انتقد الحقوقي محمد زارع رئيس “المنظمة العربية للإصلاح الجنائي”، وأحد الأشخاص الموجودين ضمن العشرة منظمات التي لم يتم انتهاء التحقيق بحقها لغياب المعلومات حول المنظمات التي حفظ التحقيق بحقها (75 منظمة) وتلك التي لم ينته التحقيق في ملفاتها (10 منظمات)، مشددا أن بيان المحكمة بشأن المنظمات غير واضح.
وأكد في تصريحات ل”عربي 21″ أن الإجراءات التي يقوم بها القضاء الآن في قضية عطلت العمل المدني بالبلاد 12 عاما.
وأصدرت محكمة مصرية، مؤخرا ي، قرارا بخصوص 75 منظمة تعمل داخل البلاد وتشملها الاتهامات، وينص القرار على عدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضدها.
ويترتب على ذلك إلغاء كافة قرارات المنع من السفر، والوضع على قوائم ترقب الوصول بالمطارات، والتحفظ على الأموال الصادرة بحق المتهمين.
ولفتت وزارة العدل، في بيان لها، إلى أن التحقيقات المتعلقة بباقي المنظمات وعددها 10، على وشك الانتهاء، ويجري التحقيق بشأن أخرى.
ويأتي القرار القضائي في اليوم الذي كشفت فيه الهيئة الوطنية للانتخابات عن قرب إعلان موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، التي يُفترض -دستوريا- أن تجرى العام القادم.
واعتبر زارع أن “القرار الصادر الثلاثاء، والتطور الهام في القضية المفتوحة منذ 2011، ولم تغلق إلى اليوم من وجهة نظري لا يقدم جديدا، فمازال التحقيق قائما بحق 10 منظمات”، بحسب تصريحاته.
وقلل نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان سابقا من القرار مشيرا إلى أنه لا يعرف ما هو التطور الذي يتحدث عنه قاضي التحقيق، بقوله: إن “القضايا في مرحلتها الأخيرة، ورغم أنني أتمنى ذلك، ولكن هذا كلام نسمعه منذ سنوات، وإن كانت هناك عدالة في القضية لكنها بطيئة”.
وأوضح مقصده من “العدالة البطيئة” أن القرار تأخر كثيرا والمجتمع المدني عانى كثيرا بالفترة الماضية من هذه الإجراءات، ولو تم غلق الملف بالنسبة لـ85 منظمة وليس 75 فقط، فأظن أن هذا تصحيح لوضع سيئ الكل عانى منه.
وكمن يريد المحاسبة، قال زارع: “تعرض المجتمع المدني للتنكيل منذ العام 2011، ومنع الجمعيات والمنظمات من العمل والسفر والتحفظ على أموال الجمعيات والعاملين بها، وتشويه سمعتهم بالفضائيات باتهامات العمالة والخيانة، في حين أن الـ85 منظمة لم ترتكب مخالفة، وعملت بعلم الدولة والأجهزة المصرية”، بحسب تصريحاته.
ونفى أن يكون للمنظمات دور وعلاقة بأحداث مصر منذ ثورة يناير 2011، واعتقاد الجهات الأمنية أن للجمعيات الأهلية دور بالثورة، رغم أنها تعمل بعيدا عن السياسة.
وشدد رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي على أن “ما يهمنا (المنظمات) هو غلق هذا الملف، ولكن ربما يكون السيسي، يستعد لولاية جديدة وربما أراد بدء صفحة جديدة، وفي كل الأحوال النوايا صعب الوصول إليها”.
وأردف، “ليس لدى تصور كيف يفكر النظام، ومع ذلك فلم نر منه شيئا يحدث للنهاية، حتى الإفراج عن مساجين سياسيين يتم بالقطعة لا يتم بقرار يمكن أن نسميه منهجا أو أسلوبا يتم تعميميه”.
ورأى أنه “ليس هناك شيء منهجي واضح يغلق هذه الملفات ويوقف قرارات الحبس الاحتياطي وييسر عمل المنظمات الأهلية ويطلق الحياة الحزبية، وهناك تردد شديد في اتخاذ قرارات ذات أهمية واضحة”.
وشكك أن تكون بعض التيسيرات والتحسينات الجزئية البطيئة، أن تكون امتصاص غضب أم تحسينات بسيطة أم منهج، وهو ما لا أظنه، ولكن نتمناه في المستقبل.
وأبان أنه “كلما كانت الدولة متقدمة كلما يقدم المجتمع المدني شيئا راقيا، عكس الدول التي لديها مشاكل بملف الديمقراطية فلا تسمح لأحد بالتدخل بينها وبين الشعب، خاصة وأن المجتمع المدني وسيط يقدم خدماته يحاول يكمل النواقص ويقوم بالتوعية والدفاع ورفض الانتهاكات”، بحسب تصريحاته.
وعن وضعنا في مصر أشار إلى أن “هذه الأدوار في العالم الثالث غير محبوبة، لذلك فإن المنظمات تتعرض للتنكيل بسبب ما تقدمه من خدمات قانونية لمساعدة المواطنين وما تقوم به من أدوار قد لا تريدها الدولة”.
خطوة تجميلية
غير أن الحقوقي هيثم أبو خليل مدير مركز “ضحايا لحقوق الإنسان”، اعتبر أن قرار محكمة الانقلاب الأخير بشأن المنظمات الحقوقية ال85؛ “خطوة تجميلية محسوبة بدقة” بحسب تصريحات للجزيرة نت.
وأوضح أن “حدوث انفراجة في ملف المنظمات الحقوقية خطوة لا تغضب القوى الإقليمية الداعمة للنظام الحاكم، التي تدعمه فيما وصفها بـ”الممارسات الاستبدادية”، وفي الوقت نفسه ترفع الحرج عن القوى العالمية المُلامة على دعم نظام مستبد”.
وربط “أبو خليل” بين تبرئة المنظمات الحقوقية وقرب إجراء الانتخابات الرئاسية، وأردف أن تلك الانتخابات ستكون مسرحية، وأتوقع أن تُرتكب خلالها انتهاكات تفوق كل ما يحدث بمصر من ممارسات قمعية.
وتوقع الناشط الحقوقي مزيدا من الخطوات فيما يخص الإفراج عن نشطاء سياسيين ورفع القيود عن منظمات حقوقية خلال الفترة المقبلة، لكنه استبعد تماما أن تتضمن هذه الانفراجة التيار الإسلامي.
خيار وفقوس
وقال مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان المحامي خلف بيومي: إن “القرارات (قرار المحكمة بشأن المنظمات) الأخيرة جيدة بلا شك، لكنها في الوقت نفسه لا تؤهل للبناء عليها بخصوص رؤية مستقبلية للحريات في البلاد”.
وأضاف في تصريحات صحفية أن القرارات (العفو الإداري عن عدد من المعتقلين وتبرئة منظمات حقوقية) شملت عددا قليلا، وغفلت عن مئات داخل السجون، مثل المرشح الرئاسي الأسبق عبد المنعم أبو الفتوح، والناشط السياسي علاء عبد الفتاح، وعائشة الشاطر ابنة القيادي بجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر”.
وأشار إلى أن القرار القضائي تأخر كثيرا، وترتبت على تأخره أضرار معنوية ومادية بممثلي المؤسسات الذين تم التحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر، كذلك تأثر المجتمع المدني والعمل الحقوقي بشكل عام.
وأعرب عن أمله في تغير نظرة السلطات المصرية لمؤسسات العمل المدني، وتعديل تشريعي يضع حدا لبقاء القضايا معلقة ورهن التحقيقات لفترات طويلة كقضية التمويل الأجنبي.