تقف مصر على مفترق طرق حاسم، يوم 16 ديسمبر الجاري حينما يجتمع صندوق النقد الدولي، ليقر شروطا جديدة على مصر تلزمها بتعويم مرن للجنيه المصري، قد ينخفض سعره أمام الدولار لأكثر من 35 جنيها.
وقبيل موعد اجتماع الصندوق، ارتفعت أسعار الدولار والعملات الأجنبية أمام الجنيه المصري، الذي يفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في مصر، بينما يركز النظام العسكري جهوده من أجل الجباية وتقليب جيوب المصريين، سواء عبر تشريعات تفرض ضرائب على أموال البنوك أو تطبيق قوانين ولوائج مالية للجباية، كالفاتورة الإلكترونية وتراخيص المحال التجارية.
وقد قفز سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى 35 جنيها للبيع، و32.5 جنيها للشراء، مقابل متوسط سعر صرف 24.65 جنيها للدولار في البنوك، يوم الثلاثاء، بسبب زيادة الطلب على العملة الأميركية ونقص المعروض منها، وإعادة التجار والموردين تقييم أصولهم وفقا لسعر تحوط يدور حول 33 جنيها للدولار، في ظل ما يُثار بشأن خفض قيمة العملة المحلية للمرة الثالثة هذا العام، بالتزامن مع اجتماع صندوق النقد الدولي نهاية الأسبوع.
فيما ارتفع سعر بيع الريال السعودي في اليومين الماضيين فقط من 7.5 جنيهات إلى 8 جنيهات في السوق السوداء، مقابل 6.55 جنيهات في البنوك، والدرهم الإماراتي إلى 8.25 جنيهات مقابل سعر رسمي يبلغ 6.70 جنيهات، والدينار الكويتي إلى 100 جنيه مقابل 80.25 جنيها.
كما سجلت أسعار الذهب زيادات بلغ مجموعها 15% في الأسبوعين الماضيين، باعتباره ملاذا آمنا لمدخرات المصريين في ظل شح الدولار، ليرتفع سعر الجرام إلى 1909 جنيهات (عيار 24) وإلى 1670 جنيها (عيار 21)، وإلى 1431 جنيها (عيار 18).
فيما زاد سعر جنيه الذهب، الذي يزن 8 جرامات من عيار 21، إلى 13360 جنيها مقارنة مع 11680 جنيها، في نهاية نوفمبر الماضي.
ومن المقرر ، أن يجتمع صندوق النقد في 16 ديسمبر الحالي، للنظر في طلب مصر الحصول على قرض جديد، تصل قيمته الإجمالية إلى 3مليار دولار على مدى 46 شهرا، والإفراج عن دفعة أولى منه بقيمة 750 مليون دولار قبل نهاية العام، من أجل مساعدتها في دعم أوضاع ماليتها العامة.
ومع اشتداد الطلب على الدولار، قبل نهاية العام الذي يشهد تسويات حسابية للشركات العاملة بمصر، تشهد السوق المصرية عدم الاستقرار في أسعار السلع الأساسية، والتي باتت تشهد زيادات يومية.
ولعل ما يفاقم الأزمة الاقتصادية بمصر أيضا، هو إقدام الحكومة على اتخاذ قرارات كارثية أخرى، تتعلق برفع سعر الفائدة في مواجهة معدلات التضخم المرتفعة، وكذلك المضي قدما في تحرير جديد للعملة، يعد الثالث هذا العام، والرابع منذ 2016.
وقفز معدل التضخم السنوي في مصر إلى 19.2 % خلال نوفمبر الماضي، من 16.3% في أكتوبر الماضي.
ويضغط ارتفاع التضخم على البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة، في اجتماعه المحدد سلفا في 22 ديسمبر إلا أن خبراء يتوقعون أن يعقد البنك اجتماعا استثنائيا الخميس، أي قبل يوم واحد من اجتماع صندوق النقد، وهكذا تسير مصر نحو مزيد من الانهيار الاقتصادي بلا توقف أو تدخل حكومي فاعل يوقف الكارثة ، يدفع ثمنه المصريون الذين يقفون في طوابير الجوع والفقر ينتظرون كيلو أرز من الجمعيات وسلع التموين بلا جدوى رغم ارتفاع أسعارها بشكل مرعب، خلال الأيام الماضية.