أثار إعلان رئيس وزراء الاحتلال الصهيونى بنيامين نتنياهو عن "المرحلة الأخيرة" من الحرب على غزة، وهي مرحلة زعم أنها تمهد لتنفيذ خطة الرئيس الأمريكي الإرهابى دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من القطاع، مخاوف دولية وإقليمية من تداعيات هذا المخطط على الاستقرار في المنطقة وعلى الحقوق الفلسطينية. وحذر عدد من الدول من تهجير الفلسطينيين من أرضهم وطالبت باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس لإنهاء الصراع فى منطقة الشرق الأوسط .
كان نتنياهو قد زعم فى تصريحاته أن هذه المرحلة ستشكل نهاية المقاومة في غزة وستفتح الباب لتطبيق رؤية ترامب، وجاءت هذه التصريحات في سياق يعكس تصميمًا صهيونيًا على تغيير الواقع الديموجرافي والسياسي في قطاع غزة. حيث زعم أن دولة الاحتلال مستعدة لمناقشة "المرحلة الأخيرة" من الحرب، مشروطة باستسلام حركة حماس، ومغادرة قادتها القطاع، مع ضمان السيطرة الأمنية الصهيونية الكاملة على غزة.
وربط نتنياهو هذه المرحلة بتنفيذ "خطة ترامب" التي تزعم حكومته أنها تتم تحت مظلة "الهجرة الطوعية"، زاعما أنها خطة واضحة تهدف إلى إعادة تشكيل المنطقة.
يُشار إلى أن "خطة ترامب"، كما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقترح تهجير سكان غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، مع تحويل القطاع إلى منطقة تحت السيطرة الإسرائيلية أو الأمريكية، وربما إلى منتجع سياحي يُمحي الهوية الفلسطينية للمنطقة، كما وصفها ترامب سابقًا بـ"ريفييرا الشرق الأوسط".
واعتبرت تصريحات نتنياهو ليست مجرد خطاب سياسي عابر، بل تعكس استراتيجية طويلة الأمد لإنهاء الوجود الفلسطيني في غزة ، عبر تهجير السكان وإعادة تعريف القطاع بما يتماشى مع رؤية صهيو أمريكية مشتركة.
خطة ويتكوف
ووفقا لخطة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، فإن إطلاق سراح جميع الأسرى لدى حماس، سواء الأحياء أو المتوفين، سيتم على مرحلتين: الأولى عند بدء المحادثات، والثانية عند انتهائها.
وزعم ويتكوف أن تقسيم الصفقة إلى مراحل متعددة كما جرى سابقا أدى إلى صعوبات وتعقيدات كبيرة، بسبب ما وصفه بـ "انتهاكات حماس المتكررة" .
وأشار إلى أن تجارب الإفراج السابقة شهدت تجاوزات مثل استبدال جثة شيري بيباس، والاحتفالات التي رافقت إطلاق سراح بعض الأسرى، إضافة إلى التعذيب النفسي الذي تعرض له الأسيران غاي غلبوع وإيفاتار ديفيد وفق زعمه . وقال ويتكوف: لا يمكننا الاستمرار بهذه الطريقة، ولهذا نطالب بإطلاق سراح الأسرى على دفعتين فقط بحسب تصريحاته.
إنهاء الحرب
في هذا السياق كشف مسئول صهيوني أن دولة الاحتلال مستعدة لمناقشة إنهاء الحرب على غزة، شرط موافقة حماس على خطة المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف.
وزعم المسئول الصهيونى أن حماس وافقت لأول مرة على مناقشة إطلاق سراح خمسة أسرى صهاينة أحياء دون شروط مسبقة مثل “هدنة” طويلة الأمد.
وأشار إلى أن دولة الاحتلال مستعدة لدراسة مسألة إدخال الإمدادات إلى غزة، لكنها تشدد على ضرورة ضمان وصولها إلى المدنيين وليس إلى الفصائل المسلحة.
وأضاف المصدر: من وجهة نظرنا، جميع الأسرى في قطاع غزة في وضع إنساني، ونطالب بضمانات لسلامتهم خلال الهدنة والمفاوضات .
مخطَّط أمريكي صهيوني
في المقابل أعلنت حركة حماس رفضها لمخطط دولة الاحتلال لتهجير الفلسطينيين من غزة بضوء أخضر أمريكي. واتهمت حماس بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال، بارتكاب جرائم إبادة في غزة، منتقدة إعلانه أنه سيسمح لقادة حماس بمغادرة قطاع غزة شرط أن تسلم الحركة سلاحها، وأن دولة الاحتلال تعمل على تنفيذ خطة ترامب لنقل سكان غزة إلى دول أخرى.
ودعا القيادي بحركة حماس سامي أبو زهري، كلّ من يستطيع حمل السلاح في كلّ مكان في العالم الى أن يتحرّك ضد خطة الرئيس الأمريكي الإرهابى دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة.
وقال أبو زهري في تصريحات صحفية تعليقا على دعوة نتنياهو حركة حماس إلى إلقاء السلاح وخروج قادتها من غزة، إن تصريحات نتنياهو بأنَّ هدف الحرب هو تطبيق خطَّة ترامب للتَّهجير تؤكِد بشكل جازم أنَّنا أمام مخطَّط أمريكي صهيوني مرتبط بمشروع التَّهجير.
وأضاف: إزاء هذا المخطّط الشَّيطاني الَّذي يجمع بين المجازر والتَّجويع، فإنَّ على كلّ من يستطيع حمل السلاح في كلّ مكان بالعالم أن يتحرّك. لا تدَّخروا عبوّة أو رصاصة أو سكّينا أو حجرا، ليخرج الجميع عن صمته، كلُّنا آثمون إن بقيت مصالح أمريكا والاحتلال الصهيوني آمنة في ظلِ ذبح وتجويع غزّة .
الإدارة الأمريكية
وقال الدكتور أحمد رفيق عوض، رئيس مركز القدس للدراسات، إن دولة الاحتلال تبحث عن استسلام حركة حماس، وتهجير أهالي قطاع غزة، وحينها ستتوقف عن عدوانها على الفلسطينيين بحسب زعمها .
وأشار عوض، فى تصريحات صحفية، إلى أن دولة الاحتلال تعتقد أنها تدير حربا سهلة، والشعب الفلسطيني شعب أعزل، وسهل تدميره، ولا أحد يردعها أو يهدد مصالحها، وتحصل على دعم من الولايات المتحدة الأمريكية، معتبرا أن الإدارة الأمريكية تجاوزت كل الخطوط الحمراء وانتهكت كل القوانين والمواثيق الدولية فى دعمها لدولة الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية.
ولفت إلى أن هناك توحش إسرائيلي شديد، حيث ترى دولة الاحتلال نفسها منتصرة، مؤكدا أننا نمر بأسوأ الحالات والأوضاع، وحذر من أن نتنياهو يريد فرض سيطرته على الإقليم كله.
جرائم بشعة
من جانبها أعلنت نقابة الصحفيين المصريين إدانتها الشديدة واستنكارها القاطع للتصريحات الاستفزازية الصادرة عن المسئولين الصهاينة ، معتبرة أنها محاولة بائسة لتحويل الأنظار عن الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، خاصة في مدينة رفح.
وأدانت النقابة بأقسى العبارات الدعوات الصهيونية الأخيرة لإخلاء رفح قسرًا، وعودة دعوات التهجير القسري لسكان غزة التي تمثل استمرارًا للعدوان الوحشي وتجرِّم المدنيين العُزَّل تحت مزاعم كاذبة.
وشددت على أن هذه التصريحات والممارسات ليست سوى غطاء يحاول قادة الكيان الصهيونى من خلاله إخفاء فظائع جيش الاحتلال في غزة، وإفشال أي مساعٍ لوقف إطلاق النار أو إيجاد حلول عادلة، مؤكدة أن ما يحدث في غزة ليس حربًا مشروعة، بل إبادةٌ ممنهجةٌ بحق شعب أعزل، تستدعي تحركًا عربيًا ودوليًا فوريًا لوقف المجازر ومحاكمة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية كمجرمي حرب.
وجددت النقابة رفضها المطلق لمخططات التهجير، وحمِّلت المجتمع الدولي – ولاسيما الولايات المتحدة وأوروبا – مسئولية التواطؤ المخزي مع هذه الجرائم عبر الدعم السياسي والعسكري المستمر للكيان الصهيوني، منتقدة الصمت العربي المخزي، أمام ما يجري من فظائع من قبل جيش الاحتلال الصهيوني واستمرار مجازره بحق الشعب الفلسطيني، والتي تمثل واحدة من أكبر عمليات التطهير العرقي في التاريخ الحديث.
كامب ديفيد
وطالبت حكومة الانقلاب بمراجعة شاملة وتجميد فوري لاتفاقية كامب ديفيد ردًا على التصريحات المستفزة الأخيرة والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة مشددة على ضرورة محاكمة قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية كمجرمي حرب عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني وفتح كافة المعابر أمام المساعدات الإنسانية فورًا ووقف الحصار الجائر وحماية الصحفيين الفلسطينيين الذين يدفعون الثمن من دمائهم أثناء نقل الحقيقة، ومحاسبة دولة الاحتلال على استهدافهم المتعمد والذي أدى لاستشهاد 206 زملاء بخلاف عشرات المصابين.
وحذرت النقابة من استمرار هذه الجرائم، مطالبة كل المؤسسات الإعلامية والحقوقية بفضح الممارسات الصهيونية وكشف زيف الرواية الإسرائيلية. ودعت إلى تحرك عاجل من مجلس الأمن والأمم المتحدة لفرض عقوبات دولية على دولة الاحلال وإنهاء الصمت الدولي المشين الذي يشكل تواطؤًا يُغذي استمرار العدوان مؤكدة أنه آن الأوان لمواجهة هذا العار التاريخي.. فالشعب الفلسطيني لن يُهجَّر، والدم لن يُهدر دون حساب! ولن نسمح بتمرير جرائم الحرب تحت سمع العالم وبصره.