قال موقع ميدل إيست آي إن "قرار حكومة الانقلاب الذي يطالب أصحاب عشرات المنافذ التجارية والصناعية بالحصول على موافقة الأجهزة الأمنية من أجل القيام بعملهم أثار موجة غضب عارمة بالشارع المصري".
ووفقا للقرار الذي أعلن عنه يوم الأحد الماضي ، يتعين على أصحاب محلات السوبر ماركت ومحلات تصليح الأحذية والمقاهي ومحلات إصلاح وبيع الهواتف المحمولة ومصففي الشعر ، من بين 83 نشاطا تجاريا وصناعيا ، الحصول على موافقة من مديريات الأمن في المناطق التي تقع فيها محلاتهم من أجل الحصول على ترخيص والعمل بشكل قانوني.
وسيتم تغريم أولئك الذين ينتهكون القرار – بما في ذلك عدم التقدم بطلب للحصول على إذن من مديريات الأمن – بشكل كبير.
المساهمة في جهود التنمية!
وقال وزير التنمية المحلية بحكومة السيسي، هشام آمنة إن "القانون الجديد يهدف إلى إضفاء الطابع الرسمي على الأنشطة الاقتصادية، بحيث يمكن للمواطنين ممارسة أنشطتهم تحت مظلة الدولة للمساهمة في جهود التنمية".
وأضاف الموقع أنه، قد لا يكون من السهل تنفيذ هذه الخطوة لأن مئات الآلاف من الأنشطة التجارية والصناعية ليس لديها وثائق أو ترخيص في مصر، ومع ذلك ، يتعين الآن على هذه الشركات فجأة أن تكون معتمدة وموثقة ومرخصة بعد القانون الجديد الذي دخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع.
وأوضح الموقع أن عملية الترخيص، التي تعتمد على موافقة المديريات الأمنية، تشمل دفع رسوم، تتراوح بين 1000 جنيه مصري 39 دولارا و100 ألف جنيه مصري 3921 دولارا، اعتمادا على نوع النشاط التجاري أو الصناعي المتقدم للحصول على الترخيص وحجم المنفذ أو المحل الذي يتم فيه هذا النشاط.
يقول أصحاب المتاجر إن "هذا مبلغ ضخم من المال ، خاصة في هذا الوقت من الركود الكبير".
قال إبراهيم محمود ، صاحب صالون تصفيف الشعر للرجال في وسط القاهرة ، لموقع ميدل إيست آي "تواصل الحكومة ابتكار طرق لابتزاز الأموال من الناس، توقع الناس مثلي أن تتوقف الحكومة عن فرض الأموال عليهم ، خاصة مع تدهور الاقتصاد ومعاناة الناس".
وأضاف محمود أن رسوم الترخيص المرتفعة تجعل احتمال الإغلاق الكامل يلوح في الأفق بشكل كبير على أعمالهم.
وقال رجل ساخرا «كمواطن يخشى على مصالح بلده، أقترح إضافة المحلات التجارية التي تبيع الأحزمة إلى هذه القائمة» وكتب على تويتر "يمكن أن تتحول الأحزمة إلى متفجرة أو تستخدم في ضرب الزوجات إذا كانت قاسية بما فيه الكفاية".
وكتب آخر "تحتاج ورش تصليح الأحذية إلى أذونات أمنية للعمل، لقد وصلنا حقا إلى مستوى النعل الخارجي».
وفي الوقت نفسه، قالت يمن الحماقي، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، لـميدل إيست آي إن "الإجراءات ستخيف المستثمرين، مضيفة ما علاقة المؤسسة الأمنية بالشركات الصغيرة التي يملكها ويديرها مواطنون مصريون؟.
وبالمثل، يعارض بعض أعضاء برلمان السيسي القرار الجديد، محذرين من تأثيره على الاستثمارات وملايين الأشخاص الذين يكسبون لقمة العيش من خلال إدارة الشركات الصغيرة.
وقال النائب فريدي البياضي إن "الحكومة يجب أن تشجع الاستثمارات ، وليس تعقيد الأمور بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في بدء أعمالهم التجارية الخاصة".
وقال البياضي، في برنامج حواري على قناة MBC التلفزيونية السعودية "هذا ليس الوقت المناسب لفرض مثل هذه القرارات التي تعقد سير الأعمال، نحن بحاجة إلى تشجيع الشباب على بدء أعمالهم التجارية الخاصة، وليس جعل الأمور صعبة بالنسبة لهم".
الخلفية الاقتصادية
تضرر الاقتصاد المصري بشدة من الأزمات العالمية المتتالية على مدى السنوات الثلاث الماضية.
حرم كوفيد-19 الاقتصاد من مليارات الدولارات من عائدات السياحة، وكلف حكومة السيسي مليارات الدولارات لتمويل تدابير لإنقاذ الاقتصاد وبعض الأنشطة الاقتصادية، وأنهك النظام الصحي الوطني.
كما تسبب تفشي الفيروس في فقدان ملايين الأشخاص لوظائفهم، بما في ذلك في قطاع السياحة وقطاع الأعمال الصغيرة.
كما توجه الحرب في أوكرانيا ضربة قاتلة للاقتصاد المصري، بعد أن أجبرت مصر التي تعتمد على استيراد الغذاء على دفع المزيد مقابل وارداتها.
كما حرمت الحرب مصر من ملايين السياح الذين اعتادوا زيارتها من البلدين المتورطين في القتال، روسيا وأوكرانيا.
وقد هدد هروب مليارات الدولارات من الأصول الأجنبية آفاق الاقتصاد المصري وأجبر سلطات الانقلاب على طلب قروض بمليارات الدولارات من مؤسسات الائتمان الدولية، بما في ذلك صندوق النقد الدولي.
وقال محمد عبد الحميد، عضو اللجنة الاقتصادية في برلمان السيسي، إن "الحرب الأوكرانية أثرت سلبا على احتياطيات النقد الأجنبي في البنك المركزي المصري، خاصة بسبب تأثيرها على قطاع السياحة، مضيفا أنها أثرت أيضا على المنتجين الذين وجدوا صعوبة في الحصول على الواردات التي يحتاجونها".
كما شرعت سلطات الانقلاب في بيع أصول البلاد على نطاق واسع للدول العربية الغنية بالنفط في محاولة للتعامل مع العواقب الاقتصادية المدمرة للحرب وجلب السيولة اللازمة لشراء احتياجات شعبها من السوق الدولية والوفاء بالتزاماتها الدولية.
تحتاج مصر إلى خلق ما يقرب من مليون فرصة عمل لشبابها كل عام، والحفاظ على معدلات نمو اقتصادي مرتفعة، والمضي قدما في تنميتها. وللقيام بذلك، تقوم بإجراء تعديلات تشريعية، وعرض قطع أراضي للمستثمرين، وإدخال إعفاءات ضريبية في عدد من الأنشطة الاقتصادية.
كما أعدت حكومة السيسي استراتيجية لتمكين القطاع الخاص، بما في ذلك عن طريق الخروج من بعض قطاعات الاقتصاد.
الاقتصاد غير الرسمي
ويأتي القرار الجديد أيضا في وقت تعمل فيه حكومة السيسي جاهدة لزيادة الإيرادات الضريبية لسد العجز المتزايد في الميزانية.
ترفع حكومة السيسي الرسوم التي تفرضها على الناس العاديين على جميع أنواع الخدمات، من رسوم ترخيص السيارات إلى مدفوعات الوثائق الرسمية، بما في ذلك جوازات السفر وبطاقات الهوية.
وفي الوقت نفسه، تواجه سلطات الانقلاب مشكلة في دمج الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي.
تشكل الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية ما يقرب من 50 في المئة من الاقتصاد المصري، وتنتج ثلاثة تريليونات جنيه مصري (حوالي 117 مليار دولار) من السلع والخدمات كل عام.
تخسر الخزانة المصرية حوالي 400 مليار جنيه (حوالي 15.6 مليار دولار) سنويا من الضرائب غير المحصلة من المنافذ التجارية والصناعية غير الرسمية، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الذراع الإحصائي الرسمي لحكومة السيسي.
على خلفية هذا الوضع الاقتصادي الصعب، يرى مؤيدو قانون ترخيص المحلات الجديد أن ترخيص جميع المنافذ التجارية والصناعية سيضمن أن يكون لدى حكومة السيسي سجلات لجميع الأنشطة الاقتصادية ، وبالتالي تكون قادرة على إدراج هذه الأنشطة في النظام الضريبي الرسمي.
وقال محمود السعيدي، عضو اللجنة الاقتصادية في برلمان الانقلاب، لموقع ميدل إيست آي "عملية الترخيص هذه مهمة جدا للاقتصاد، مضيفا "سيكون التهرب الضريبي شيئا من الماضي عندما يتم تسجيل جميع الشركات، بغض النظر عن صغر حجمها".
https://www.middleeasteye.net/news/egypt-demands-business-approval-security-services-hefty-fees