مع تراجع النفط عالميا.. هل تجرؤ حكومة الانقلاب على تخفيض أسعار الوقود ومخالفة إملاءات صندوق النقد؟

- ‎فيتقارير

مع حالة الترقب التي تسود الشارع المصرى لما يسفر عنه اجتماع لجنة التسعير التلقائى للوقود والتوقعات برفع أسعار الوقود خاصة البنزين وما سيؤدى إليه ذلك من موجة غلاء جديدة لمختلف السلع والمنتجات فوجئت حكومة الانقلاب بتراجع أسعار النفط عالميا واعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية على دول العالم وهو ما يفرض عليها تخفيض أسعار الوقود.

يأتي ذلك في الوقت الذي تجد نفسها فى مواجهة مطالب صندوق النقد الدولى واملاءاته بالغاء الدعم ورفع الأسعار، فهل تستطيع حكومة الانقلاب مخالفة أوامر صندوق النقد وتخفيض أو حتى تثبيت أسعار الوقود أم أنها سترضخ لهذه الاملاءات وترفع الأسعار وتوجه ضربة جديدة للشعب المصرى الذى يعيش أكثر من 70% من ابنائه تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولى .

كانت لجنة التسعير التلقائي قد ثبتت الأسعار خلال الأشهر الـ 6 الماضية، تمهيدا لإلغاء الدعم بالكامل بحلول نهاية العام الحالي، وفق تصريحات مصطفى مدبولى رئيس حكومة الانقلاب مؤخرا، فيما توقع خبراء زيادة أسعار الوقود بنسبة 30% حتى أواخر 2025.

وتعقد لجنة تسعير الوقود اجتماعها الدوري كل 3 أشهر، وسيكون أول هذه الاجتماعات في إبريل الحالي لحسم أول زيادة أسعار في المحروقات، وبعدها ستعقد اللجنة اجتماعين آخرين في يوليو وأكتوبر المقبلين.

تراجع الأسعار

في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد فؤاد، ان اللجنة لا تنتظر أن يتغير سعر برميل البترول في آخر لحظة قبل اتخاذ القرار، بل إنها تعتمد على متوسط أسعار النفط في آخر 6 أشهر.

وأضاف فؤاد فى تصريحات صحفية أن السعر الحالي للنفط (66 دولارًا) لا يعكس تكاليف الإنتاج في مصر بشكل كامل، مشيرًا إلى أن سعر برميل البترول المثالي لتجنب زيادات كبيرة في أسعار الوقود في السوق المحلي يجب أن يكون في حدود 56 دولارًا.

وأشار إلى أن التراجع في أسعار النفط يمكن أن يساهم في تقليل الزيادة المتوقعة في أسعار المحروقات في مصر بنهاية العام، خاصة إذا استمر تراجع الأسعار على مدار الشهور المقبلة مؤكدا أن هذا التراجع يمكن أن يساعد في تقليل الأعباء المالية على المواطنين في ظل تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وارتفاع الأسعار في الكثير من القطاعات.

ولفت فؤاد الى أن حكومة الانقلاب تأخذ في اعتبارها دائمًا تقلبات أسعار النفط، لذا فإن اللجنة تعتمد على التقديرات والتوقعات بشأن أسعار النفط في المستقبل. وإذا استمر سعر برميل النفط في الانخفاض، فإن ذلك قد يؤدي إلى تعديل توقعاتها بالنسبة للأسعار الجديدة للمحروقات.

وتوقع أن تتخذ اللجنة قرارات بشأن عدم زيادة الأسعار إذا استمر سعر البرميل في حدود التكلفة أو أقل من التقديرات الأولية، معتبرًا أن أي ارتفاع كبير في الأسعار قد يتسبب في ضغوط اجتماعية واقتصادية. وبالتالي، فإن حكومة الانقلاب قد تقرر تعليق زيادة الأسعار في الوقت الحالي حتى يتم الوصول إلى نقطة التعادل بين سعر البترول المحلي والدولي.

فاتورة الاستيراد

وتوقع مدحت يوسف نائب رئيس هيئة المواد البترولية الأسبق، أنه في ضوء تصريحات رئيس وزراء الانقلاب، فقد يشهد الاجتماع القادم للجنة تسعير المواد البترولية زيادة أسعار الوقود، ولاسيما البنزين.

وقال «يوسف»، في تصريحات صحفية، ان أسعار البترول تتراجع عالميا، لكنها لن تؤثر على تثبيت أو خفض أسعار الوقود محليا، بسبب انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار منذ مارس 2024، ما نجم عنه ارتفاع فاتورة استيراد المواد البترولية، وستضطر حكومة الانقلاب لزيادة الأسعار خلال هذا الاجتماع.

وأضاف انخفاض قيمة الجنيه تفوت فرصة انخفاض فاتورة الدعم بنسبة كبيرة، حتى إذا تراجع سعر النفط إلى 60 دولارا للبرميل، وستظل حكومة الانقلاب مضطرة لرفع الأسعار لتعويض انخفاض قيمة الجنيه.

وتوقع «يوسف» أن يتم إلغاء الدعم بالكامل لسعر الوقود بنهاية 2025 وسوف ترتفع الاسعار بنسبة 30% في المتوسط، وذلك إذا استمر سعر الصرف ثابتا عند مستوياته الحالية بـ50.65 جنيه.

ونصح المواطنين بالتحول للغاز الطبيعي في ضوء الارتفاعات المرتقبة في أسعار البنزين، مشيرا إلى أن حكومة الانقلاب لديها استراتيجية لدعم أصحاب السيارات للتحول للغاز الطبيعي الذي يعد ذا تكلفة أرخص في الاستيراد مقارنة بالمواد البترولية.

وأعرب «يوسف» عن تخوفه  من أن تحريك أسعار الوقود سيكون له تبعات تضخمية بعد خفض معدلات التضخم إلى 12.5% لإجمالي الجمهورية بنهاية شهر فبراير الماضي، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

صندوق النقد

وتوقع المحلل الاقتصادي إبراهيم عادل أن ترفع حكومة الانقلاب أسعار الوقود خلال الاجتماع القادم للجنة التسعير التلقائي، تنفيذا لبرنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، الذي يوصي برفع كل أشكال الدعم لتخفيف الأعباء علي الموازنة العامة.

وحذر عادل فى تصريحات صحفية من أن تعاود معدلات التضخم الارتفاع إلى مستويات 18% بنهاية 2025، بسبب توجه حكومة الانقلاب لرفع الدعم عن الوقود، مشيرا إلى أنه يقدر قيمة الزيادة بنسبة تتراوح بين 15 و20% في كل اجتماع للجنة حتى نهاية العام.

تراجع قيمة الجنيه

وأكد  المهندس حسن نصر، رئيس شعبة المواد البترولية باتحاد الغرف التجارية، أن الأسعار العالمية للنفط شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال الأشهر الأخيرة، مما قد يدفع اللجنة إلى اتخاذ قرار بزيادة الأسعار مشيرا إلى أن التراجع الآخير لم تتضح تفاصيله حتى الآن.

وأوضح نصر فى تصريحات صحفية  أن ارتفاع سعر برميل النفط عالميًا، بالإضافة إلى تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، يزيد من فاتورة استيراد المواد البترولية، مما يجعل من الصعب على حكومة الانقلاب الإبقاء على الأسعار الحالية دون تغيير.

وأضاف: نحن نتابع هذا الملف عن كثب، وندرك أن أي زيادة في الأسعار يجب أن تكون مدروسة حتى لا تؤثر سلبًا على الصناعات التي تعتمد بشكل أساسي على الوقود.

وأوضح نصر أن أي زيادة في أسعار الوقود يجب أن يقابلها إجراءات لدعم الفئات الأكثر تضررًا، مثل تقديم دعم مباشر لقطاعات النقل العام والمواصلات الجماعية.