في ضوء مشروع السيسي لعلمنة المجتمع المصري وصرفه بعيدا عن دينه وقيمه وارتباطه بدينه، وبدا ذلك مبكرا منذ اللحظات الأولى للانقلاب العسكري، سواء على صعيد الأسرة وقوانين الأحوال الشخصية، والتي حارب السيسي الأزهر بشأنها، وتجلى صراعه المكتوم والمعلن مع شيخ الأزهر حول الطلاق الشفهي وقانون الأحوال الشخصية، والتي رفضها شيخ الأزهر أحمد الطيب وهيئة كبار العلماء، التي يصفيها السيسي بتدخلاته وتعييناته كل يوم، ورغم ذلك أقر مجلس النواب العديد من المواد والمشاريع المتعلقة بالأسرة والزواج والطلاق، إلى أن جاء السيسي خلال هذا الأسبوع ليكشف عن مشروع صندوق جديد ، باسم تنمية الأسرة المصرية، يجري تمويله من خلال فرض رسم على الشاب المقبل على الزواج بقيمة تتراوح بين 30 ألف جنيه إلى 70 ألف جنيه، وهو ما يمثل عبئا على المقبلين على الزواج في ظل ارتفاع تكاليف الزواج بصورة كبيرة وانفلات أسعار كل شيء بمصر.
وكان السيسي قد قال على هامش تفقده مجمع صناعات كيماوية في محافظة الجيزة، يوم الاثنين الماضي "الصندوق الجديد يستهدف دعم الأسرة المصرية في أوقاتها الحرجة، من خلال مساهمة المتزوجين والحكومة، وسنتيح أمواله للإنفاق على الأطفال في فترة الخلافات الأسرية والطلاق، ورفض الزوجين، أو عدم قدرتهما، على تحمل مصاريفهما".
ودون أن يعي السيسي بأحوال المقبلين على الزواج من أزمات مالية واستدانة وأقساط مؤجلة ، زعم السيسي أن أي شخص يقدم على الزواج يستطيع سداد المبلغ الذي ستحدده الدولة للمساهمة في الصندوق، مضيفا أن المبالغ التي سنوجهها للصندوق أولى من إقامة الأفراح يا مصريين، والتشاجر حول قيمة الشبكة والفرش، على حد تعبيره.
ووسط رفض شعبي واجتماعي كبير لمقترح السيسي، الذي يعرقل الزواج ويكبل الشباب بالديون والقروض، ويصرف الكثير منهم عن الزواج أو تأجيله، وهو ما يفتح أبواب الحرام والزنا والفواحش، وهو ما دفع عددا من المأذونين والشيوخ والرواد المجتمعيين، لتوجيه نصائح ميسرة للشباب وللزواج، لتجاوز حجم الرسوم المفروضة والتي ستفرض على الشباب خلال الفترة المقبلة، خرج مساعد مأذون ليطالب المقبلين على الزواج للإسراع بعقد الزواج، الآن وقبل فرض القانون، وهو الأمر الذي أزعج السيسي وحكومته، ليس خوفا على الأسر المصرية ، بل على تدني ما يستهدفونه من أموال وجبايات من الشباب.
فقام نظام السيسي الدموي بالرد على دعوات الإسراع بالزواج بإلقاء القبض على مساعد مأذون شهير في منطقة عابدين في القاهرة، بتهمة نشر شائعات كاذبة عن تكاليف الزواج، أمس الأربعاء.
وذلك على خلفية إعلان السيسي عن إنشاء صندوق جديد باسم "صندوق دعم الأسرة المصرية" وفرض رسوم على أي شخص يرغب في الزواج مستقبلا لتمويل موارده.
وقالت وزارة العدل، في بيان، إن "محكمة الأسرة في عابدين أمرت بإيقاف المأذون الشرعي محمد محمد درويش مصطفى عن العمل، وسحب دفاتر الزواج والطلاق منه، ردا على ما نُشر في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن فرض مبلغ مالي يتراوح ما بين 20 و30 ألف جنيه عن كل عقد زواج لمصلحة الصندوق، بموجب أحكام قانون الأحوال الشخصية الجديد".
وأضافت الوزارة أنه تبين وجود بعض المنشورات باسم "المأذون الشرعي" على "فيسبوك" يديرها شخص يدعى الشيخ ياسر القرشي، وقام بنشر بعض الصور التي تظهر توثيقه عقود الزواج، مدعيا أنه مأذون، فضلا عن دعوته المواطنين إلى الإسراع في إجراءات الزواج قبل صدور قانون الأسرة الجديد، حتى لا يدفعوا رسوما للصندوق تصل إلى 30 ألف جنيه.
وتابعت أن الفحص أظهر أن المتهم لا يعمل مأذونا شرعيا، وأنه يباشر أعمال المأذونية بالتوثيق من دون سند من القانون واللائحة، وعلى الوثائق الخاصة بالمأذون محمد درويش، وهو مأذون شرعي بناحية الفوالة، جنوبي القاهرة، بمساعدة الأخير له عن طريق إمداده بوثائق الزواج والمستندات، وتفويضه في ذلك بالمخالفة للائحة المأذونين.
وأوضحت الوزارة أنه تم تحرير مذكرة بالواقعة وأحيلت إلى النيابة العامة لتولي التحقيق، لما نشره مساعد المأذون من منشورات تحمل رسائل غير حقيقية وشائعات مغرضة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان مساعد المأذون قد نشر تدوينة لاقت رواجا واسعا بين رواد موقع فيسبوك، قال فيها "الإخوة اللي حاجزين لدى المكتب عقد زواج خلال شهر يناير 2023، نصيحة عجلوا بالعقد إن استطعتم، واجعلوا الفرح في أي وقت تحبون، لأن القانون الجديد سيصدر خلال أيام" واستطرد في تعليق آخر قائلا "قانون الأحوال الشخصية الجديد، العريس لازم يدفع في الصندوق تقريبا من 20 إلى 30 ألف جنيه، والقانون بصدد الصدور الآن".
ومع إقرار القانون سينصرف كثير من الشباب عن الزواج الرسمي والشرعي وسيتوجهون لا محالة ، إما إلى الزواج العرفي ، أو ممارسة الرذيلة، بعدما أغلق السيسي أبواب الحلال، سواء بغلاء أسعار كل شيء بمصر ، أو من خلال رسوم مغالى فيها، يكاد لا يجدها اليوم.
وتسببت الأزمة الاقتصادية المتراكمة التي تضرب مصر إلى كثير من الجرائم الاجتماعية ، سواء القتل أو الطلاق أو الانتحار لعدم قدرة الأسر على الإنفاق.
ووسط توحش السيسي الذي يراكم الصناديق الخاصة فوق بعضها، والتي تخرج عن رقابة البرلمان أو أي جهة سوى شخصه فقط، تنهار إيرادات الدولة ولا تجد الحكومة سبيلا لتمويل مشاريعها سوى طريقين فقط ، إما الاقتراض أو فرض رسوم وضرائب على المصريين ، وهو ما أفقر الشعب، الذي بات أكثر من 80% منهم فقراء لا يجدون قوت يومهم ، وهو ما يدفع الملاييين نحو السرقة والقتل والجرائم طريقا لتحصيل لقمة العيش التي باتت صعبة ، وهكذا يقود السيسي مصر نحو الفقر والفواحش وتدمير المجتمع وقهر الأسرة المصرية ، وكل ذلك لصرف المواطنين عن حقوقهم السياسية والاقتصادية ليطمئن السيسي على كرسي الحكم المغتصب.
