مع تصاعد حدة الأزمات الاقتصادية وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار الأمريكي، وتوقف استيراد مستلزمات المصانع والشركات، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المياه والكهرباء والوقود بجانب الضرائب التي تتزايد بصورة شبه يومية، اضطر عدد كبير من المصانع والشركات إلى التوقف عن الإنتاج وتسريح العمالة وإغلاق أبوابها، وهو ما تسبب في نقص المعروض في الكثير من المنتجات في الأسواق المصرية والارتفاع الجنوني في الأسعار وتزايد معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة .
خبراء الاقتصاد طالبوا دولة العسكر بوضع خطة لإعادة الشركات التي توقفت عن الإنتاج والمصانع المتعثرة إلى العمل، وأن تسهم في دعمها حتى تعود إلى نشاطها مجددا .
وقال الخبراء : "إذا قامت دولة العسكر بهذا الدور فإن هذه الشركات سوف تسهم في زيادة الإنتاج وزيادة المعروض من السلع المختلفة، بل والتصدير إلى الخارج وتوفير موارد دولارية أصحبت مصر في زمن الانقلاب في أشد الحاجة إليها".
وأعربوا عن أسفهم لأن قضية المصانع المغلقة ما زالت معلقة بلا حلول، إلى جانب تزايد إغلاق المصانع في جميع أنحاء الجمهورية، ما تسبب في وجود نقص في الإنتاج وزيادة في الواردات وانخفاض الصادرات.
فرص عمل
من جانبه كشف الخبير الاقتصادي الدكتور خالد الشافعي أن هناك آلاف المصانع المغلقة والمتعثرة دون حلول أو خطوات جادة لإعادة تشغيلها، محذرا من أن إغلاق المصانع أثر بالسلب على عجلة الإنتاج، مما جعل هناك زيادة في الواردات إلى جانب انخفاض الصادرات، ما أثر بالسلب بشكل عام على الاقتصاد المصري.
وقال الشافعي في تصريحات صحفية : "طالبنا مرات عديدة بوجود حلول سريعة من قبل دولة العسكر ووزارة التجارة والصناعة بحكومة الانقلاب والوقوف بجانب أصحاب تلك المصانع ومساعدتهم في إعادة تشغيلها، لأن ذلك سيوفر علينا أشياء كثيرة من بينها الدولار الذي زادت قيمته بصورة كبيرة خلال السنة الماضية وتخطى الثلاثين جنيها ".
وأكد أن إعادة تشغيل تلك المصانع سيوفر فرص عمل للشباب ويقلل من نسب البطالة في ظل ارتفاع معدلات التضخم مؤخرا.
آليات محددة
وطالب الشافعي بضرورة وجود نظام وآليات محددة وثابتة حول دور صندوق تمويل المشروعات وآليات تمويل الشركات والمشروعات الناشئة، حتى تكون قادرة على التطور والنمو ويعود ذلك بالنفع على الاقتصاد، مشددا على ضرورة وجود رؤى محددة وواضحة، حتى لا يحدث لبس خاصة في ظل وجود صندوق لدعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة .
وقال: إن "الشركات والمشروعات الناشئة تعد بمثابة شرايين جديدة تضخ دماء للاقتصاد المصري، وتمثل من 40 إلى 50 % من الناتج المحلي الإجمالي، مطالبا بضروة أن تكون هناك استراتيجية للتطوير والنهوض بالاقتصاد حتى لا تتعثر تلك الشركات وتتعرض للخسارة والفشل والإغلاق".
وشدد الشافعي على ضرورة دعم دولة العسكر لهذه الشركات والمشروعات، وألا يتمثل الدعم في المال والقروض فقط، بل يمتد لمنح وحوافز ضريبية وتوفير أماكن لوجيستية لتسويق المنتج وإقامة معارض لتسويق المنتجات.
وأشار إلى أن زيادة المواطنين الذين يعملون في تلك المشاريع سيسهم بشكل كبير في تحسين معدلات النمو وإنعاش الاقتصاد، خاصة أن دعم تلك المشاريع سيوفر السلع ويدعم المنتج المحلي ويقلل من فاتورة الاستيراد ودفع عجلة الإنتاج.
الضرائب
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده ، أن هناك أسبابا عديدة أدت إغلاق تلك المصانع من بينها النقص الكبير الذي حدث في الطاقة المستخدمة في تشغيل المصانع خلال العام الماضي، وأيضا من الأسباب الواضحة للجميع في تعثر بعض المصانع وإغلاقها يأتي في المقدمة ارتفاع قيمة الضرائب وارتفاع أسعار المواد الخام .
وطالب عبده في تصريحات صحفية بوضع سيستم ونظام جديد يعمل على جدولة تلك الضرائب، وتشجيع أصحاب تلك المصانع للعودة إلى العمل مرة أخرى.
وكشف أن هدف بعض أصحاب المصانع في الربح الأكبر وتحويل المصانع إلى عقارات سكنية له دور كبير في إغلاق بعض المصانع، خاصة ما بعد أزمة فيروس كورونا والحرب التي دارت مؤخرا بين روسيا وأوكرانيا.
دائرة مغلقة
وأكد الدكتور عمرو يوسف، خبير الاقتصاد والتشريعات المالية والضريبية، أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة ستعمل على علاج الكثير من المشكلات التنموية والاقتصادية، وكذلك الاجتماعية والتي تتمثل في إيجاد حل متكامل لعلاج البطالة.
وقال «يوسف» في تصريحات صحفية: إن "جهاز دعم المشروعات لا يقتصر دوره على منح الدعم والقروض المالية فقط، ولكنه يضطلع بأمور تتعلق بالمشورة الفنية، مشددا على ضرورة أن يكون مسار الصندوق الذي تعتزم إنشاؤه حكومة الانقلاب مختلفا عن مهام جهاز وصندوق دعم المشروعات، حتى لا تتعدد الجهات المتعاملة مع أصحاب تلك المشروعات لعدم خلق دائرة مغلقة من الإجراءات الإدارية المعقدة.
وفيما يتعلق بمسألة القروض وتأمين سدادها شدد على ضرورة فصلها عن الشق الجنائي في حالة عدم نجاح المشروع، حيث من المفترض أن الجهات المعنية بمنح تلك التمويلات قامت بدراسات جدوى وبحث جدارة تلك المشروعات، فعليها أن تتحمل جزءا من مخاطر عدم نجاح المشروع حتى لا يكون هناك عزوف من أصحاب تلك المشروعات عن التقدم بمشروعاتهم خشية الدخول في مطالبات جنائية، بعد ذلك إذ لم يتحقق لتلك المشروعات أية عوائد غير راجعة إلى سبب له يد فيه كالتقلبات الاقتصادية والتضخم والجوائح الطبية، كما شاهدنا الكثير من المشروعات الصغيرة التي أوصدت أبوابها في مواجهة أزمة كورونا.
وأضاف«يوسف»: تلك المشروعات تساند أكبر اقتصاديات العالم بنسب تتجاوز 75% من حجم النشاط الاقتصادي في الصين واليابان وغيرها من الاقتصاديات الصناعية الكبرى، ولذلك فتلك المشروعات هي بوابة مصر الحقيقة لنهوض الاقتصاد ودعم الإنتاج المحلي لما تمتلكه مصر من مقومات، إضافة إلى جذب استثمارات عديدة تخدم تلك الصناعات خاصة أن معظم الصناعات وخطوط الإنتاج الكبيرة تعتمد على مدى وفرة تلك المشروعات المغذية في أي بلد تود الاستثمار فيه، إضافة إلى أهمية تلك المشروعات في معالجة البطالة والتي تتزايد بمصر نتيجة زيادة عدد الخريجين سنويا، مما يخفف في توفير فرص عمل لهؤلاء الشباب.
وأكد أن لتلك الشركات والمشروعات أهمية كبرى بعد ذلك تتمثل في الاستغناء عن السلع المغذية الدولارية والتي تستنزف موارد الدولة من غطاء العملات الأجنبية, مطالبا بضرورة الاهتمام بتلك المشروعات ورعايتها الرعاية المطلوبة واعتبار روادها أصحاب رسالة داخل المجتمع وشريك في علاج بعض المشكلات الاقتصادية الداخلية، مما يستوجب بحث التيسيرات اللازمة لهم من خلال استطلاع رأي لأصحاب تلك المشروعات في أهم ما يعوقهم عن تأدية مهامهم وبحث تلك الآراء لتكون علاجا حقيقيا وليس مجرد تنظير للوضع من بعيد.