نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا سلط خلاله الضوء على تألق منتخب المغرب خلال بطولة كأس العالم المقامة بقطر وتأهله إلى ربع النهائي بعد مسيرة غير مسبوقة.
وقال الموقع إن "منتخب المغرب هزم إسبانيا بركلات الترجيح يوم الثلاثاء، بعد ساعتين متوترتين، ليحسم عبوره التاريخي إلى ربع نهائي كأس العالم" وأصبح أسود الأطلس أول دولة عربية تصل إلى هذه المرحلة من البطولة ورابع فريق أفريقي فقط ، بعد الكاميرون في عام 1990 والسنغال في عام 2002 وغانا في عام 2010.
وأضاف الموقع أن هذه البطولة كانت ستذكر دائما على أنها أول بطولة كأس عالم تقام في الشرق الأوسط ، ولكنها الآن تتمتع بميزة إضافية تتمثل في تحقيق دولة عربية نجاحا رياضيا غير مسبوق.
وأوضح الموقع أنه، لم يكن تأهل المغرب إلى دور الثمانية في هذه البطولة سهلا على الإطلاق، فآخر مرة فازوا فيها بمباراة في كأس العالم كانت قبل 24 عاما في سانت إتيان بفرنسا ، عندما تغلبوا على إسكتلندا 3-0 هذه المرة، هزموا بالفعل فريقين في مركز أعلى منهم في تصنيفات الفيفا، بلجيكا (المرتبة الثانية) وإسبانيا (السابعة) كما تعادل المغرب، المصنف 22 مع كرواتيا (12).
وأشار الموقع إلى أن أصداء النشوة التي استقبلت تقدم المغرب ترددت على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة، من أغادير إلى عمان، إلى جانب الاحتفالات الملونة في أمستردام وبروكسل ولندن وباريس، وجاءت احتفالات مماثلة بعد فوز السعودية غير المتوقع على الأرجنتين في 22 نوفمبر، وقد تجاوزت مظاهر الفرح والوحدة هذه النزاعات السياسية التي قسمت الدول العربية لفترة طويلة، وربما أكثر إثارة للدهشة، المنافسات الرياضية الطويلة الأمد في جميع أنحاء شمال أفريقيا.
ولفت الموقع إلى أن هناك الكثير مما يستحق الإعجاب في هذا الفريق والمدير وليد الركراكي الذي يتجاوز نجاحهم في الملعب، وبالتالي فإن هذا الفخر المشترك بإنجازات المغرب في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه لا ينبغي أن يكون مفاجئا.
رسالة العلم الفلسطيني
وحمل العديد من اللاعبين المغاربة العلم الفلسطيني بعد الفوز، في حين أن المشجعين في الملاعب رفعوا أيضا الأعلام تضامنا مع الفلسطينيين، إن رمزية قيام لاعبي كرة القدم بذلك على أرض الملعب بعد المباراة مهمة للغاية.
من خلال رفع علم فلسطين في ذروة الاحتفال بأبرز مسيرته المهنية مع المشجعين، ركز الفريق المغربي على قضية فلسطين في قلوب وعقول الناس في جميع أنحاء المنطقة، وكما قال رياض منصور، سفير فلسطين ومراقبها الدائم لدى الأمم المتحدة "الفائز في كأس العالم هذا معروف بالفعل، إنها فلسطين".
في عام 2021 ، واجه لاعبو كرة القدم في المملكة المتحدة تدقيقا وحتى انتقادات من بعض الجهات لفعل الشيء نفسه ، سواء كان بول بوجبا وأماد ديالو على أرض الملعب في أولد ترافورد ، أو حمزة تشودري وويسلي فوفانا في ويمبلي، حقيقة أن فريق شمال إفريقيا أصبح يمثل شيئا أكبر من كرة القدم ، وهو مستعد للوقوف إلى جانب هذه القناعات ، قد رفع من شعبيته ومكانته خارج المغرب.
بالإضافة إلى ذلك ، فإن العروض المرئية والصادقة للعبادة الإسلامية قد حببت الفريق للمسلمين في جميع أنحاء العالم ، بداية من اللاعبين الذين يرفعون أيديهم بالدعاء قبل المباراة ، إلى احتفالات ما بعد الهدف حيث سجد اللاعبون شكرا لله، وانتهاء بتلاوة القرآن قبل ركلات الترجيح ضد إسبانيا.
وأكد الموقع أنه بعد سنوات من تصاعد التعصب والتمييز ضد المسلمين، وخاصة في الغرب، كان هذا العرض الواثق والحازم للإيمان والهوية على المسرح العالمي يثلج الصدر ومقنعا بشكل لا يصدق.
وتابع "من العوامل الأخرى التي جعلت هذا الفريق المغربي محبوبا لدى المشجعين في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي المشاهد المؤثرة التي تشمل عائلاتهم، وبناء على تعليمات من الركراكي والاتحاد المغربي لكرة القدم، تمت معاملة أفراد عائلات الفريق في رحلة شاملة إلى قطر وكانوا يقيمون في قاعدة الفريق في منطقة الخليج الغربي بالدوحة".
في تناقض صارخ مع لقطات الكاميرا المعتادة لشركاء اللاعبين الساحرين في المدرجات، رأينا مشاهد محببة للاعب النجم أشرف حكيمي وهو يعانق والدته بعد مباراتي بلجيكا وإسبانيا، ومشاهد مماثلة بين الركراكي ووالدته.
وقد تردد صدى هذه المشاهد بشكل خاص في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، لكن تضحية الآباء من أجل أطفالهم تتجاوز الجنسية والعرق والدين. تحدث حكيمي سابقا عن دور والديه في نجاحه "كانت والدتي تنظف المنازل وكان والدي بائعا متجولا، نحن ننتمي إلى عائلة متواضعة تكافح من أجل كسب لقمة العيش، اليوم أقاتل كل من أجلهم، لقد ضحوا بأنفسهم من أجلي".
تألق تكتيكي
وأضاف التقرير أنه على أرض الملعب، هناك أيضا الكثير مما يعجبك في هذا الفريق، لديهم أفضل دفاع من بين الفرق المتبقية، حيث استقبلت شباكهم هدفا واحدا فقط طوال كأس العالم، كما أن مرونتهم في الدفاع يقابلها تألق فردي لبعض نجومهم، مثل حكيمي وحكيم زياش.
وأوضح الموقع أن، أربعة عشر من أصل 26 لاعبا ولدوا خارج البلاد، وهي أعلى نسبة لأي فريق في قطر، وقد ثبت أن هذا يمثل نقطة قوة، حيث جمع أسود الأطلس بين إبداع وذوق كرة القدم العربية والقدرة التنافسية التكتيكية للعبة الأوروبية، كما أنها زادت من ارتباطهم، ليس فقط للمشجعين في الشرق الأوسط، ولكن لمجتمعات الشتات في جميع أنحاء أوروبا.
تجدر الإشارة إلى أن هذا حسب التصميم وليس حادثا سعيدا، ففي عام 2014 أطلق الاتحاد المغربي لكرة القدم حملة بعنوان "إعادة المواهب التي تنتمي إلى الأرض" للاستفادة من الآفاق الناشئة من مجتمع الشتات البالغ قوامه حوالي أربعة ملايين شخص.
وشوهدت ذروة هذه الجهود ليلة الثلاثاء، حيث حصل اللاعب المولود في ضواحي مدريد بثقة على ركلة جزاء ليخرج بلده الأصلي من البطولة.
وسط كل هذا، من السهل أن ننسى أن الركراكي لا يزال ضمن أول 100 يوم من ولايته كمدرب رئيسي، من خلال قيادة فريقه إلى ربع نهائي كأس العالم ، صنع قطعة خاصة به من التاريخ ، ليصبح أول مدرب أفريقي يقود دولة أفريقية إلى هذه المرحلة من كأس العالم.
كانت إدارته للشخصيات بارعة مثل تألقه التكتيكي، وقد آتت إعادة دمج زياش الذي كان منبوذا في عهد سلف الركراكي، ثمارها على نحو جيد.
واختتم التقرير "المغرب لديه الآن موعد مع القدر في 10 ديسمبر ضد البرتغال ، مع المزيد من التاريخ الذي يمكن صنعه إذا تمكنوا من الوصول إلى الدور نصف النهائي، لقد خلدت هذه المجموعة من اللاعبين ومديرهم أنفسهم بالفعل كأساطير ورموز رياضية ، ولكن الأهم من ذلك ، سيتم تذكرهم لإظهار قيمهم وهويتهم بثقة ".
https://www.middleeasteye.net/opinion/morocco-team-united-arab-world-palestine-faith-joy
