويل المشروعات القومية الكبري.

وقتها طالب السيسي بتفعيل نظام الحوكمة وتنظيم العائدات من أصول وأراضي الوقف، وتحويلها إلى ركيزة اقتصادية، بينما أعلن وزير الأوقاف، بأن هيئة الأوقاف انتقلت من مرحلة الحصر إلى مرحلة الدراسة الاستثمارية لأعيان الوقف.

 

سياسة نهب جديدة

وتشمل أموال الوقف الإسلامي 250 ألف فدان ووحدات عقارية، ومبان ذات قيمة تاريخية، بمختلف أرجاء مصر، وممتلكات قدرها رئيس هيئة الأوقاف سيد محروس، في تصريحات صحفية بـتريليون و37 مليار جنيه، كحد أدنى (61 مليار دولار) بخلاف ما لم يتم تثمينه ماليا لقيمته التراثية والأثرية، أو الممتلكات التي عليها خلاف مع جهات أخرى، تزيد عن نصف مليون فدان.

من جانبه أكد عضو البرلمان السابق، عزب مصطفى، أن الحكومات المصرية المتعاقبة كان لديها هدفان أساسيان، لسد عجز الموازنة، أولهما الاستيلاء علي أموال التأمينات والمعاشات، والمضاربة بها في البورصة، وهو ما استطاعت حكومة أحمد نظيف خلال حكم حسني مبارك تنفيذه، بينما فشلت في تنفيذ المخطط الثاني بالسيطرة والاستيلاء على أموال الوقف الإسلامي.

وأشار مصطفى إلى أن نظام السيسي، يعمل منذ استيلائه على الحكم في انقلاب يوليو 2013 للسيطرة على أموال الوقف، والتي تزيد عن 1000 مليار جنيه (61 مليار دولار) وهي نفسها قيمة القروض التي تحاصر الموازنة المصرية من كل اتجاه.

وبحسب البرلماني السابق، فإن الأزهر الشريف، سبق وأن تصدى لخطوات نظام الانقلاب السابقة للاستيلاء على أموال الوقف، ولكن لا يدري أحد، هل يمكن أن يصمد الأزهر، في ظل سيطرة السيسي على البرلمان والمحكمة الدستورية العليا، ومختلف الهيئات القضائية التي كان يمكن أن تتصدى لخطته، مثل محكمة مجلس الدولة، بعد التعديلات الدستورية الأخيرة والتي وسعت من قبضته على القضاء؟

 

تعادل الناتج المحلي

من جانبه قال رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية سيد محروس إن “إجمالي أملاك الهيئة هو تريليون و37 مليارا و370 مليونا و78 ألف جنيه، أي ما يعادل الناتج المحلي”.

وبحسب تقديرات رسمية فإن الناتج المحلي الإجمالي تريليون و52 مليار جنيه (نحو 58 مليارا و588 مليون دولار) خلال الربع الثالث من العام المالي المنتهي 2017/2018 مقابل 876 مليار جنيه بالربع المماثل من العام المالي 2016/2017.

وأوضح محروس -خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب في وقت سابق- أن مساحة الأملاك الزراعية التابعة للهيئة نحو 390 بقيمة تقديرية تبلغ 759 مليارا و181 مليون جنيه، مبينا أن هناك أطلسا خاصا بأراضي الأوقاف، وأن ذلك الحصر يتم لأول مرة لأملاك الهيئة، وفق ما أوردت صحفية “الوطن” الخاصة.

وفي مقال له بعنوان “للبيع ،  من مصر حتى اليونان” قال رئيس تحرير جريدة الأهرام السابق عبد الناصر سلامة إن “وزارة الأوقاف تبيع أملاك الوقف المصري بأسعار غير مسبوقة عبر مزادات في كل المحافظات تقريبا بشكل لم يحدث من قبل، مشيرا إلى إقامة مزادات بـ 22 محافظة في الفترة الأخيرة لبيع أراض متعددة ومحال تجارية ووحدات سكنية وجراجات”.

 

الصندوق السيادي

وجاء الكشف عن حجم أموال وزارة الأوقاف بناء على طلب السيسي في ديسمبر 2017، وذلك ضمن مساع حكومية لضم أملاك هيئة الأوقاف من الأراضي والمباني إلى الصندوق السيادي الذي أنشأته الحكومة في أبريل 2018 برأس مال يبلغ مئتي مليار جنيه (11.2 مليار دولار تقريبا) لدعم الاقتصاد.

وكان الرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية الحكومية أحمد السيد النجار قد وصف هذا الصندوق السيادي بـ”البوابة الملكية للخصخصة” وقال إن “الظروف المالية اللازمة لإنشاء أي صندوق سيادي لإدارة الفوائض غير موجودة من الأساس في مصر”.

واستكمالا للخطة الحكومية التي تسعى إلى السيطرة على أموال الأوقاف وافقت لجنة الشؤون الدينية في مجلس النواب منتصف الشهر الماضي من حيث المبدأ على مشروع قانون إعادة تنظيم هيئة الأوقاف المصرية.

 

اشتباكات داخلية

وكشفت مدى مصرفي تقرير لها سابق حيث قالت “جاء تحرك وزير الأوقاف في خضم جدل دائر حول إدراج بعض أملاك الأوقاف في الصندوق السيادي، وهو ما نفاه مجلس الوزراء رسميا في 2019 في المقابل، ذكر المجلس حينها أن هيئة الأوقاف، التي تدير الأصول داخل الوزارة، ستقوم بتعظيم أرباحها من خلال الاستثمار في بعض أصولها من الأراضي”.

وبحسب مصدر في الأوقاف، وآخر في الأزهر، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أوضح شيخ الأزهر، أحمد الطيب، لمحدثيه من جهات تنفيذية، أنه لا يستطيع الموافقة على العبث بأصول وممتلكات الأوقاف، بما يخالف قواعد الشريعة الصريحة التي تقيد أي تعامل في أصول الأوقاف.

كان هذا الخلاف من بين بضعة خلافات ظهرت بين الأزهر من جهة، ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء من جهة أخرى، خاصة منذ 2013، وهو ما يُفسر على أنه خلاف متنام بين السلطة التنفيذية وشيخ الأزهر.

 

استغلال أسود

في المقابل ،أكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أيمن النجار، أن أموال الأوقاف تمثل كنزا كبيرا، لم تحسن الدولة استغلاله لصالح الأغراض المخصصة له، مشيرا إلى أن محاولات نظام السيسي في الاستيلاء عليه لن تتوقف، لأنه يعتبرها أموالا ليس لها صاحب، باعتبار أن أصحابها الواقفين غير موجودين، وهو أحق بها من غيره.

وبحسب النجار فإن وزارة المالية، أعلنت مؤخرا عن حجم الفوائد وأقساط الديون في موازنة 2020/2019، والتي بلغت 971 مليار جنيه (57 مليار دولار)، بزيادة بلغت 154 مليار جنيه (9 مليارات دولار)، عن تقديرات الموازنة الحالية وهي 817 مليار جنيه (48 مليار دولار) بنسبة زيادة 19%، وهي نفسها قيمة أموال الوقف الإسلامي بمصر، وهو ما يريد السيسي الاستفادة منه للخروج من دوامة الديون التي وضع فيها مصر، لعشرات السنوات المقبلة.

ووفق النجار فإن مواقف وزير الأوقاف، متناغمة مع توجهات السيسي في دمج أموال الوقف ضمن خطة الدولة وموازنتها، مستدلا بتصريحات الوزير المتكررة عن عدم استفادة الدولة من أموال الوقف، ومطالبته بإصدار تشريعات جديدة تساعده في استخدامها كركيزة هامة في الاقتصاد المصري، رغم أن الوقف في الأساس عمل أهلي، ليس له علاقة بخطط الدولة أو موازنتها.