نشرت صحيفة “الجارديان” تقريرا سلطت خلاله الضوء على الدعم الواسع الذي يوليه الفلسطينيون للمنتخب المغربي، عقب النجاحات الكبيرة التي حققها الفريق، خلال بطولة كأس العالم المقامة حاليا في قطر.
وبحسب التقرير، ففي الوقت الذي كانت فيه مدرجات استاد الثمامة في الدوحة نصف فارغة عندما بدأ ربع نهائي كأس العالم بين المغرب والبرتغال، لكن الحانات والمقاهي وشوارع رام الله كانت مكتظة بالفعل.
وقالت الصحيفة إن “الفلسطينيين تجمعوا في مطعم في وسط المدينة، من جميع مناحي الحياة لمشاهدة أول فريق عربي يصل إلى الأدوار النهائية من البطولة على عصير الفاكهة والبيرة والشيشة ، أصبح الجو أكثر صخبا بشكل مطرد حيث كافحت البرتغال، سجل المغرب قبل نهاية الشوط الأول بقليل وانفجرت الجماهير، وهتف الرجال وهتفت النساء”.
وأضافت أن المعلقين العرب المحترفين لم يتظاهروا حتى بالموضوعية، وقال مذيع إذاعي فلسطيني “الله يحفظ هذه النتيجة”.
بعد مسيرة رائعة بالفعل وصلت فيها الدولة الواقعة في شمال إفريقيا إلى الدور ربع النهائي، وصل أسود الأطلس إلى آفاق جديدة يوم السبت بفوزهم على فريق آخر من أفضل الفرق في أوروبا.
وأشارت الصحيفة إلى أنه، في بطولة مليئة بالانتصارات المفاجئة، حقق المغرب للتو واحدة من أكبر المفاجآت حتى الآن، لا ينظر إلى رحلتهم إلى الدور نصف النهائي على أنها انتصار وطني فحسب، بل انتصار لأفريقيا والعالم العربي بأسره، وعلى وجه الخصوص نعمة للفلسطينيين، وكما هو الحال بعد المباريات الأخرى، بدلا من التقاط الصور مع علمهم الأحمر مع نجمة خضراء خماسية، رفع أسود الأطلس العلم الفلسطيني، مستغلين وقتهم على المسرح العالمي لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية.
وفي ساحة عرفات في رام الله، رقص آلاف الأشخاص أو وزعوا الحلوى عندما انطلقت صافرة النهاية، بينما انطلقت أبواق السيارات وهزت الألعاب النارية وإطلاق النار الاحتفالي طوال الليل، وتكرر المشهد في بلدات وقرى الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
قالت ضحى أمير ، البالغة من العمر 30 عاما وهي تشاهد مع زوجها وطفلهما ومجموعة من الأصدقاء “العالم العربي كله يقف وراءهم، إنه أمر مثير للغاية، نحن فخورون بشكل خاص بالطريقة التي يمثلون بها فلسطين، نحن لسنا حتى في كأس العالم ولكن الأمر يشبه تقريبا، هناك الكثير من الدعم “.
ولفتت الصحيفة إلى أن البطولة أثبتت أنه من الصعب فصل الرياضة عن السياسة، على الرغم من أن الفيفا تحظر اللافتات والأعلام ذات الطبيعة السياسية والهجومية أو التمييزية.
وتم إغلاق الدعم للمتظاهرين الإيرانيين وحقوق المثليين، ولم يكن هناك أي علامة على نشاط يلفت الانتباه إلى محنة الصحراء الغربية التي يحتلها المغرب. ومع ذلك، في جميع أنحاء الدوحة، انتشرت الأعلام الفلسطينية واللافتات وشارات الذراع والكوفية بالأبيض والأسود الذي اشتهر به الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، هتف مشجعون من قطر ولبنان والجزائر وإيران والمملكة العربية السعودية لفريق لم يتأهل حتى فلسطين عضو في الفيفا، على الرغم من أنها لا تزال تفتقر إلى الدولة.
ونوه التقرير بأن الحماس المغربي للقضية الفلسطينية مثير للدهشة من بعض النواحي، فقد وقعت البلاد إلى جانب الإمارات والبحرين والسودان، اتفاقية تطبيع مع إسرائيل في عام 2020 بموجب صفقات توسط فيها ترامب تعرف باسم اتفاقيات إبراهيم.
وأنهت هذه التصريحات محرما استمر عقودا في دبلوماسية الشرق الأوسط واعتبرها الفلسطينيون خيانة لأن موقف الجامعة العربية المعلن هو أنه لا يمكن أن يكون هناك سلام مع الاحتلال حتى يتم تحقيق الدولة الفلسطينية، في العامين التاليين، احتفلت دولة الاحتلال بصداقاتها الجديدة المبدئية في المنطقة، واستمتع العديد من السياح الإسرائيليين بحداثة الرحلات إلى دبي.
لكن ما أصبح واضحا للمؤسسة الإسرائيلية والجمهور على حد سواء في كأس العالم هذا هو أنه في حين أن ملوك وشيوخ المنطقة ربما قرروا مشاركة الخبز مع الاحتلال لتعزيز اقتصادياتهم وشراء المعدات العسكرية ومحاربة عدوهم المشترك إيران بالنسبة لمعظم العالم العربي، لا يزال النضال الفلسطيني مهما.
وقال أحمد الطيبي، عضو الكنيست العربي الإسرائيلي ومشجع كرة القدم المتحمس ، لمجلة +972 “كان وجود فلسطين محسوسا بقوة في كل ملعب، وكان علم فلسطين يلوح في كل مكان”، “بعد سنوات من الشعور بأن القضية الفلسطينية كانت أقل أهمية بين العرب، أوضح الشعب العربي أن هذه القضية هي القضية المركزية للأمة العربية بأسرها”.
لا تقيم قطر نفسها علاقات رسمية مع الاحتلال، لكنها سمحت لأول رحلات مباشرة على الإطلاق بين تل أبيب والدوحة بجلب المشجعين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى البلاد طوال مدة البطولة.
الإسرائيليون الذين سافروا إلى الدولة الخليجية الصغيرة، سواء كمتفرجين أو كمراسلين، لم يقابلوا بترحاب، وفي مقال نشرته صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليومية عن الوقت الذي قضوه في الدوحة، قال الصحفيان الرياضيان الإسرائيليان راز شيشنيك وعوز معلم إن التجربة كانت واقعية.
وقال الصحفيان “كنت دائما ليبراليا وسطيا منفتحا، مع رغبة شاملة في السلام. لطالما اعتقدت أن المشكلة تكمن في الحكومات، مع الحكام ، مشكلتنا أيضا لكن في قطر أدركت مدى الكراهية التي يشعر بها الشخص العادي في الشارع، وبدأ الاثنان في نهاية المطاف في تعريف نفسيهما على أنهما إكوادوريان لتجنب المواجهات الساخنة مع المؤيدين العرب.
وكتب الصحفيان لم نكن نتوقع أن يتم استقبالنا بعناق دافئ، كنا نتوقع فقط أن نعامل كصحفيين يغطون مسابقة رياضية.
كما اجتاحت الرواية القوية المؤيدة للفلسطينيين في الدوحة المعجبين من بقية العالم.
خلال بث مباشر، اقترب مراسل هيئة البث العام الإسرائيلية “كان” من مجموعة من مشجعي إنجلترا الشباب بعد فوزهم على السنغال، وسألهم هل ستعودون إلى المنزل؟
فأجاب أحدهم “بالطبع هو كذلك ، ثم أضاف وهو يمسك بالميكروفون ، لكن الأهم من ذلك ، حرروا فلسطين”.
https://www.theguardian.com/football/2022/dec/10/god-preserve-this-score-palestinians-roar-arab-team-into-world-cup-semis