حذرت دراسة علمية جديدة أعدها باحثون من كلية فيتربي للهندسة بجامعة جنوب كاليفورنيا، بإشراف د. عصام حجي من أن التلوث بالمعادن الثقيلة وتآكل السواحل وتسرب مياه البحر يمثل تهديدا وجوديا لدلتا نهر النيل ويُعرّض 60 مليون شخص في مصر للخطر.
ووفقا لما نشره موقع phys.org حدد الباحثون مستويات التلوث بـ 8 معادن ثقيلة في عينات من رواسب القاع تم جمعها من فرعي دلتا نهر النيل، والنتائج:
– تلوث خطير متركز بقاع النيل من أثر رواسب المعادن الثقيلة مثل الكادميوم والنيكل والكروم والنحاس والرصاص والزنك.
– الملوثات من الصرف الزراعي غير المعالج ومياه الصرف الصحي البلدية والصناعية، تؤدي إلى زيادة تركيز المعادن الثقيلة واستقرارها بشكل دائم في قاع النهر على عكس الملوثات العضوية التي تتحلل بشكل طبيعي بمرور الوقت.
– زيادة السدود على نهر النيل، قد تؤدي إلى زيادة تركيزات المعادن الثقيلة، حيث تعمل السدود الضخمة التي تم بناؤها عند المنبع على تعطيل التدفق الطبيعي للنهر وتدفق الرواسب، وبالتالي تؤثر سلبا على قدرته على طرد الملوثات إلى البحر الأبيض المتوسط، ما يترك السموم تتراكم في رواسب القاع بمرور الوقت.
وقال أبوطالب زكي أبوطالب، باحث ما بعد الدكتوراة في كلية فيتربي للهندسة والمؤلف المشارك للدراسة "وضع الإجهاد المائي المتفاقم والنمو السكاني السريع في مصر، الذي وصل إلى أكثر من 100 مليون نسمة، السلطات في معضلة سواء لتوفير مياه عذبة كافية للقطاع الزراعي المتعطش لتأمين الإمدادات الغذائية من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي غير المعالجة أو الحفاظ على صحة نهر النيل، إحلال التوازن صعب، ونتائج كلا الخيارين قابلة للقياس".
ونشرت الدراسة في مجلة Earth's Future، وجاء فيها أن تأثير تلوث النيل يتضح بشكل خاص في مصر، الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان والأكثر جفافا في اتجاه مجرى النيل، والتي تعتمد على النهر كمصدر أساسي لمياه الشرب وري المحاصيل.
نتائج الدراسة
وتشير نتائج دراسة الدكتور عصام حجي وفريقه إلى أن التلوث الواسع النطاق وتآكل السواحل وتسرب مياه البحر تشكل تحديات صعبة لبقاء دلتا النيل كمصدر أساسي للأمن الغذائي لمصر.
وحذرت من أن سرعة تدفق النيل والانحدار المنخفض للدلتا والتربة الطينية لقاع النهر تساعد على زيادة حبس المعادن الثقيلة وتعيق تدفقها، مما يتسبب في تلوث واسع النطاق للدلتا في الدلتا.
كما أوضحت أنه لا تزال آثار إعادة استخدام المياه على زيادة مستويات تلوث التربة غير مدروسة بشكل كافي، إلا أن زيادة التلوث على نطاق واسع يمكن أن يؤدي إلى الإضرار بجودة ونوعية المياه والتربة، وبالتالي الإضرار بإنتاج المحاصيل الزراعية، مما يؤدي إلى تفاقم الأمن الغذائي في البلاد ويزيد من مخاطر التعرض للأمراض المرتبطة بالمياه.
ورجحت الدراسة زيادة إعادة استخدام مياه الصرف الصحي والزراعية في الري للتخفيف من آثار العجز المائي الناتج عن السدود المقامة في أعلى النيل تساهم بشكل سريع في زيادة تلك الملوثات.
وطبقا لذلك إذا لم يتم التعامل مع تلك الملوثات وإدارتها بالطرق المناسبة سوف تؤثر بصورة سلبية على المستقبل الاجتماعي والاقتصادي والبيئي لأكثر من 50 مليون نسمة في واحدة من أكبر دلتا الأنهار وأكثرها عرضة للتأثر بالتغير المناخي في العالم.
تقارير سابقة
ووفقا للأمم المتحدة، فإن 7% من المصريين لا تتوافر لهم مياه عذبة ونظيفة، ويعيش 8% منهم في ظروف كفيلة بنقل الأمراض، وأظهرت عدة دراسات أن التلوث، خصوصا عند مصبات النهر، تزايد خلال السنوات الأخيرة.
وفي دراسة عن تأثير مواسم الجفاف والمواسم الحارة في كل دول حوض النيل بسبب التغير المناخي، أشارت الدراسة التي أجرتها كلية دارتموث على منطقة منابع النيل إلى أنه رغم زيادة الأمطار المرتبطة بالتغير المناخي، فإن السنوات الحارة والجافة يمكن أن تزيد بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
وقال جوستن مانكين أستاذ الجغرافيا في كلية دارتموث الذي شارك في الدراسة والمتخصص في المناخ إن “معدل السنوات الجافة والحارة سيتضاعف على الأقل من الآن حتى منتصف القرن”.
وأضاف مانكين، أنه بحلول العام 2050 “سيعاني 45% من سكان دول منابع النيل من نقص في المياه” ويعتقد الباحث أن المشكلات عند منابع النيل ستنعكس على دول المصب.
وقال د. طارق قابيل، الأكاديمي بكلية العلوم بالقاهرة، في مقال له تحت عنوان "مخاطر وجودية تهدد دلتا نهر النيل" إن "تفاقم تركيزات المعادن الثقيلة بسبب زيادة بناء السدود على نهر النيل، وكل هذه المخلفات تؤدي إلى وجود معادن ثقيلة (حديد، منغنيز، نحاس، نيكل، رصاص) في المياه مع ما يترتب على ذلك من نتائج كارثية، وفقا للخبراء، على التنوع البيولوجي وخصوصا على الصيد".
وأضاف أن مصادر التلوث عديدة، مياه المجاري والمخلفات المنزلية التي يتم إلقاؤها مباشرة في النيل، والتلوث الزراعي الناتج عن مياه الصرف والتلوث الصناعي بالمواد الكيماوية.
ونهر النيل أطول نهر على وجه الأرض، حيث يعبر أربع مناطق مناخية مختلفة وتسعة أنظمة هطول أمطار مختلفة ويمتد لأكثر من 6650 كم من إفريقيا الاستوائية إلى البحر الأبيض المتوسط، وعلاوة على ذلك، تعد دلتا النيل محطة توقف مهمة للطيور المهاجرة خلال رحلتها على طول مسار طيران شرق إفريقيا.