أكد عدد من المنظمات الحقوقية أن ملف مقار الاحتجاز والسجون والانتهاكات التي تتم بداخلها في مصر أصبح قنبلة مستعدة للانفجار في أي وقت، ليس فقط في وجه سلطات النظام الانقلابي في مصر؛ ولكن في وجه المجتمع الدولي الذي يشهد كل ما يحدث داخل تلك المقار والسجون، ويظل ساكنا بلا حراك يقدم للضحايا الذين يعانون.
وأضافت المنظمات في بيان صادر عنها، أمس الجمعة، أن الحل الوحيد لنزع فتيل تلك القنبلة هو التحرك للتعامل مع انتهاكات مقار الاحتجاز والسجون في مصر بجدية وحزم وليس بتجاهلها كما هو متبع الآن، فالأمر وصل لأن يكون الانتحار هو الوسيلة الأكثر رحمة للمحتجزين بعد أن عجزوا عن الحصول على أبسط حقوقهم الإنسانية، ووسط تعنت مبالغ فيه من سلطات الانقلاب في إهدار كل القيم والقوانين الإنسانية في التعامل مع هؤلاء المحتجزين.
محتجزو سجن "أبي زعبل" يعلنون نيتهم الإضراب العام بسبب تكدس الزنازين
وقال البيان : "أصبح من الطبيعي أن نجد أخبار الإضرابات العامة داخل السجون والليمانات بمصر منتشرة كرد فعل طبيعي ومتوقع لكل ما يحدث من انتهاكات، فبعد إضرابات سجون؛ بدر، المنيا، وبرج العرب “الغربنيات”، وصل للحملة رسالة مسربة من محتجزي سجن “أبي زعبل” ، تؤكد وقوع انتهاكات جمة بحقهم قد تدفعهم لإعلان الإضراب العام داخل السجن".
وأكد المحتجزون في رسالتهم المسربة أن إدارة السجن لا تلتزم باللائحة الداخلية للسجون التي أصدرتها مصلحة السجون المصرية، وتتبع سوء المعاملة كأسلوب أساسي في التعامل مع المحتجزين بداخله، وأن لغة الحوار معدومة فيما بينهما.
تهديد سلامة المحتجزين
وأوضح البيان أن أكثر شكوى من المحتجزين بسجن “أبي زعبل” هو تكدس الزنازين بداخله، حتى أن العدد في الزنزانة الواحدة وصل لما لا يقل عن 45 محتجزا، بعد أن كان 33 فقط في الصيف الماضي، حتى إن نصيب كل محتجز للنوم على الأرض صار لا يتعدى 40 سم فقط.
وأرجع المحتجزون سبب هذا التكدس الرهيب داخل زنازين السجن، بأن وزارة الداخلية بحكومة الانقلاب تقوم بإرسال معظم من يتم التحقيق معهم في نطاق القاهرة الكبرى محافظات القاهرة، الجيزة، والقليوبية ، إلى السجن لقربه من العاصمة، حيث تقع مقارات النيابة والمحاكم الكبرى.
وأضافت الرسالة المسربة أنه مع دخول فصل الصيف؛ لم تكتف إدارة السجن بزيادة الأعداد داخل الزنازين وفقط، ولكن لم توفر مياه الشرب أو المياه الصالحة للاستخدام الأدمي بشكل دائم وكافي للمحتجزين؛ ما تسبب في انتشار الأمراض الجلدية فيما بينهم، مع وجود حالات اختناق بسبب درجات الحرارة العالية وعدم توفير مصادر تهوية داخل الزنازين.
وشددت الرسالة أن كل تلك العوامل دفعت المحتجزون لإعلان نيتهم الإضراب الجماعي للحصول على حقوقهم الإنسانية البسيطة، خصوصا بعد أن باءت محاولات الحوار مع إدارة السجن لتخفيف حدة التكدس ، داخل الزنازين وتحسين ظروف المعيشة بالفشل، بعد أن ردت الإدارة بأن “الأمر ليس بيدها، وأنها أرسلت لمصلحة السجون تطالب بعدم إرسال مزيد من المحتجزين دون استجابة منها حتى الآن”.
انتهاكات ممنهجة وليست خروقات فردية
وأشارت المنظمات إلى أن الأوضاع داخل سجن “أبو زعبل”، حسبما جاء في الرسالة المسربة، ليست بمستغربة ولا تخرج عن الإطار العام لتعامل سلطات النظام الانقلابي مع ملف المحتجزين، خاصة السياسيين، فالأمر ممنهج وليس مجرد خروقات فردية كما تروج له وزارة الداخلية.
وذكرت أن الإفلات من العقاب لمنتهكي حقوق الإنسان داخل مقار الاحتجاز، هي التي شجعت وغذت تلك الممارسات وعملت على انتشارها كالنار في الهشيم، حتى صارت منهج عمل لدى مصلحة السجون المصرية؛ فلم نر أي قيادة أو مسؤول تم عقابه أو حتى تعنيفه رغم الانتهاكات الثابتة والموثقة التي قد تكون خرجت عنه.
وأكدت المنظمات في بيانها أن تلك الممارسات التي تتم بداخل سجن “أبو زعبل”، وغيره من سجون مصر، تثير مخاوف جدية حول مصير المحتجزين بداخله، خصوصا بعد ازدياد أعداد حالات الوفاة داخل مقار الاحتجاز في الفترة الأخيرة، وتردي الأحوال المعيشية داخل السجون ومقار الاحتجاز بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها الدولة المصرية بشكل عام.
مطالبات بالتحقيق ومحاسبة المتورطين في الانتهاكات
وطالبت المنظمات والحملات الموقعة، فيما يعرف بتخالف المادة 55 والذي يضم كلا من " لجنة العدالة ، الشهاب لحقوق الإنسان ، الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ، حقهم ، نحن نسجل ، المركز المصري للحق في التعليم"، بفتح تحقيق والتعامل مع تلك الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها وفقا لصحيح القانون المصري والدولي، مع تطبيق قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ولائحة السجون المصرية والتوقف عن مخالفتهما، وتوفير سبل المعيشة التي تليق بإنسانية المحتجزين.
ودعت المنظمات والحملات الموقعة سلطات النظام الانقلابي للتوقف عن التعامل الأمني مع ملف المحتجزين على ذمة قضايا سياسية، مع منح المنظمات الحقوقية الدولي منها والمحلي حق زيارة تلك المقرات لمراقبة الأوضاع بداخلها، مع ضرورة أن تأخذ النيابة المصرية دورها الهام والحاسم في التعامل مع تلك الانتهاكات؛ لوقفها وردع كل مرتكبيها.