“ميدل إيست آي”: 2022 عام السياسة البراجماتية في الشرق الأوسط

- ‎فيأخبار

قال موقع ميدل إيست آي إن "عام 2022  شهد التقاط قادة الشرق الأوسط الصور الضاحكة مع خصوم لدودين، وانطلقوا في زيارات دولية لم يكن من الممكن تصورها قبل بضع سنوات".

وأضاف الموقع أن الصداقة ظهرت من أنقرة والقاهرة إلى دبي والدوحة، وامتدت من الرئيس السوري المنبوذ بشار الأسد إلى حكام الخليج الذين تدفقت عليهم مكاسب غير متوقعة من دولارات النفط على خلفية غزو روسيا لأوكرانيا.

وقال عبد الله باعبود ، وهو باحث غير مقيم في مركز مالكولم كير كارنيجي للشرق الأوسط ، لموقع "ميدل إيست آي" "هذا العام بدأ التعب من النزاعات التي مزقت المنطقة لمدة عقد من الزمان" .

وأضاف ، إنه تحول مفاجئ للأحداث وبالطبع أمر إيجابي للمنطقة التي حرمت من الحوار.

 

أردوغان يهادن أعداءه

وأوضح الموقع أن الحملة الدبلوماسية بدأت في فبراير مع قيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأول زيارة رسمية له إلى الإمارات العربية المتحدة منذ تسع سنوات، وأتبع ذلك أردوغان بزيارة للسعودية في أبريل واستضاف في وقت لاحق عدوه الخليجي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على أرضه في أنقرة".

وكانت تركيا على خلاف مع دول الخليج منذ الربيع العربي عام 2011، عندما ألقى أردوغان بثقله وراء جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين والحركات الديمقراطية التي تعتبرها الأنظمة الملكية المستبدة تهديدا لحكمها. كانت العداوة مع المملكة العربية السعودية في ذروتها عندما قتل جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول ، وهي جريمة قتل قيل إن ولي العهد أمر بها شخصيا.

لكن محللين يقولون إن "الاقتصاد تفوق هذا العام على أيديولوجية أردوغان الذي يسعى لإعادة انتخابه في يونيو وسط أزمة اقتصادية شهدت ارتفاع التضخم إلى أكثر من 80 في المئة، وتعهدت كل من الرياض وأبو ظبي بتقديم مليارات الدولارات لدعم احتياطيات تركيا الضعيفة من العملات الأجنبية وقامت باستثمارات في البلاد".

وقال كين كاتزمان ، كبير المستشارين في مجموعة صوفان ، لموقع ميدل إيست آي  "الاقتصاد مشكلة كبيرة لأردوغان، إنه يحاول العودة إلى الحظيرة مع الخليج في الوقت الذي يمد فيه يده للحصول على شريان حياة مالي".

 

مصر مأزومة تبحث عن حل

وعلى الجانب الآخر من النزاع توجد مصر، وهي دولة أخرى محاصرة ماليا أعادت ضبط علاقاتها مع خصومها القدامى.

دعمت تركيا وقطر حكومة الرئيس الشهيد محمد مرسي المنتخبة ديمقراطيا، والتي انقلب عليها الجيش المصري بقيادة عبد الفتاح السيسي، انهارت العلاقات بين البلدين بعد فترة وجيزة، شكك أردوغان علنا في شرعية السيسي، في حين اتهمت القاهرة قطر بالتدخل في شؤونها الداخلية، باستخدام شبكة الجزيرة الإخبارية الممولة من الدولة لمهاجمتها في الصحافة.

في عام 2017 ، وقعت سلطات الانقلاب على مقاطعة تقودها السعودية لقطر بسبب دعم البلاد لجماعة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية التي وصفتها الرياض وحلفاؤها بأنها إرهابية، ونفت قطر هذه المزاعم.

وبالانتقال سريعا إلى عام 2022، تصافح أردوغان مع السيسي في كأس العالم، في حين تم تصوير السيسي وهو يبتسم إلى جانب أمير قطر الحاكم، تميم بن حمد آل ثاني.

 

الخليج ينفض الخلافات

وانضمت قطر إلى السعودية والإمارات في التعهد بتقديم مليارات الدولارات لدعم الاقتصاد المصري المتداعي من خلال الاستثمارات وودائع البنك المركزي.

تضع دول الخليج جانبا الضغائن القديمة في نفس الوقت الذي ترفع فيه الحرب في أوكرانيا أسعار الطاقة ، وتملأ خزائنها بأموال النفط وتعزز نفوذها على الدول الأضعف اقتصاديا مثل مصر وتركيا.

وقال باعبود «أكبر حدث في العام، غزو روسيا لأوكرانيا، ساعد الخليج بطرق عديدة».

قال باعبود، من مركز كارنيجي للشرق الأوسط "أنصار السيسي في الخليج ليسوا بالضرورة سعداء بتعامله مع الاقتصاد، والدعم المالي القطري لا يعني أن الدوحة تتفق مع السيسي في كل شيء".

وأضاف "هناك خوف من أن ينهار الاقتصاد المصري مع تداعيات محتملة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط".

منحت بطولة كأس العالم لكرة القدم التي استضافتها قطر قادة الشرق الأوسط صيغة رفيعة المستوى للتعبير عن التحول في نهجهم تجاه المنطقة ليراها العالم بأسره.

وخلال البطولة، شوهد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وهو يرتدي وشاحا بألوان العلم القطري، ورد أمير قطر بالمثل بلف العلم السعودي حول كتفيه.

"كان ارتداء العلم رمزيا، لقد بعثت برسالة إلى الجماهير في المنطقة والغرب، كما قال دبلوماسي خليجي لموقع ميدل إيست آي، لكنها أكثر من مجرد لفتة.

وأضاف الدبلوماسي أن "الالتزامات بتطبيع العلاقات حقيقية، الروابط العائلية والقبلية تربط الخليج ومن المصلحة الوطنية للدول تهدئة التوترات".

وقالت سينزيا بيانكو، وهي زميلة زائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لموقع ميدل إيست آي إن "التقارب السعودي القطري كان حقيقيا تماما، ومدفوع بإدراك متبادل بأن التنسيق الجيوسياسي هو مصلحة أساسية لكلا الجانبين".

ويتوقع محللون أن تواصل القوى الإقليمية إصلاح العلاقات في عام 2023، لكنهم يحذرون من أن الخلافات ستستمر.

وقال كاتزمان "هؤلاء جميعا حكام خليجيون وراثيون، لكن ليس لديهم وجهات نظر متشابهة حول المنطقة".

ولا تزال العلاقات بين قطر والبحرين فاترة، وفي الوقت نفسه، كان تقارب الدوحة مع الإمارات أكثر وعورة مقارنة بمصالحتها مع المملكة العربية السعودية، على الرغم من زيارة الرئيس الإماراتي محمد بن زايد إلى قطر في ديسمبر.

وقالت سينزيا بيانكو ، من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، في عام 2022 ، ركزت قطر بشكل أساسي على استضافة كأس العالم ، لكن ستصبح ببطء أكثر نشاطا من الناحية الجيوسياسية ، بعد أن تراجعت خلال البطولة لمنع أي عدم استقرار".

 

قطر تعيد تأكيد نفسها

وأضافت أنه بينما تعيد قطر تأكيد نفسها، سيكون هناك مجال للتعاون مع المملكة العربية السعودية في مناطق مثل القرن الأفريقي حيث تتلاقى مصالح البلدين، لكنها ترى نقاط اشتعال محتملة بين قطر والإمارات العربية المتحدة بشأن تركيا، حيث يتطلع كلاهما إلى الحصول على استثمارات مساومة، وأفغانستان.

وفي سبتمبر، أبرمت الإمارات عقدا لتشغيل مطار كابول، وهو ما كانت تتطلع إليه قطر وتركيا.

لا تزال سوريا نقطة خلاف بين القوى الإقليمية، وقدم أردوغان مبادرات للرئيس بشار الأسد دون جدوى، وفي مارس رحبت الإمارات بالزعيم السوري في أول زيارة له إلى بلد عربي منذ اندلاع الحرب السورية، ومع ذلك فإن قطر والمملكة العربية السعودية مترددتان في إعادة دمشق إلى الحظيرة العربية.

وقال كاتزمان إن "سوريا ليست سوى واحدة من الانقسامات التي يتعين على المنطقة مواجهتها" معتقدا أن موجة التقارب يمكن اختبارها في عام 2023 إذا كان هناك تصعيد في النقاط الساخنة مثل قطاع غزة المحاصر، حيث لا يزال دعم قطر لحماس يثير غضب جيرانها الخليجيين مثل الإمارات.

لم يتم استبعاد دولة الاحتلال من ذوبان الجليد الإقليمي، وتحسنت علاقتها مع تركيا وعززت علاقاتها مع دول اتفاق إبراهيم ووقعت اتفاقية تجارة حرة تاريخية مع الإمارات وعززت صادرات الأسلحة.

حتى إنه تم إرسال مسؤولين عسكريين إسرائيليين إلى قطر، التي رحبت بالرحلات الجوية الإسرائيلية لكأس العالم على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بينهما.

وقال باعبود "إذا كان هناك فائز شامل في المنطقة فهو إسرائيل".

كما أن دول الخليج منقسمة حول كيفية إدارة العلاقات مع عدو إسرائيل اللدود، إيران.

وقطر، التي تشترك في أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم مع إيران، من دعاة المشاركة الأوثق واستضافت محادثات لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 في وقت سابق من هذا العام.

وفي حين عارضت الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الاتفاق، إلا أنهما قدمتا بعض المبادرات للجمهورية الإسلامية مؤخرا.

 

تواصل سعودي إماراتي مع إيران

في أغسطس، أعادت الإمارات تعيين سفيرها في إيران، وجاء القرار بعد أن ضربت الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقها المتمردون الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن دبي وأبو ظبي، مما أثار القلق بين القادة الإماراتيين بشأن التزام واشنطن بأمنهم.

قال كاتزمان "التواصل السعودي والإماراتي مع إيران مدفوع بعدم معرفتهما بما ستفعله الولايات المتحدة إذا تعرضتا للهجوم".

لكن التواصل الخليجي فتر مع انزعاج إيران من الاحتجاجات التي تدعو إلى إسقاط الحكومة، قال مسؤولون عراقيون، الاثنين، إن "المحادثات بين السعودية وإيران في بغداد، والتي شملت مفاوضات بشأن الحرب في اليمن، توقفت بسبب المظاهرات".

قال باعبود "بالنظر إلى عام 2023 إذا استمرت الاحتجاجات في إيران، سيتباطأ الحوار مع السعودية".

لكن المحللين يتوقعون استمرار الاتجاه العام لدفء العلاقات بين القوى الخليجية وتركيا.

وقال باعبود  "دخل القادة في صراعات بعد الربيع العربي معتقدين أنهم سيحققون شيئا، لكن بعد الكثير من الجهد والتكاليف، لم يحققوا الكثير".

وأضاف "لا تزال هناك نقاط احتكاك، لكن التقارب يكتسب زخما وسيستمر في عام 2023".

 

https://www.middleeasteye.net/news/2022-middle-easts-year-pragmatism-over-politics