اعتقال 35 من حملة “الطنطاوي” بعد التجسس على هاتفه.. قراءة هامشية

- ‎فيتقارير

قالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن الأمن الوطني اعتقل 35 عضوًا على الأقل من 13 محافظة، من بين المتطوعين المسجلين في حملة المرشح الرئاسي المحتمل، أحمد الطنطاوي، مشيرة إلى ظهور بعضهم أمام نيابة أمن الدولة العليا، التي اتهمتهم بـ«الانضمام لجماعة إثارية، ونشر أخبار كاذبة»، لتأمر بحبسهم جميعًا. وتشن أجهزة أمن الدكتاتور عبدالفتاح السيسي حملة اعتقالات بحق أعضاء حملة «الطنطاوي» منذ نحو ثلاثة أسابيع، بحسب بيان المبادرة، الصادر الجمعة 15 سبتمبر 2023م، والذي أشار لاستمرار إخفاء السلطات لعدد منهم دون معرفة أماكن احتجازهم. ودانت المبادرة شن السلطات حملات أمنية تستهدف المواطنين لمجرد إبداء نيتهم ورغبتهم في الانخراط بشكل قانوني في حملة مرشح سياسي معارض.

 

هجمات منظمة

وكان تقرير أعده معمل «Citizen Lab» كشف عن استهداف موبايل الطنطاوي، بسلسلة هجمات باستخدام برمجية تجسس بريداتور «Predator»، بين مايو وسبتمبر الجاري (2023) على الأقل. وفسّر الطنطاوي محاولة التجسس عليه بالرغبة في اغتياله معنويًا، من خلال ما يمكن أن يوجد في هاتفه، وذلك بدلًا من محاولة حبسه، ﻷن الحبس أصبح يضيف لأرصدة الأشخاص حاليًا، مضيفًا: «وبالتالي فهُم يحاولون اغتيالي معنويًا لأن هذا هو التصرف الأقوى والأدوَم» حسب تصريحاته لموقع "مدى مصر".

وطبقًا للمعمل، تستطيع البرمجية منح مُشغّلها «دخول كامل ومتواصل لجهاز الموبايل المستهدف. تسمح «Predator» للمشغّل باستخلاص كلمات سر وملفات وصور وتاريخ الإنترنت وجهات الاتصال إلى جانب بيانات الهوية (مثل المعلومات حول جهاز الموبايل)». كما «تستطيع «Predator» التقاط صور الشاشة ومراقبة مُدخلات المستخدم إلى جانب تشغيل الميكروفون والكاميرا في الموبايل. يُمَكِّن هذا المهاجمين من مراقبة كل الأنشطة على الجهاز وبالقرب منه، مثل المحادثات التي تُجرى في الغرفة. وتسمح «Predator» كذلك للمشغّل بتسجيل رسائل المحادثات أثناء إرسالها واستقبالها (بما فيها الرسائل عبر تطبيقات مراسلة مشفّرة أو بها خاصية الاختفاء مثل واتسآب وتليجرام)، بالإضافة إلى مكالمات الإنترنت والتليفون (بما فيها تطبيق المكالمات المشفرة)».

ويحظى الطنطاوي ـ الناصري الذي لم تظهر عليه حتى الآن سمات التطرف الناصري أو العلماني ــ  بشيء من الاحترم في الأوساط الثقافية والسياسية المعارضة بوصفه يمتلك شيئا من الجدية على عكس  المهرولين لأداء دور الكومبارس، ويحذر الكاتب الصحفي وائل قنديل من المبالغة في تقدير حجم وقدرة الطنطاوي على اجتراح معجزةٍ مستحيلة، ذلك أن التغيير في بنية النظام عبر صندوق الانتخابات مسألةٌ غير واردة على الإطلاق في المجتمعات العربية. ويضيف في مقاله «تلك اللحظة الفريدة في مصر» المنشور على صحيفة "العربي الجديد" اللندنية بتاريخ الجمعة 15 سبتمبر، أنه «يمكن الزعم أن السلطة معنيّة بتضخيم الصورة والنفخ في مشروع أحمد طنطاوي، إذ بالتدقيق في الرسائل الصادرة من أحد إعلاميي هذه السلطة الأوفياء، عمرو أديب، من العاصمة البريطانية، تجدها لا تختلف ولا تحيد عما يريده النظام الحاكم، بمعنى الإيحاء للرأي العام بأن تهديدًا انتخابيًا محتملًا على النظام اسمُه أحمد طنطاوي. هكذا تبدو الرسالة الموجّهة من الغلاف الخارجي، لكن الغوص في التفاصيل، وخصوصًا التخويف والتوزيع مما أسماه المذيع "شبح الطربأة" أو بالفصحى هدم البلد على رؤوس أصحابها، ليس إلا دعاية مفتخرة للعملية الانتخابية ذاتها، ودعوة إلى كل المتردّدين والمقاطعين من أطياف المعارضة إلى الانخراط في اللعبة».

 

النزاهة مستحيلة

وكانت ورقة بحثية أعدها مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان نشرها في مايو 2023م، انتهت إلى أن الانتخابات الرئاسية، التي من المقرر أن تشهدها مصر في الشهور الأولى من العام المقبل (2024)  «من المستحيل أن تتسم بالحرية والنزاهة». وأرجع المركز موقفه هذا إلى ما أسماه بـ«ترسانة التشريعات القمعية، والبناء المؤسسي الذي يجمع كل موارد الدولة وهيئاتها في قبضة الرئيس، ورفض السلطات الممتد لأكثر من 10 سنوات لجميع أشكال المعارضة والانتقاد».

«وحتى الحوار الوطني، الذي ينطلق بعد مرور أكثر من عام على إعلانه، لن ينعكس إيجابًا على الانتخابات المقبلة»، حسبما قال المركز، مضيفًا: «الأطر القانونية والسياسية القائمة تصادر الحريات السياسية، ولا تلبي المعايير الدنيا لضمان الإشراف المحايد على الانتخابات. هذا بالإضافة لما أسفرت عنه التعديلات الدستورية في 2019 من مصادرة تامة للاشتراطات الأساسية لعقد انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، بما في ذلك تآكل مبدأ الفصل بين السلطات، ومصادرة استقلال المؤسسات وخاصة القضائية، فضلًا عن تقنين تدخل المؤسسة العسكرية في العملية السياسية».

وحول «توجيهات» السيسي للحكومة وأجهزة الدولة في مارس 2023 بفحص مقترح من أمانة الحوار الوطني حول تمديد أجل الإشراف القضائي على الانتخابات، والذي كان من المقرر أن ينتهي قبل الانتخابات المقبلة». قال المركز في هذا السياق إن الرقابة القضائية على الانتخابات الرئاسية أصبحت لا يعول عليها، فيما يتعلق بضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية بعد عشر سنوات من السيطرة والقمع، تمددت فيها هيمنة الرئيس على مؤسسات الدولة وعلى القضاء، مضيفًا: «بينما يعد الإشراف القضائي المستقل على الانتخابات، ومراقبة المجتمع المدني المستقل لمجرياتها، خطوات مرحب بها في الظروف العادية؛ إلا أن الإصلاح الجذري هو وحده القادر على إضفاء الشرعية على الانتخابات الرئاسية 2024»