تلقى النائب العام بنظام الانقلاب محمد شوقي عياد، اليوم أمس الثلاثاء، بلاغاً رسمياً من المحامي بالنقض سمير فتحي عبد المقصود، بصفته وكيلاً عن أسرة مدير الإدارة التعليمية في محافظة المنوفية أسامة أحمد مرزوق، المعروف باسم "أسامة البسيوني"، يتهم فيه وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد اللطيف بالتسبب في وفاته إثر تعرضه لضغوط نفسية خلال حملة تفتيشية مفاجئة قام بها الوزير يوم السبت الماضي، 6 إبريل 2025.
وذكر البلاغ أن الوزير، خلال جولته التفقدية المفاجئة على عدد من مدارس مركز الباجور، لاحظ ارتفاع نسبة غياب الطلاب، مما دفعه لتوبيخ المدير المتُوفى أمام زملائه في العمل، وطالبه بتقديم استقالته على الفور، والتوجه بها إلى ديوان الوزارة في العاصمة الإدارية.
وأشار البلاغ إلى أن هذا التصرف خلّف أثراً نفسياً بالغاً على الراحل، مما أدى إلى شعوره بحالة صحية سيئة أثناء استقلاله سيارته في طريق العودة، حيث تعرض لحالة إغماء مفاجئة نُقل على إثرها إلى مستشفى مركز الباجور، حيث وافته المنية، بعد أن أظهرت تقارير الوفاة توقف عضلة القلب، وهبوطاً حاداً في الدورة الدموية.
وأوضح المحامي في بلاغه أن تصرف الوزير يُعد إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه مهام وظيفته، معتبراً أن ما حدث يُشكّل جريمة يعاقب عليها القانون المصري وفقاً لنص المادة 238 من قانون العقوبات، التي تنص على معاقبة من يتسبب في وفاة شخص نتيجة إهماله أو رعونته أو عدم مراعاته للقوانين واللوائح.
وطالب البلاغ بفتح تحقيق قضائي عاجل في الحادثة، واستدعاء الوزير للتحقيق، فضلاً عن سماع أقوال شهود العيان الذين كانوا حاضرين أثناء الجولة التفقدية للوزير، مع اتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة، وجارٍ حالياً فحص البلاغ من النيابة العامة.
وفي وقت لاحق، نشرت صفحة وزارة التربية والتعليم على فيسبوك، نعياً قدّم خلاله الوزير العزاء لأسرة البسيوني، نفت خلاله ما أثير حول تعرض مدير إدارة الباجور للتعنيف من الوزير، مشيرة إلى إشادة الوزير بمدارس إدارة الباجور وانضباط الطلاب والعملية التعليمية في الإدراة.
أوكان خبر وفاة مدير الإدارة التعليمية بالباجور، أسامة بسيوني، قد أحدث حالة من الصدمة والغضب في الأوساط التعليمية بمحافظة المنوفية، بعدما توفي إثر أزمة قلبية حادة، قالت مصادر: إنها "جاءت بعد تعرضه لضغوط شديدة من وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد اللطيف بحكومة الانقلاب العسكري، خلال زيارة الوزير الأخيرة للمحافظة".
فيما أكدت مصادر بالإدارة التعليمية أن الوزير محمد عبد اللطيف، وخلال زيارته لمحافظة المنوفية لتفقد عدد من المدارس.
عنّف مدير إدارة الباجور تعنيفًا لفظيًا شديدًا، وطلب منه الحضور بنفسه إلى ديوان عام الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة لتقديم استقالته.
وتابعت المصادر أن بسيوني بدا عليه الإرهاق والتأثر بعد الواقعة، قبل أن يسقط مغشيًا عليه فور خروجه من مدرسة المؤسسة التعليمية بالباجور، وتم نقله على الفور إلى مستشفى الباجور التخصصي، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة.
مستشفى الباجور: "أزمة قلبية حادة"
أكد مصدر طبي بمستشفى الباجور أن الراحل وصل إلى المستشفى في حالة حرجة نتيجة أزمة قلبية مفاجئة، وفشلت كل محاولات إنقاذه، وتم تحرير محضر بالواقعة وأُخطرت النيابة العامة التي تولت التحقيق، كما تم التصريح بدفنه في مقابر عائلته.
تصريحات من أسرته ومعلمين: "كان يتحمل ما لا يُطاق"
قال أحد أفراد أسرة الراحل في تصريحات صحفية: إن "أسامة بسيوني كان يشتكي منذ أشهر من حجم الضغوط الملقاة على عاتقه" مشيرًا إلى أن تصرف الوزير معه كان "القشة التي قصمت ظهر البعير".
وأضاف أحد المعلمين بالإدارة التعليمية، طلب عدم نشر اسمه، أن بسيوني كان يُعرف عنه الانضباط والتفاني في العمل، لكنه كان يتحمل ضغوطًا فوق طاقته؛ بسبب قرارات مركزية متخبطة، مطالبًا بفتح تحقيق جاد في أسباب وفاته.
نقابة المعلمين: نُحمّل الوزارة المسؤولية
من جهته، قال عضو بنقابة المعلمينبالمنوفية: إنهم "بصدد إصدار بيان رسمي للمطالبة بمحاسبة الوزير، محملًا إياه مسؤولية وفاة بسيوني، ومطالبًا بتقنين العلاقة بين القيادات المركزية والإدارات المحلية" مشيرًا إلى أن ما يحدث هو استبداد إداري.
خلفية مثيرة للجدل حول الوزير
الوزير الحالي، محمد عبد اللطيف، أثارجدلًا واسعًا منذ تعيينه بعد تقارير عن حصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة غيرمعتمدة، ما دفع مجلس الوزراء مؤخرًا لإلغاء لقب "دكتور" من مخاطباته الرسمية، كما ترددت شائعات عن أنه لا يحمل شهادة الثانوية العامة، بينما تؤكد مصادر مطلعة أن تعيينه جاء بناءً على خلفيته العائلية، كونه حفيد المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع خلال حرب أكتوبر.
يُذكر أن عائلة عبد اللطيف تمتلك مدارس خاصة بارزة، تُنسب إدارتها إلى والدته، ما أثار شكوكًا حول تضارب المصالح في إدارة ملف التعليم في مصر.
ضغوط متزايدة ومركزية خانقة
يرى مراقبون أن وفاة مدير الإدارة التعليمية تفتح الباب مجددًا لمناقشة مركزية القرار في وزارة التعليم، وغياب التوازن في العلاقة بين الوزارة والإدارات المحلية، ويقول أحد مديري الإدارات السابقين لـ"العربي الجديد": "الوزير يعامل مديري الإدارات كموظفين صغار، لا رأي لهم، وكل ما عليهم هو تنفيذ أوامر فورية تصدر من المكتب الفني".
خبير تربوي: ما حدث جريمة إدارية
وقال الخبير التربوي الدكتور كمال مغيث: إن "ما حدث مع مدير إدارة الباجور يمثل جريمة إدارية وأخلاقية لا تقل خطورةعن القتل غير المباشر"، مؤكدًا أن "البيئة الإدارية القائمة في وزارة التعليم لا تحتمل الكفاءة بل تُكافئ الولاء فقط".
وطالب مغيث بإجراء مراجعة شاملة لطبيعة علاقة الوزارة بالإدارات التعليمية، ووضع ضوابط تمنع التعنيف والتسلط الإداري، حفاظًا على ما تبقى من كوادر العملية التعليمية.