بعد توقيع جوبا على اتفاقية عنتيبي…دول حوض النيل تتآمر مع أثيوبيا ضد مصر فى ظل عجز السيسى

- ‎فيتقارير

 

 

يواصل نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي تجاهله للمساس بحقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل منذ بدء أثيوبيا إنشاء سد النهضة، وحتى انتهائها من الإنشاءات ومواصلتها تخزين المياه، حيث بدأت أديس أبابا المرحلة الخامسة لملء خزانات السد، والتي تستمر حتى سبتمير المقبل.

الأزمة لم تقتصر على أثيوبيا، بل تكالبت دول حوض النيل لإنهاء نظام الحصص في توزيع مياه النيل المعمول به، وفق اتفاقيات تاريخية منذ أكثر من قرن من الزمان، ووقفت في نفس خندق أثيوبيا بسبب فشل السياسة الخارجية لنظام الانقلاب، والتي أدت إلى خسارة علاقات مصر المتميزة مع الدول الإقريقية .

كان نظام الانقلاب قد فوحئ بإعلان جنوب السودان التصديق على الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل، المعروفة باسم “عنتيبي” التي تفتح الباب أمام دعوات إعادة توزيع الحصص المائية للدول المطلة على أطول أنهار العالم، ما يهدد بحرمان مصر من مياه النيل المصدر الوحيد للحاجات المائية لأكثر من 106 ملايين مصري، خاصة أن خطوة جنوب السودان تزامنت مع الإعلان عن بدء الملء الخامس لخزان سد النهضة الإثيوبي. 

يشار إلى أن اتفاقية عنتيبي كانت قد وقعت عليها خمس دول في عام 2010 خلال اجتماع عقد في مدينة عنتيبي الأوغندية، وتستهدف الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل تنظيم التعاون بين الدول الـ11 المطلة على نهر النيل، وهي مصر والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا والكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندي وتنزانيا وكينيا وأوغندا وإريتريا، ولا تعترف الاتفاقيه بالحصص المائية لدولتي المصب مصر والسودان المترتبة عن اتفاقيات وقعت أعوام 1902 و1929 و1959، التي تنص على حصول مصر على 55.5 مليار متر مكعب سنويا من مياه النيل، و18.5 مليار متر مكعب سنويا للسودان. 

 

دبلوماسية عدائية

 

من جانبه أكد الباحث في الشأن الأفريقي محمد عبدالكريم أن مصالح جنوب السودان مع إثيوبيا باستثمارات تبلغ مليارات الدولارات، وهو ما دفعها إلى اتخاذ موقف لا يراعي المصالح المصرية، مشيرا إلى أن تلك الدولة تمارس “دبلوماسية عدائية” تجاه مصر في القارة الأفريقية خاصة في الملف السوداني.  

وقال عبدالكريم في تصريحات صحفية: إن “عدم صدور رد فعل رسمي من نظام الانقلاب تجاه تصديق جنوب السودان، ربما يعبر عن خيبة الأمل الشديدة في ظل العلاقات الطيبة مع جوبا”. 

واعتبر أن انضمام دولة جنوب السودان إلى اتفاقية عنتيبي، بمثابة انتهاء لواقع الحصص المائية التاريخية لمصر والسودان، ما ينذر بصدام حقيقي.

وتوقع عبدالكريم أن تكون الخطوة المقبلة لنظام السيسي هي دفاع الدبلوماسية عن مصالحه بعد فترة خمول، وإنهاء الثقة المفرطة في الشركاء الإقليميين لتعارض المصالح معهم. 

وشدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب انتهاج نظام الانقلاب سياسة خارجية واضحة تحافظ على مصالح مصر في القارة السمراء، لافتا إلى أن إقرار اتفاقية دفاع مشترك مع الصومال قد يعد مؤشرا على ضبط علاقات مصر مع أفريقيا، بما يحفظ حقوقها التاريخية في ملف مياه النيل. 

 

تسليع المياه

 

في المقابل، اعتبر الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الري الأسبق، أن توقيع دولة جنوب السودان على اتفاقية عنتيبي الإطارية لدول حوض النيل “بلا قيمة”. 

وقال علام في تصريحات صحفية: إن “اتفاقية عنتيبي التي تتمحور بنودها حول إعادة النظر في شأن الحصص المائية لدول حوض النيل مجمدة منذ عام 2010، مؤكدا أن تصديق جنوب السودان لن يفيد الدول الخمسة الموقعة، إذ يحتاج التفعيل إلى دولة سابعة لتخطي عتبة ثلثي الدول النيلية”. 

وعن خطورة الاتفاقية وتأثيرها على الحصص المائية لدول المصب، أوضح أن دول المنبع ليست لديها قدرة على الضغط على دولتي المصب، مشيرا إلى أن توقيع جنوب السودان جاء بإيعاز غربي من أمريكا وإسرائيل، للتأثير على مصالح مصر والانتقاص من حقوقها المائية. 

وكشف علام أن دول المنبع مثل إثيوبيا والكونغو مشكلتها الأساسية، هي كيفية التخلص من المياه وليس المطالبة بتقليل حصص دولتي المصب، لافتا إلى  أن من مصلحتهم الحصول على ثمن الحصص المائية. 

ولفت إلى أن نسبة المياه التي تصل مصر من الهضبة الاستوائية قليلة بينما النسبة الأكبر من منابع النيل في إثيوبيا، وبالتالي اتفاقية عنتيبي لن تؤثر، وكل ما يهم إثيوبيا هو “تسليع المياه”، ما يعني بيع المياه مقابل المال، ولذلك تثير ملف الحصص المائية من حين إلى آخر. 

 

حقوق تاريخية

 

وأكد الدكتور محمد محمود مهران الأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية وأستاذ القانون الدولي، أن مصادقة جنوب السودان على اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل تمثل منعطفا خطيرا في الصراع على مياه النيل، لكنها لا تغير من الوضع القانوني للاتفاقية. 

وقال مهران في تصريحات صحفية: إن “اتفاقية عنتيبي تتجاهل الحقوق التاريخية لمصر والسودان المضمونة باتفاقيات سابقة، سواء الحصص المائية أو إضعاف مبدأ الإخطار المسبق لدول المصب عند إقامة مشروعات على النهر، إضافة إلى فتح الباب لإعادة توزيع الحصص المائية بين دول الحوض، وتأسيس مفوضية لحوض النيل قد تتخذ قرارات تضر بمصالح دول المصب”. 

وأوضح أن الاتفاقية تتعارض مع عدة مبادئ أساسية في القانون الدولي للمياه منها مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للموارد المائية المشتركة، ومبدأ عدم إلحاق الضرر الجسيم بالدول الأخرى، ومبدأ التعاون والتشاور المسبق بين الدول المتشاطئة، فضلا عن عدم احترامها للحقوق المكتسبة والاتفاقيات التاريخية. 

وأشار مهران إلى أنه في نزاعات الأنهار الدولية تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بعد 60 يوما من مصادقة ست دول عليها، وهو ما سيتحقق بانضمام جنوب السودان، مشددا على أن هذا الإجراء الشكلي لا يمنحها الشرعية القانونية الكاملة، لأن القانون الدولي للمياه يتطلب توافق جميع الدول المتشاطئة وليس فقط الغالبية. 

وشدد على أن مصر لديها أدوات قانونية وسياسية يمكنها استخدامها للدفاع عن حقوقها المائية، بداية من آليات تسوية النزاعات السلمية المنصوص عليها في القانون الدولي كالتفاوض أو الوساطة للتوصل إلى حل توافقي، كما يمكن لمصر الضغط على الجمعية العامة للأمم المتحدة لتقدم طلبا إلى محكمة العدل الدولية لطلب رأي استشاري حول مدى قانونية اتفاقية عنتيبي وتأثيرها في الحقوق التاريخية المكتسبة، مطالبا حكومة الانقلاب بتكثيف جهودها الدبلوماسية لكسب التأييد الدولي لموقفها، من خلال إبراز الآثار السلبية المحتملة لتقليص حصتها المائية على الأمن الغذائي والاستقرار في المنطقة ككل. 

وقال مهران: إنه “يمكن تفعيل آليات التحكيم الدولي المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون استخدام المجاري المائية الدولية في الأغراض غير الملاحية لعام 1997، بعد موافقة الأطراف المعنية للوصول إلى حل يحافظ على حقوق الجميع بأقل الأضرار”.