لأول مرة، دخلت الطائرات الشراعية المحملة بمقاتلين فلسطينيين إلى مشهد المواجهة بين إسرائيل وحماس الذي بدأ السبت الماضي، محدثة فرقاً لم يكن محسوباً على المستوى العسكري الإسرائيلي، رغم أنها تعمل بمحركات بدائية.
فقد تجاوزت الحدود وأبراج المراقبة والأسلاك الشائكة من السماء، فيما القبة الحديدية الإسرائيلية المصممة لردع صواريخ الفصائل التي يتم إطلاقها من قطاع غزة، ليست معدة للطائرات الشراعية.
وهبطت تلك الطائرات الشراعية في عمق مستوطنات غلاف غزة وأحدثت فرقاً على الأرض، خصوصاً بعدما انضم إليها عبر البر مسلحون فلسطينيون اقتحموا الحدود على متن دراجات نارية ومركبات.
وحاصر المسلحون براً قواعد عسكرية إسرائيلية واقتحموا منازل وثكنات، وسط اشتباكات من مسافة الصفر مع الجنود الإسرائيليين في وسط الشوارع تبعها أسر عدد كبير من الإسرائيليين بينهم جنود.
بينما قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إنه لا أحد يستطيع المقارنة بين القدرات والوسائل التي تمتلكها إسرائيل وبين ما تمتلكه حماس وإنها ستدفع الثمن غالياً.
ونفذ الجناح المسلح لحركة “حماس”، صباح السبت، عملية مشتركة، شملت إطلاق صواريخ وتسلل مسلحين من قطاع غزة إلى داخل إسرائيل، بشكل مباغت، ما أدى إلى مقتل نحو 350 إسرائيليا وأسر العشرات من المدنيين والجنود في أعنف يوم دموي تشهده إسرائيل منذ حرب أكتوبر قبل 50 عاما.
وردا على هذا الهجوم نفذت إسرائيل منذ أمس ضربات جوية وغارات مكثفة قتلت خلالها أكثر من 313 فلسطينياً من سكان غزة، في أكثر الضربات الانتقامية تدميرا.
فيما رسم هذا الهجوم المفاجئ أسئلة عدة حول كفاءة المخابرات الإسرائيلية التي لم تتوقع لا من قريب أو بعيد أن يحصل، كما وضعت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في موقع المساءلة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.
وأعلنت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن دخول طائرات المهندس التونسي، محمد الزواري، في عملية «طوفان الأقصى».
ونشر الإعلام العسكري لكتائب القسام، مقطع فيديو، ظهرت خلاله مجموعة من مقاتليه، وهم يحملون طائرات الزواري، ويضعونها على منصاتها، قبل أن تنطلق إحداها وتصيب هدفها بدقة.
وكشفت حركة حماس، عن دور الطائرات المسيّرة في عملية «طوفان الأقصى»، التي انطلقت صباح أمس السبت، واستهدفت العمق الإسرائيلي بالصواريخ وعمليات التسلل.
وذكرت الحركة، في بيان، أن «سلاح الجو شارك في اللحظات الأولى لمعركة طوفان الأقصى بالانقضاض على مواقع العدو وأهدافه بـ35 مسيّرة انتحارية من طراز الزواري، في جميع محاور القتال».
محمد الزواري هو مهندس فلسطيني الأصل ولد بمدينة صفاقس في العام 1967، كان الزواري عضوا في كتائب القسام، وتولى الإشراف على مشروع تطوير صناعة الطائرات المسيرة، بوحدة التصنيع الخاصة بكتائب القسام، وأطلق عليها اسم «أبابيل 1»، والتي ظهرت للمرة الأولى في عام 2014، خلال معركة العصف المأكول.
بدأت مسيرة الزواري مع كتائب القسام بعد إطلاق سراحه في تونس، حيث كان محتجزا في سجون نظام زين العابدين بن علي، ثم ما إن تم الإفراج عنه غادر البلاد في العام 1991، باتجاه ليبيا، ومنها إلى السودان الذي حصل على جنسيته، ثم إلى سوريا، حيث انضم إلى حركة حماس.
وبعد الثورة التونسية التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، في العام 2011، عاد الزواري إلى تونس، وبدأ في تأسيس جمعية للطيران في صفاقس، بهدف تدريب المبدعين من الشباب على صناعة الطائرات المسيرة، من باب الهواية.
وفي 15 ديسمبر 2016، وبينما كان الزواري يستعد لتشغيل سيارته التي استوقفها أمام منزله بتونس، إذ اعترضته شاحنة صغيرة، في الوقت الذي قام فيه شخصان بإطلاق 20 رصاصة صوبه، استقرت 8 منها في جسده، 3 منها كانت في مناطق قاتلة من الرأس والصدر.
وفي 17 ديسمبر، أعلنت حركة حماس انتماء الزواري إليها، متهمة الموساد الإسرائيلي باغتياله، وتوعدت بالانتقام.
ما زالت تفاصيل العملية العسكرية التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، في قطاع غزة، تحت اسم “طوفان الأقصى” تتكشف في ظل مواصلة مجموعات النخبة عملياتها في قلب مستوطنات “غلاف غزة”، وتكبيدها الاحتلال خسائر فادحة.
ونشرت كتائب القسام، مساء اليوم، مقطعاً مصوراً يظهر بداية اختراق مقاتليها لخطة الجبهة الأمامي بين القطاع والأراضي المحتلة عام 1948.
وتظهر بداية العملية في البداية مع استهداف موقع لجيش الاحتلال بقذيفة من طائرة مسيَرة ثم ينطلق المقاتلون تحت غطاء كثيف من المقذوفات الصاروخية.
وأظهرت المشاهد المصورة عبر طائرات تصوير مركبات القسام ومقاتليه على دراجات نارية وهم يتقدمون نحو الأراضي المحتلة، واستخدم القسام جرافة عسكرية في تدمير السياج الفاصل وفجَر أجزاء منه عن طريق العبوات الناسفة.
كما شارك مقاتلون من “سرب صقر” في الاقتحام عن طريق الطائرات الشراعية، ونجح مقاتلو القسام في اقتحام الأراضي المحتلة رغم كل الإجراءات الأمنية الميدانية التي وضعها الاحتلال على الأرض منذ سنوات