واشنطن بوست: المصريون خفضوا وجباتهم وغير قادرين على الفول والكشري

- ‎فيأخبار

التقت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، لأول مرة قبل سنوات، أصحاب مطاعم في مصر قالوا إن “أبسط الوجبات لم تعد في مقدور المصريين، وإنه بدلا من تناول ثلاث وجبات، يتناول الناس وجبة أو وجبتين” بحسب صاحب مطعم كشري أبو طارق الشهير بوسط البلد.

وأضاف تقرير للصحيفة أن المصريين تعاني بلادهم أزمات طاحنة عجز النظام عن التعامل معها، وأن أزمتهم الاقتصادية لم يعد فيها المصريون العاديون يملكون القدرة على توفير الوجبات البسيطة.

سندويتشات الفول
ونقلت الصحيفة أن مدحت محمد (47 عاما) عامل بمطعم بالعجوزة الذي يبيع فيه ساندويشات الطعمية والفول، وهي وجبة نباتية، لكن الزبائن باتوا يتجنبونها، وفي العام الماضي، كان سعر ساندويش الطعمية 3.50 جنيه، أما اليوم فقد أصبح 4.50 جنيه وقال محمد إن “الحرب في أوكرانيا كانت سببا في ارتفاع سعر الطحين والزيت، واليوم يشتري الزبائن الفلافل بالحبة، ويتناولونه مع الخبز المدعم بدلا من شراء ساندويشات”.

وأضافت أنه حتى مع زيادة أسعار الساندويشات، مدير المحل سيد الأمير، يقول إنهم “لا يحققون الربح، وإن أصحاب المحلات الأخرى أغلقوها، لكنه سيعمل المستحيل لتجنب هذا الخيار، فالعمال عنده من أصحاب العائلات ولديهم أطفال، ومعظمهم يعملون في أكثر من مكان، في التوصيلات وفي مطاعم أخرى”.

 

مطعم أبو طارق
وقالت كاتبة التقرير إن “صاحب مطعم  أبو طارق من  أشهر مطاعم الكشري، الوجبة الرخيصة الشعبية (كربوهيدرات وبروتين) والتي يمكن أن تعطي الطاقة للشخص طوال اليوم، ويُقبل على تناولها  أغنى الأغنياء وأفقر الفقراء في مصر”.

وكشف التقرير عن تراجع زبائن الكشري رغم أنها الوجبة المتاحة للمصريين، رغم محاولة أبو طارق جعل الحصص أصغر لتجنب زيادة سعرها بحيث يمكن للسكان تناولها.

وعن معاناة أبو طارق ، فإنه بنفس عدد الموظفين في المطبخ والنادلين وعمال التوصيلات، فزكي لديه نفس العدد من الموظفين لدفع رواتبهم ولكن بمال أقل”، بحسب التقرير.

وقال مالك المطعم إن “نفس الزبون الذي كان يشتري صحنا أكبر بات يشتري صحنا أصغر، وبدلا من تناول ثلاث وجبات، يتناول الناس وجبة أو وجبيتن”.

ولدى مطعم زكي عدد كبير من الزبائن ليتجاوز العاصفة، فقد باع الكشري طوال حياته، مرة من عربة والده ثم من مطعمه، وراقب زكي الأسعار ترتفع وتنخفض لكن ليس كما يحدث اليوم.

مطعم آخر
وفي منطقة الزمالك، نقلت الصحيفة من محل كشري آخر لصاحبه أحمد رمضان 27 عاما يبيع 700 وجبة وتوصيلة من الكشري في كل يوم، ومعظم زبائنه من الطلاب والعمال الذي يمرون من محله كل يوم.

وأشارت إلى أن رمضان يعتبر نفسه محظوظا مقارنة مع  حي إمبابة الذي يعيش فيه إلى جانب أصحاب الدخول المتدنية، فهو يستطيع المشي يوميا إلى مطعمه في الزمالك بدون القلق على زيادة أسعار النقل، وبالنسبة لجيرانه فقد زاد الوضع سوءا فعليهم كسب قوت يومهم ليأكلوا، ويتناولون الخضار والأرز.
 

وأضافت أن رمضان عانى في الأسابيع الماضية من نقص الإمدادات، بحيث اضطر للتوقف عن بيع الوجبات الرخيصة على القائمة لكي يغطي على الوجبات الأعلى ثمنا من الكشري، وقال إنه “كان يشتري طن الأرز بـ8.000 جنيه مصري، أما اليوم فقد وصل الطن إلى 18.000 جنيه وارتفع سعر طن المركونة إلى 6.000 جنيه، حتى العلب البلاستيكية والأكياس لوضع الطعام زادت أسعارها، ولكن الزبائن يحضرون، هم بحاجة لتناول الطعام”.

الحرب الروسية

وتابع “مع زيادة أسعار الطعام، أصبحت كل الوجبات حتى قليلة السعر غير متاحة، وبات إعدادها يؤثر على جيب صاحب مطعم أبو طارق، يوسف زكي، وجيوب المشترين الذين يعتمدون على الطبق البديل عن الوجبات الأخرى، وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تستعد للخروج من آثار وباء كوفيد الذي قلل من حركة السياحة إلى البلد، قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا.

وأشارت إلى أن الحرب أدت إلى سلسلة من التداعيات غير المتوقعة في المنطقة، وكانت مصر المتأثر الأكبر منها، وفي غضون أسابيع من الغزو، سحب المستثمرون الأجانب أموالهم من مصر، بشكل زاد من اضطراب الاقتصاد. وتستورد مصر القمح أكثر من أي بلد آخر، ومعظمه من أوكرانيا وروسيا.

ولفتت إلى أن زيادة أسعار القمح وزيت الطعام، وتراجع عائدات السياحة بسبب أن أغلب القادمين من أوكرانيا وروسيا. مؤكدا أن مصر اليوم تواجه أسوأ معدلات التضخم، حيث زادت أسعار المشروبات والطعام بمعدل 30.9% منذ العام الماضي.
وفي بداية العام الحالي، كان معدل سعر صرف الجنيه هو 15.6 للدولار، ولكنه زاد اليوم وأصبح 24.7 للدولار.

وعن تشعب الأزمة وتأثيرها المالي، لفتت الصحيفة إلى السوق السوداء حيث أمكن صرف الدولار الأمريكي الواحد بـ33 جنيها مصريا، وقللت المصارف من سحب الدولار للحفاظ على العملة الصعبة في البلد، وتخلى المصريون عن المُتع، مثل تناول الطعام في الخارج، وتأجيل حفلات الزفاف، على أمل أن تنخفض الأسعار.
 

 

انقلاب عام 2013

واستشهدت الصحيفة بوائل جمال، خبير اقتصادي حمل أيضا الحرب في أوكرانيا المسؤولية مضيفا أن المشاريع الضخمة والاقتراض على قاعدة واسعة، عرضت مصر للمخاطر، حيث دعمها وتحمس لها عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع الذي قاد انقلابا عام 2013، وجعل تطوير البنى التحتية شعارا لرئاسته.

وبعد إعلان مصري تلقي قرضا ب 3 مليارات في ديسمبر، بعد أشهر من المفاوضات، مع صندوق النقد الدولي، بما فيها 347 مليون دولار ستستلمها على الفور، علق وائل جمال قائلا إن “مشاكل مصر الاقتصادية تصبح أعمق كلما لجأت إلى صندوق النقد الدولي، للاقتراض من جديد لتغطية القروض القديمة بجديدة، في حين أن هذه هي المرة الرابعة التي تلجأ فيها مصر إلى الصندوق خلال الأعوام الستة الماضية”.