فوضى الأدوية المخدرة في السوق المصري، خاصة فى الأعياد / حيث تكشف أن عصابة العسكر تشجع بطرق احتيالية انتشار هذه الأدوية خاصة بين الشباب، وهذا يؤكده أن هناك صيدليات غير مرخصة تبيع هذه الأدوية دون أي رقابة، بل إن الأجهزة المسئولة تغض الطرف عن هذه الممارسات رغم خطورتها على المجتمع .
يزيد من هذه الكارثة أن بعض الأدوية مع كثرة الاستخدام تتحول إلى إدمان، ومنها المسكنات والأدوية المنومة بجانب بعض أدوية البرد والتي بها مركبات تصيب بالإدمان، خاصة أدوية الكحة ومضادات الاكتئاب، كما أن هناك قطرات للعين تستخدم في الحصول على تأثير إدماني، وكذلك أدوية البرد التي تحتوي على مادة «دكسترميثورفان»، وهي أدوية متوافرة بالصيدليات.
ومن أجل الشو الإعلامي أعلنت هيئة الدواء المصرية، عن مشروع جديد لضبط سوق الدواء وتعزيز الآليات الرقابية من خلال تطبيق التتبع الدوائي «دوانا».
وزعمت الهيئة أن هذا المشروع يهدف إلى إنشاء نظام متكامل لتتبع الأصناف المخدرة والمؤثرة على الصحة النفسية، بما يسهم في مكافحة سوء الاستخدام والتهريب، وتحسين كفاءة الرقابة عبر توفير بيانات دقيقة ومحدثة.
تجارة قاتلة
في هذا السياق، قال الدكتور أحمد فاروق، عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن “الإشكالية ليست في الإعلان عن مشاريع أو مبادرات، ولكن الأهم هو أن تكون هناك إرادة حقيقية للقضاء على هذه التجارة البشعة التي تدمر شباب مصر”.
وأضاف فاروق في تصريحات صحفية، الجميع يعرف الصيدليات التي تسحب أدوية مؤثرة على الصحة النفسية بانتظام، مشيرا إلى أن ذلك لا يكلف الشخص المسؤول سوى دقائق للدخول على موقع الشركة المصرية لتجارة الأدوية لمعرفة أسمائها، حيث إن معظمها صيدليات تابعة لغير صيادلة منتحلي صفة فتحوها دون وجه حق، وهناك كشوفات موجودة بأسماء هذه الصيدليات ومع ذلك لا يستطيع أحد حل لغز السكوت عليها.
وشدد على ضرورة أن يكون لدى حكومة الانقلاب نية حقيقية للقضاء على تلك التجارة ومستعدة لمواجهة هؤلاء المجرمين الذين هم ليسوا صيادلة، يصرفون نفس الكوتة ويبيعونها في السوق بعشرات الأضعاف، وجنوا ثروات طائلة من هذه التجارة القاتلة لشباب مصر ومع ذلك لم يتحرك أحد لمحاصرة هذه المافيا .
ولفت فاروق إلى أن أنبوبة النلوفين التي تم تسعيرها رسميا بـ8 جنيهات تُباع بـ400 جنيه، مؤكدا أن شريط الترامادول وصل سعره لـ1000 جنيه، وهكذا أصبح سوق الدواء مافيا تتجاوز سوق المخدرات .
وأعرب عن أسفه لأن ما يشغل هيئة الدواء هو الترصد بالصيادلة، الذين يرتكبون مخالفات بسيطة، في حين إنها تترك المجرمين الحقيقيين يعيثون في الأرض فسادا، خاصة في ظل عدم وجود نقابة صيادلة منذ 6 سنوات ، مؤكدا أن ربع أعداد الصيدليات حتى الآن مرخصة دون صيادلة بسبب عدم وجود نقابة.
وأكد أن الأعداد الضعيفة لمفتشي هيئة الدواء، يجعلها عاجزة عن المواجهة، بخلاف غياب استراتيجية حقيقية لتفعيل المواجهة.
الأدوية المخدرة
وقال محمود فؤاد، رئيس مركز الحق في الدواء: إن “مشروع «دوانا» ليس جديدا، مشيرا إلى أن هناك مشروعا بدأ منذ عشر سنوات بين وزارة صحة الانقلاب وشركات الدواء والصيدليات بخصوص الأدوية المخدرة، لكنه توقف ثم عاد مرة أخرى بضغوط من الشركات الأجنبية”.
وأوضح-«فؤاد»، في تصريحات صحقية أن هذه المشاريع يتم من خلالها التعرف على عدد مستخدمي أدوية الجدول، ومنع صرف الأدوية أكثر من مرة لنفس الشخص؛ لأنه سيكون هناك سيستم متصل ببعضه يظهر البيانات المرتبطة بنوعية تلك الأدوية، عبر تسجيل الرقم القومي، مما يعني محاصرة ظاهرة تكرار الصرف، ومنع إساءة استخدام هذه الأدوية وتهريبها بالسوق السوداء، وغلق الطريق أمام الصيدليات المتلاعبة في الحصص الشهرية .
وأكد أنه حتى الآن لا يوجد أي تنسيق بين هيئة الدواء وصندوق الإدمان بوزارة تضامن الانقلاب، مطالبا بأن يكون هناك تعاون بين الطرفين ومعهم المجتمع المدني.
ولفت «فؤاد»، إلى أنه لا توجد معوقات بشأن تنفيذ هذا المشروع على أرض الواقع، سوى إتاحة التمويلات لأن فكرته تقوم على التكنولوجيا وهو ما يظهر في الاستعانة بشركة أجنبية، مؤكدا أن الصيادلة يرونه نوعا من الاحتكار خاصة أننا نتحدث عن أصناف مهمة واستراتيجية وحكومة الانقلاب بدأت تفكر في الحد من تسريب هذه الأدوية للسوق السوداء.
عقار الترامادول
وقال الدكتور أحمد رامي رئيس مؤسسة الدواء للجميع الخيرية، : إن “الأدوية العلاجية البديلة التي يستخدمها المدمنون كبديل للمواد المخدرة ليس لها أي تأثير إدماني، ولكن المتعاطين يلجأون إليها لأن تأثيرها يشابه تأثير المواد المخدرة”.
وأضاف«رامي» في تصريحات صحفية، القوانين والتشريعات الحالية غير كافية لضبط السوق الدوائي في مصر، مطالبا بسن قانون يلزم الصيدليات بعدم صرف أي دواء في حالة عدم وجود روشتة طبيب، وتشديد العقوبات على أي صيدلي يخالف ذلك.
وأشار إلى أن هناك كارثة حقيقية يعاني منها المرضى حاليًا ، وهي عدم توافر عقار الترامادول، بسبب إدراجه في جدول المخدرات وهو ما يصعّب على المرضى الحقيقيين شراءه ويضطرون إلى اللجوء لأساليب المدمنين ويشترون شرائط الترامادول من تجار المخدرات والأكشاك.
تعذيب المرضى
وأكد الدكتور محمود عبد المقصود أمين عام نقابة الصيادلة الأسبق، أن ظاهرة استخدام المدمنين عقاقير طبية بديلة للمواد المخدرة ليست جديدة بل منتشرة منذ سنوات، موضحا أن الأزمة ليست في الرقابة أو الصيادلة بل تكمن في ازدياد معدلات الإدمان بين الشباب.
وقال «عبد المقصود» في تصريحات صحقية: “إحنا مش عاوزين نعالج المنظومة الدوائية، إحنا محتاجين نعالج المجتمع والشباب المدمنين”.
وأوضح أن الحل في قيام خبراء علم النفس والاجتماع بعمل دراسات ووضع حلول جذرية للحد من الإدمان وحول أسباب تفشيه في المستويات الفقيرة اجتماعيًا والشباب العاطلين، مطالبا دولة العسكر باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لمكافحة المخدرات والإدمان.
وحذر «عبد المقصود» من أنه في حال وضع تشريعات وقوانين تغير في نظام صرف الأدوية سينتج عنها صعوبة عملية صرف المواطن العادي الدواء وسيشعر بمعاناة شديدة، مؤكدا أن جميع الأدوية التي يستخدمها المتعاطون كبديل للمخدرات هي أدوية طبية يتجرعها كافة المواطنين، وإذا منعناها سنعذب كل مريض يحتاج لتلك الأدوية.
وأضاف، في جميع دول العالم يتم صرف تلك الأدوية بسهولة ودون روشتة طبيب، معبرا: «إحنا مش هنحط قانون لينا لوحدنا».
وأشار «عبد المقصود» إلى أنه بعد منع الترامادول وإدراجه في جدول المخدرات نتج عنه تعذيب مرضى السرطان والأمراض المستعصية الذين يحتاجون لهذا العقار بشكل دائم.
