“سي إن إن”: كيف أصبحت مصر مدمنة للديون؟

- ‎فيأخبار

قالت شبكة "سي إن إن" إن  "سلطات الانقلاب حفرت لنفسها حفرة ضخمة من الديون، جاء ذلك عقب موافقة صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، على قرض بقيمة 3 مليارات دولار للبلاد ، وهي حزمة مساعدات رابعة في ست سنوات ، مع استمرار الانهيار المالي".

ونقلت الشبكة عن خبراء قولهم إن "القرض، إلى جانب مليارات الدولارات من التدفقات النقدية من أبو ظبي والرياض، هي ضمادات تهدف إلى إبقاء أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان واقفة على قدميها، لكن بدون إصلاحات مناسبة، قد لا تتمكن مصر أبدا من التخلص من مشاكلها المالية المزمنة وإنهاء إدمانها المتزايد على الديون".

وقالت الشبكة إنه "في الأشهر الأخيرة، انخفض الجنيه المصري، وخسر 14.5٪ من قيمته مقابل الدولار الأمريكي في أكتوبر، وارتفعت أسعار الخضروات ومنتجات الألبان والخبز. وقيدت بعض العائلات وجباتها الغذائية مع تقلص قوتها الشرائية ، بينما تكافح عائلات أخرى للعثور على منتجات مستوردة بمجرد توفرها في متاجرهم المحلية".

وأضافت الشبكة أنه، في بلد له تاريخ طويل من التوتر السياسي والنمو السكاني السريع ، فحاليا 104 مليون شخص ، يمكن أن تكون تداعيات الألم الاقتصادي بعيدة المدى، عندما أطاح ملايين المتظاهرين المصريين بالرئيس السابق حسني مبارك خلال الربيع العربي عام 2011 كانت "عيش، حرية وعدالة اجتماعية" من بين الهتافات الأكثر شعبية.

وأوضحت الشبكة أن الداعمين الرئيسيين للسيسي في الخليج العربي يدركون ما هو على المحك هنا، وتدفقت مليارات الدولارات من أبوظبي والرياض على الاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة، وشهدت كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية مكاسب هائلة على خلفية ارتفاع أسعار النفط هذا العام، لقد استخدموا بعض هذه الأموال لتعزيز اقتصاديات حلفائهم في الشرق الأوسط.

وفي أغسطس، أعلنت شركة أبوظبي التنموية القابضة (ADQ) إحدى صناديق الثروة في الإمارة، عن عدد من الاستثمارات في الشركات المدرجة في البورصة في مصر بناء على التزامها طويل الأجل بالاستثمار في النمو الاقتصادي للبلاد من خلال منصة الاستثمار الاستراتيجي المشتركة التي تبلغ قيمتها 20 مليار دولار.

كما أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي الشركة السعودية المصرية للاستثمار (SEIC) في أغسطس، وهي شركة مخصصة للاستثمار في العديد من القطاعات الحيوية للاقتصاد المصري. اشترت الشركة السعودية للاستثمار أسهما بقيمة 1.3 مليار دولار في أربع شركات مصرية.

ومع ذلك، يكافح الاقتصاد المصري للتخلص من مشاكله الاقتصادية. وبلغ التضخم أعلى مستوى له منذ خمس سنوات، مما يجعل الغذاء والسلع الأساسية الأخرى غير ميسورة التكلفة لعشرات الملايين من المصريين الضعفاء.

ترحيل الديون إلى المستقبل

وتدين الدولة الواقعة في شمال أفريقيا الآن بأكثر من 52 مليار دولار للمؤسسات المتعددة الأطراف، 44.7٪ منها على الأقل مستحقة لصندوق النقد الدولي وحده.

وقال ستيفان رول ، رئيس قسم إفريقيا والشرق الأوسط في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP) في برلين إن "ديونها الخارجية تضاعفت أكثر من ثلاثة أضعاف بين يونيو 2013 ومارس 2022 ، مما رفع نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي من 15٪ إلى أكثر من 35٪ تقريبا ، وليس هناك نهاية في الأفق".

كيف وصلت مصر إلى هنا؟

وبحسب الوكالة يقول محللون إن "المشكلة تكمن في عجز سلطات الانقلاب الواضح عن تغيير الطريقة التي يعمل بها اقتصادها، بما في ذلك تخفيف الرقابة المشددة التي يمارسها الجيش ومؤسساته العديدة، و إن هذه مشكلة تعوق منافسة القطاع الخاص وتدفع الاستثمار بعيدا".

كانت سلطات الانقلاب على طريق إدمان الديون لعدة سنوات، في عام 2016 ، أبرم عبد الفتاح السيسي صفقة مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار، وتمت الموافقة على خطة الإنقاذ بشرط تعويم العملة المصرية ، مما أدى في النهاية إلى خفض قيمتها بمقدار النصف في غضون أسابيع ورفع التضخم، وفرضت تدابير تقشفية قاسية ، بما في ذلك خفض الدعم على الوقود والكهرباء  في محاولة لاستعادة الموارد المالية للحكومة.

وعلى الرغم من خطة الإنقاذ، كافحت سلطات الانقلاب لاستعادة نفسها بالكامل، حيث عزا المحللون الإخفاقات المتكررة في تنشيط الاقتصاد إلى الاتفاقات الفضفاضة وسوء إدارة القروض.

وقال تيموثي كالداس، زميل السياسات في معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط إنها "ليست قروضا  مؤقتة، بل إنها ليست مشروطة بطريقة من شأنها أن تدفع في الواقع نحو الإصلاحات اللازمة للسماح للاقتصاد المصري بالتعافي".

وأضاف "في الآونة الأخيرة يبدو أن المقرضين متعددي الأطراف بدأوا أخيرا في ملاحظة ذلك، ويبدو أنهم يريدون رؤية بعض هذه الإصلاحات، لكنهم لم ينجحوا في إقناع المصريين بالموافقة عليها".

كما تنفق سلطات الانقلاب التي تعاني من ضائقة مالية الكثير من أموالها على المشاريع الضخمة الفاخرة التي يصفها النقاد بأنها غير ضرورية، عندما يبدو أن القطاعات الأخرى في حاجة ماسة إلى الدعم، بما في ذلك التعليم والرعاية الصحية، وجعلت السلطات البيانات المتعلقة بالإنفاق الحكومي على هذه المشاريع غير متاحة للجمهور.

وقال رول لشبكة CNN "لم تستخدم القروض في المقام الأول لتحسين ظروف الإطار الاقتصادي ولكن لحماية إيرادات وأصول القوات المسلحة ، وتمويل المشاريع الكبرى التي يمكن للجيش أن يكسب فيها أموالا كبيرة ، ومتابعة الحشد العسكري الموسع" .

ودافعت سلطات الانقلاب مرارا عن المشاريع الحكومية العملاقة قائلة إنها حسنت البنية التحتية والنقل والاتصالات.

وقال رئيس حكومة الانقلاب مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي في مايو "هذه مشاريع لا يمكن وضعها جانبا، لأنها مشاريع يحتاجها المواطن المصري" وألقى باللوم على جائحة كوفيد-19 وآثار حرب أوكرانيا في تفاقم المشاكل المالية في مصر.

وتقول سلطات الانقلاب إن "ما يقرب من 30 في المئة من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر، وقدر البنك الدولي في عام 2019 أن حوالي 60٪ من سكان مصر إما فقراء أو ضعفاء، مما يسلط الضوء على التفاوت المتزايد بين الأغنياء والفقراء".

وتصر سلطات الانقلاب على أنها تحرز تقدما، ودعا السيسي مرارا وتكرارا إلى إدراج الشركات المملوكة للجيش في البورصة، لكن لم يتم اتخاذ سوى خطوات ملموسة قليلة لتحرير تلك الشركات.

وفي سبتمبر 2019، اندلعت مظاهرات قصيرة ونادرة في جميع أنحاء مصر، على الرغم من الحظر الصارم على الاحتجاجات، كانت مدفوعة في المقام الأول بالمظالم الاقتصادية. كما شجب المتظاهرون نفوذ الجيش المزعوم على الشؤون المالية، وسرعان ما قمعت قوات الأمن المظاهرات واعتقل أكثر من 4000 شخص.

 

https://edition.cnn.com/2022/12/16/business/egypt-debt-crisis-mime-intl/index.html