مع تواصل المقاومة كفاحها ضد العدو الصهيوني، ازدادت حدة التصعيد في جنوب لبنان، وتزايدت المواجهات والعمليات المتبادلة بين إسرائيل و(حزب الله)، الذي نَعى الأربعاء اثنين من مقاتليه، في وقت يتراجع فيه التفاؤل بإمكانية التوصل إلى حل في غزة، وبالتالي في جنوب لبنان.
وكثف الكيان الصهيوني أمس الأربعاء هجماته على الشعب اللبناني، لتعيش بلدات الجنوب ليلة وصفت بالـ(عنيفة)، حيث تجاوز عدد الغارات الـ 25 خلال الساعات الأخيرة، وسُجل قصف على أحياء سكنية بعدما أُعلن الثلاثاء عن إصابة 24 شخصًا.
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي أمس الأربعاء أن سلاح الجو قصف نحو 30 هدفاً لـ(حزب الله) في جنوب لبنان، مشيراً إلى استهداف منصات إطلاق صواريخ وبنى تحتية تابعة لـ (حزب الله) في مناطق الجبين، الناقورة، دير سريان، وزبقين في جنوب لبنان، إضافة إلى استهداف منطقة الضهيرة.
وفي الجنوب، لم يهدأ القصف المتواصل طوال الساعات الأخيرة، وأعلنت وزارة الصحة أن القصف المدفعي الإسرائيلي بالقذائف الفوسفورية على بلدة الخيام أدى إلى إصابة مواطن بحالة اختناق استدعت نقله إلى المستشفى.
وتعرضت أطراف بلدتي الضهيرة وعلما الشعب لقصف مدفعي إسرائيلي، مما أدى إلى اشتعال النيران، كما تعرضت الأحياء السكنية في بلدة كفرشوبا لقصف مدفعي، وقصفت دبابة ميركافا متمركزة في موقع السماقة في تلال كفرشوبا منزلاً في بلدة كفرشوبا، بحسب (الوطنية)، وأشارت أيضًا إلى استهداف حديقة بلدة مارون الراس بمحلقتين مفخختين، أحدث انفجارهما أضرارًا في منشآت الحديقة.
فيما عاشت بلدات الجنوب ليلة (عنيفة)، استأنف الجيش الإسرائيلي قصفه باكرًا، حيث استهدفت غارة جوية أطراف علما الشعب بعدد من الصواريخ، ما أسفر عن حرائق كثيفة في الأحراج.
كما شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية أكثر من 15 غارة جوية منذ الساعة الخامسة فجرًا، استهدفت المنطقة الحرجية والبساتين المتصلة بين أطراف بلدات زبقين – الشعيتية – القليلة جنوب صور، وشكلت حزامًا ناريًا بين تلك القرى، وفق ما أفادت (الوطنية).
وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على البساتين والأودية المجاورة لبلدات القليلة، زبقين، الحنية، مجدل زون، وطيرحرفا، حيث تواصلت الغارات لأكثر من عشر مرات، ما أدى إلى أضرار جسيمة في الممتلكات والمزروعات ومبانٍ داخل بساتين بلدة القليلة.
وحلق الطيران الاستطلاعي فوق قرى القطاعين الغربي والأوسط وصولاً إلى مشارف مدينة صور، وأطلق القنابل المضيئة فوق القرى الحدودية المتاخمة للخط الأزرق وفوق مجرى نهر الليطاني.
ومن جهته، لم يضع المحلل رياض قهوجي هذه المواجهات الأخيرة في خانة التصعيد، بل يعتبرها استمرارًا للمعركة الدائرة التي ترتفع وتنخفض حدّتها وفقاً للمفاوضات السياسية.
وقال في تصريحات صحفية: “تراجعت المواجهات قليلاً بعد رد (حزب الله) على اغتيال القيادي فؤاد شكر، بانتظار نتيجة المفاوضات، لكن هجمات إسرائيل لم تتوقف، واليوم عادت لتتصاعد مع فشل المفاوضات نتيجة تمسك كل طرف بموقفه.”
واعتبر أن هذا الوضع طبيعي في أي معركة، حيث يتقدم دائماً الحل العسكري إذا فشل الحل السياسي.
وأفادت (الوكالة الوطنية للإعلام) الأربعاء بغارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية في بلدة ميس الجبل، ما أدى إلى سقوط قتيل وجريح.
وعاد بعدها (حزب الله) لينعى (المجاهد هاني حسين عز الدين من بلدة دير قانون النهر في جنوب لبنان) وعلي حسن عبد علي من بلدة عيتيت.
المقاومة ترد
وعن رد المقاومة، أفادت وسائل إعلام بإطلاق نحو 30 صاروخًا من جنوب لبنان باتجاه الجليل الأعلى.
وأعلن (حزب الله) عن تنفيذه عددًا من العمليات، وقال في بيانات متفرقة إن مقاتليه استهدفوا حاجزًا عسكريًا في مستعمرة دان (ردًا على اعتداءات العدو على القرى الجنوبية الصامدة والمنازل الآمنة، وخصوصاً على طريق النبطية – زبدين)، كما نفذ عملية استهدفت «دشمة يتموضع فيها جنود العدو في موقع المطلة» و«تجمعاً لجنود إسرائيليين في محيط موقع الراهب).
وفي بيانات أخرى، أعلن استهداف موقع رويسة القرن وثكنة زبدين في مزارع شبعا.
أمريكا تحذر إسرائيل من حرب شاملة في لبنان
ونقلت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية عن مسؤول أميركي مطلع أن الإدارة الأميركية حذرت إسرائيل من المبادرة لتصعيد واسع وحرب شاملة مع (حزب الله) في لبنان.
وأشار المسؤول إلى أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تؤيد إجراءات تل أبيب ضد (حزب الله)، لكنها ترى أن عواقب حرب واسعة مع لبنان يجب أخذها بعين الاعتبار.
وأكد أن واشنطن أبدت مخاوف من أن يدفع فشل إبرام صفقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تل أبيب إلى شن حرب على (حزب الله).
وأضاف: “شعرنا طوال أغسطس الماضي أن خطر الحرب كان مرتفعاً للغاية وحاولنا ترويج صفقة الرهائن لمنع ذلك.”
وزادت احتمالات شن حرب عدوانية إسرائيلية على لبنان، لكن يبدو أن القرار لم يُحسم بعد، وهناك عوامل قوية جدًا ضد هذا الخيار، خاصة أن القيادة الإسرائيلية واعية لحجم الدمار الذي ستخلفه الحرب والثمن الباهظ الذي ستدفعه الدولة الصهيونية إن قررت خوض مغامرة غير محسوبة.
يُشار إلى أنه منذ الثامن من أكتوبر الماضي، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها (حزب الله)، القصف اليومي مع الجيش الإسرائيلي عبر الخط الأزرق الحدودي الفاصل، مما أسفر عن سقوط مئات القتلى والجرحى، معظمهم في الجانب اللبناني.
ويتزامن ذلك مع استمرار الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، التي خلفت أكثر من 135 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.