آخرها “أوراسكوم للإنشاءات”.. شركات المقاولات تواصل الهروب إلى الخارج بسبب سياسة الجباية 

- ‎فيتقارير

مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وسياسة الجباية التى تفرضها حكومة الانقلاب أعلنت عدد من شركات المقاولات عن تخارجها من السوق المصرية واتجاهها إلى العمل فى دول أخرى.  

هذا التوجه كانت قد أعلنت عنه شركة "أوراسكوم للإنشاءات"، وكشف أسامة بشاي الرئيس التنفيذي لشركة "أوراسكوم كونستراكشن" أن الشركة تتطلع لتقليص أعمالها داخل مصر لتشكل ثلث إجمالي أعمالها بحلول عام 2026، تزامنا مع توسعها في الخارج، خصوصا في السعودية والإمارات،  

وكشف بشاي فى تصريحات صحفية عن عدة أزمات كانت السبب في رغبة الشركة للتخارج من السوق المصرية، بينها تأخر تحصيل المستحقات من الجهات الحكومية، إلى جانب استمرار ضبابية تسعير الجنيه مقابل الدولار، وعدم توافر مواد البناء، وتأخر صرف متأخرات فروق العملة، وهي الأسباب التي أعلنت عنها عدة شركات خاصة وعامة اتخذت نفس القرار. 

كانت شركات مقاولات "حسن علام"، و"المقاولون العرب"، و"كونكريت بلس"، و"سامكريت مصر"، قد قررت تقليص أعمالها داخل مصر، والتوجه نحو توسيع أعمالها بقارة أفريقيا ودول عربية كالعراق وليبيا والخليج العربي. 

وأعرب مسئولون من "حسن علام" عن تطلع الشركة لمضاعفة أعمالها بالسعودية، والإمارات، وسلطنة عمان، وليبيا، والعراق، مشيرين إلى حصول الشركة على تعاقدات بالخارج بقيمة 2.5 مليار دولار. 

كما أعلنت "المقاولون العرب"عن تعاقدها لتنفيذ جسرين بمدينتي درنة وسوسة بليبيا، إلى جانب اعتزام "سامكريت مصر" دخول سوق السعودية لأول مرة، وزيادة حجم أعمالها بأفريقيا إلى ملياري دولار. 

وكشفت "كونكريت بلس" عن دراسة 5 مشروعات بالسعودية باستثمارات تقارب 3 مليارات ريال، وتنفيذ مشروع تجاري باستثمارات ما بين 30 إلى 40 مليون دولار في سلطنة عمان. 

 

 4 أسباب  

من جانبه كشف المحلل السياسي سمير عليش عن أسباب توجه كبرى شركات الإنشاءات للتخارج من السوق وتقليص أعمالها والتوجه للخارج، موضحا أن أول الأسباب يتمثل فى تشبع السوق المحلي من العقار وسط وفرة كبيرة من المعروض . 

وقال عليش فى تصريحات صحفية : السبب الثاني يتمثل فى عدم ثقة الشركات المحلية العاملة بمجال العقارات في استقرار سياسات تخارج دولة العسكر  من المنافسة، لافتا إلى ان السبب الثالث هو عدم الثقة كذلك بمخططات التنمية الاقتصادية. 

وأوضح أنه إلى جانب ما سبق، تظل القبضة الأمنية لحكومة الانقلاب التي قد تؤدي إلى الانفجار، احد أهم أسباب قلق تلك الشركات. 

وحذر عليش من أن هناك خسائر متوقعة على الاقتصاد من ذلك التقليص والتخارج لأعمال شركات المعمار الكبرى، مؤكدا أنه بالقطع ستتأثر معدلات التنمية الاقتصادية بالسلب، مع ما يطال العمالة المصرية من أزمات منها زيادة نسب البطالة. 

وحول اعتقاد البعض بأن عمل تلك الشركات في الخارج فرصة لكسب عملات صعبة وإعادة ضخها للسوق المحلي، أكد أن تلك الشركات لن تغامر بإرجاع أموالها مرة أخرى لسوق محفوف بالمخاطر . 

 

 

سوق الصرف 

 قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خزيم، إن أي سوق يكون فيه سوق الصرف عرضة للتقلبات السريعة والمفاجئة وغير المعلنة يُلقي بظلاله على الأعمال، وكلما تمر السوق بمرحلة من تحرير أو تعويم سعر الصرف، تقفز فيه الأسعار وتنخفض فيه القدرة الشرائية للجنيه، كما حدث بالتراجع من 8 جنيهات إلى 16 ثم 20 و22 وإلى 30 ثم حتى معدل 50 جنيها منذ مارس 2024. 

وأكد خزيم فى تصريحات صحفية أن هذا يؤدي أولا إلى اختلال رهيب في الهياكل المالية لهذه الشركات، وثانيا فإن انخفاض القوة الشرائية للجنيه يؤدي إلى تأثر التعاملات في العمليات الإنشائية طويلة الأجل، ما يؤدي إلى اضطرار بعض شركات المقاولات والتطوير العقاري لفسخ العقد مع العميل وطرح الوحدات بأسعار أعلى من السابق؛ لأن اسعار مستلزمات الإنتاج في تصاعد، من حديد وإسمنت مواد بناء وخلافه. 

ولفت إلى أنه مع عرض كبير للوحدات وطلب أقل بكثير، ومع البيع والتسويق من خلال أقساط، فإن المشترين يحدث لهم نتيجة للتضخم ونتيجة لانخفاض القوة الشرائية، حالة من الانحدار في الصرف من مداخيلهم، ومن ثم يتعثرون في عمليات السداد، ما يؤثر على التدفقات النقدية لشركات المقاولات. 

وكشف خزيم أن هناك أكثر من سبب لتخارج تلك الشركات من السوق المحلية ورغبتها في العمل بالخارج، أولا عدم انتظام سعر الصرف، وعدم انتظام أسعار المدخلات في هذا النوع من الصناعة، ووجود فقاعة عقارية مع ارتفاع الأسعار المبالغ فيه جدا، ومن ثم فإن خسائر أقل مشروع بقطاع التطوير العقاري وشركات المقاولات، قد تؤدي لانهيار شركة بالكامل. 

وأشار إلى أن هذا ما حدث بالضبط مع شركات الصناعة، والأمر لم يطل فقط قطاع الإنشاءات، بل طال قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والخدمات وكل القطاعات الاقتصادية، نتيجة تحملها أعباء مثل تكاليف النقل وغيره، التي ترتفع مع رفع أسعار الوقود والكهرباء.  

 

بيئة جباية 

وأوضح خزيم أن هذا الكم من الأزمات يأتي مع انخفاض القدرة على التسويق وتراجع معدلات الشراء، في مقابل كمية كبيرة من المعروض في المدن الجديدة مؤكدا أن تخارج تلك الشركات ليس مرتبطا بقطاع الإنشاءات الأكثر نشاطا، لكن تغير الحالة السعرية وقفزاتها أدى إلى إحجام غير عادي، كما أن سوق العقارات غير مفتوح بالقدر الكافي؛ لأنها شريحة صغيرة تتداول كل ما يحدث في العاصمة الإدارية والمدن الجديدة مثل العلمين، لا تتجاوز نصفا بالمئة من السوق وفقا للأرقام المعلنة. 

واعتبر أن تقليص تلك الشركات أعمالها المحلية أمر طبيعي، سبقه قطاع صناعي متعثر ومستثمرون تخارجوا أو قللوا وجودهم في السوق المحلي، وقطاع سياحي أيضا متعثر؛ لأنه في بيئة جباية وفرض رسوم جبائية، تكرارها طوال الوقت يلقي بظلال سلبية على كل القطاعات الهيكلية.  

ولفت خزيم إلى بعض خسائر السوق المحلية من تقليص أعمال شركات الإنشاءات الكبرى، أو التخارج من أكبر قطاع به عمالة يومية وموسمية على بطالة تلك العمالة وفقدان مداخيلها، مشيرا إلى تضارب تصريحات حكومة الانقلاب عن نسب ومعدلات البطالة التي حددتها بـ14 بالمئة، لكن تصريحات المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، أكدت وصولها 45 بالمئة. 

وأكد أن الشركات التي تخرج من السوق تخسرها مصر حتى على مستوى التحصيل الضريبي، خاصة أن الجزء الأكبر من دخل دولة العسكر منها، كما أن الكثير من العاملين سيفقدون وظائفهم، مشيرا إلى أن معادلة دوران رأس المال ستقل، وتقل من ثم الأعمال التي تعتمد على تعاون حكومة الانقلاب والقطاع الخاص، ومن ثم تتقزم الطبقة الوسطى وتتأثر.