لعل أسوأ ما يمكن أن يتجرعه المصريون ، جراء سياسات الفشل الاقتصادي المستمر منذ عقد من الزمان، وقت استيلاء السيسي على مصر بقوة السلاح، بعد قتل وتدمير كل القيم والحريات والقواعد الحياتية، والمقدرت البشرية والاقتصادية، هو دمار المجتمع المصري وانهيار قواعده الراسخة، وتفكك المجتمع بانهيار الأسرة، ومن ثم تشريد ملايين الأطفال والشباب.
ومع تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية في ظل حكم السيسي، تراجعت أعداد المتزوجين، وانصرف معظم الشباب عن الزواج، بينما تتسارع وتيرة الانفصال والطلاق، على خلفية صعوبة الحياة الاقتصادية.
وخلال مايو الجاري، تصاعدت نسب عزوف الشباب عن الزواج وزيادة نسب الطلاق في مصر، والتي تضم نحو 26 مليون أسرة، بحسب الأرقام الرسمية.
ومنتصف الشهر الجاري، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وصول نسبة الطلاق إلى 2.5 من كل ألف من السكان، الذين وصل عددهم إلى نحو 105 ملايين مواطن، مع استمرار تراجع نسب الزواج من 927 ألفا و844 عقد زواج عام 2019 إلى 880 ألفا و41 عقدا عام 2021، كما أعلنت شركة استطلاعات رأي خاصة أن نسبة الزواج انخفضت بنحو 20% خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
الكفر بفكرة الزواج والأسرة
ولعل الأزمات الاقتصادية وارتفاع أسعار كل شيء من ذهب وأثاث منزلي وأجهزة كهربائية وطعام وشراب ومواصلات، وهو ما أثر سلبا على مجرد التفكير بالزواج من أساسه، علاوة على تسبب ذلك في تفشي ظاهرة الطلاق بشكل كبير بالمجتمع المصري.
يشار إلى أن عدد الأسر المصرية وصل إلى 25.8 مليون أسرة، وفق الأرقام الأخيرة التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 15 مايو الجاري، وبلغ عدد حالات الطلاق آخر عام إحصائي (2021) 254 ألفا و777 حالة طلاق، بمعدل 2.5 لكل ألف من السكان، مقابل 222 ألفا و36 حالة عام 2020، بنسبة زيادة مقدارها 14.7%.
ووفقا لإحصاءات الجهاز المركزي عام 2021، فإن القاهرة تتصدر نسب الطلاق تليها محافظة الجيزة، ثم محافظات الإسكندرية والشرقية والدقهلية، بينما تعد المحافظات الحدودية هي الأقل في نسب الطلاق، تتقدمها جنوب سيناء، ثم محافظات الوادي الجديد، البحر الأحمر، شمال سيناء، مطروح.
وبحسب بيانات المسح الصحي للأسرة المصرية عام 2021، فإن عدد عقود الزواج على مستوى الجمهورية بلغ 880 ألفاً و41 عقد زواج عام 2021 بمعدل 8.6 لكل ألف من السكان.
وفي سبتمبر 2021، شهدت عقود الزواج انخفاضا بنسبة 5.6%، بحسب إحصاءات الجهاز لعام 2020، إذ بلغ عدد عقود الزواج 876 ألفا و15 عقدا عام 2020، مقابل 927 ألفا و844 عقدا عام 2019.
بينما كشفت شركة “إجابات” لاستطلاعات الرأي قبل أيام أن نسبة الزواج انخفضت بنحو 20% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وأن الزواج بات في مصر على صفيح ساخن وأصبحت الصورة الذهنية عنه “مشوّهة”.
وزاد عدد حالات الطلاق إلى حالة كل دقيقتين خلال العام الماضي، بعدما كانت قبل 12 عاما حالة كل 7 دقائق.
ووفق تقارير رصجية، فإن تراجع القدرة الشرائية للأسر المصرية مع تعويم الجنية، وانهيار شبكات الأمان الاجتماعي التي كانت توفرها المنظمات الخيرية ونشطاء الإسلاميين في أوقات سابقة، من توفير أغذية وأجهزة منزلية ورعاية أيتام والمساهمة في تزويجهن، سضع الأسر المصرية على شفا الانهيار، إذ تزايدت نسب الفقر بالمجتمع المصري بصورة فجة، تزيد عن 60% بينهم نحو 80% يعانون من الفقر المدقع ولا يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم لقمة العيش.
وسائل التواصل
وإلى جانب الأزمات الاقتصادية، يأتي سوء استخدام منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما في المجموعات النسوية والذكورية، كأحد أدوات التخريب الأسري والاجتماعي، حيث إن إدمان شبكات التواصل وأيضا العيش في أوهام دائمة وتصورات خيالية عن الحياة الزوجية يسبب صدمة للشباب عقب الزواج، وهو ما يفاقم نسب الطلاق.
كما أن تعقّد الظروف الاقتصادية والاجتماعية يساهم بشكل غير مباشر في علو صوت المحرّضين على كيان الأسرة ورواج فكرة الطلاق كحل سريع من دون تفكير.
ومع استمرار حكم السيسي وقمعه الأمني وفشله الاقتصادي الكبير تتزايد الأمراض الاجتماعية والجرائم التي تهدد كيان المجتمع المصري.