جدول زيارة معد سلفا تضمن تباهي المنقلب السيسي والجوقة الإعلامية بالسير وسط حشود أمنية غير مسبوقة مع إخلاء منطقة خان الخليلي بالكامل من السياح في حين أن السيسي يظهر بين طلاب الكلية الحربية من خلف حائط زجاجي دأب على استخدامه مرات.
والأبعد من "الرافال" التي كانت ضمن مراسم استقبال الرئيس الفرنسي ماكرون الاثنين في زيارته الممتدة ليومين لمصر، أنها نفس الطائرة التي سبق ونفذت الهجمات في درنة الليبية فقتلت أطفالا بأحضان أمهاتهم، بتنفيذ السيسي وبالتكنولوجيا الفرنسية التي سبق وأن تعاونا من قبل في ''العملية سيرلى'' وقتلا مئات المصريين المدنيين الأبرياء عبر قصفهم بالطائرات بالاضافة الى فرض منظومة تجسس فرنسية الصنع على الحدود الغربية لمصر والمجاورة لليبيا.
ولم تقتصر العملية التي كشف عنها موقع "ديسكلوز" الفرنسي عن مقتل مواطنين أبرياء مصريين بل وسياح (منهم مكسيكيون) عبر قصفهم بالطائرات بالجملة فى صحراء مصر الغربية بزعم انهم ارهابيون يحملون الاسلحة والمتفجرات كانوا فى طريقهم الى مصر قادمين من ليبيا لإحداث القلاقل فيها.
وفي 21 نوفمبر 2021 نشر الموقع على فيسبوك والعديد من مواقع التواصل الاجتماعى وثائق عن تحالف واسع بين الدولة الفرنسية والحكومة المصرية. تتعلق بعملية سيرلي التي بدأت في 13 فبراير 2016، في الصحراء الغربية بمشاركة ضباط المخابرات و الطيارين والفنيين الفرنسيين اندمجوا والقوات المسلحة المصرية بهدف معلن هو محاربة المسلحين المشتبه بهم الذين تسللوا إلى حدود 1200 كيلومتر مع ليبيا.
تحقيق "مؤسسة كارنيجي"
ووفقًا لتحقيق جهة ثالثة عن الوثائق المخابراتية الفرنسية قالت مؤسسة كارنيجي إن العملية أدت إلى انتهاكات لحقوق الإنسان ووثقت تغطية محلية بحالة قتل 3 مدنيين في غارة جوية في الصحراء الغربية في يوليو 2017 ومقتل 21 مكسيكيًا من السائحين في عام 2015، في غارة جوية في الصحراء الغربية.
وفي 2023 اعتقلت الداخلية الفرنسية أريان لافريلو الصحيفة بموقع "ديسكلوز" الفرنسي، بعد أن كشف عن معلومات للاستخبارات الفرنسية سربت حول اشتراك باريس في قصف مدنيين بمصر بما يعرف باسم العملية سيرلي sirli التي استمرت لسنوات.
بحسب الوثائق السرية، ربما تكون القوات الفرنسية متورطة فيما لا يقل عن 19 تفجيراً ضد المدنيين بين عامي 2016 و2018، وكثيراً ما دمرت الضربات عدة مركبات، ويمكن أن يصل عدد الضحايا إلى عدة مئات، ووفقاً لمعايير قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 56/83، يمكن إثبات تواطؤ فرنسا في عمليات الإعدام غير القانونية هذه.
مواقع الضرباتوينقل الموقع عن
الباحث في المبادرة العالمية السويسرية غير الحكومية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، جلال حرشاوي، قوله بأن التهديد الإرهابي القادم من ليبيا “يبالغ الجيش المصري في تقديره إلى حد كبير من أجل الحصول على الدعم على الساحة الدولية”. ومنذ عام 2017، لم يُعرف وجود أي جماعة إرهابية أو تنظيم إسلامي في شرق مصر.
وفقاً لتقرير صدر في مايو 2020 عن المعهد الأوروبي للسلام، وهو مؤسسة مستقلة لحل النزاعات، لا يوجد أي دليل فعلياً يشير إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية، أو الجماعات المسلحة الأخرى، استخدمت تهريب المخدرات لتمويل أنشطتها في ليبيا.
ويذكر الموقع مثالاً على إحدى الحوادث في 21 سبتمبر 2016، حين أقلع أعضاء فريق سيرلي من مرسى مطروح على متن طائرة المراقبة الفرنسية “Merlin III”، وبعد عدة ساعات من الطيران فوق الصحراء، رصدوا قافلة من الشاحنات الصغيرة تسرع فوق الكثبان الرملية. نقل الفريق الموجود على متن الطائرة موقع القافلة إلى زملائهم في القاعدة، الذين نقلوا المعلومات بدورهم إلى القوات الجوية المصرية. وصلت طائرة مصرية من طراز سيسنا 208 فوق المنطقة بعد فترة وجيزة، وبعد أيام قليلة أعلن الجيش المصري أنه دمر شاحنات صغيرة مع ركابها، الذين يشتبه في أنهم مهربون.
وينقل الموقع عن التقرير الفرنسي بأن “وجود طائرة سيسنا المسلحة وحده يشهد على رغبة القوات الجوية المصرية في استخدام المعلومات لأغراض قمعية ضد حركة المرور المحلية”، ويعتبر الموقع أن توفير الفريق للمعلومات حول موقع الشاحنات يجعل الدولة الفرنسية نفسها شريكاً في عمليات الإعدام التعسفية.
يذكر الموقع دليلاً آخر على تورط القوات الفرنسية بإعدام المدنيين، فبعد تولي ماكرون الحكم بفترة قصيرة، تلقى رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية، بيير دو فيليه، الذي يخضع لسلطة الرئيس الفرنسي، تقريراً صُنّف على أنه سري. وأشار التقرير التفصيلي الذي كتبه مدير المخابرات الحربية إلى أن معظم الشاحنات الصغيرة التي تمركزت في الصحراء المصرية ليست مرتبطة بالجماعات الإرهابية.
يشير الموقع إلى حادثة أخرى تبين بوضوح تورط القوات بقتل مدنيين، ففي 5 يوليو/تمور 2017، كان أحمد الفقي واثنان من زملائه يعملون على رصف طريق قريب من مدينة الواحات البحرية. بعد ظهر ذلك اليوم، وأثناء سفرهم في شاحنة صغيرة، توقف الرجال الثلاثة عند مبنى منجم للحديد، حيث حصلوا على إذن من إدارة الموقع بملء إمدادات المياه. وبعد وصولها مباشرة، خرجت طائرة تابعة للقوات الجوية المصرية وفجّرت السيارة، ما أدى إلى مقتل الفقي وزميليه.
غطّى الخبر موقع “مدى مصر” وقناة الجزيرة الإخبارية، وأعقب ذلك ظهور بعض المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الجيش المصري قام بخنق هذه القضية. وقال شخص من موقع “قتل في مصر” – طلب عدم الإفصاح عن اسمه- لموقع ديسكلوز: “في المشرحة هدد رجال ملثمون يرتدون ملابس سوداء العائلة بحيث تشير شهادة وفاة أحمد إلى أن سبب الوفاة غير معروف”.
لم تُذكر وفاة أحمد الفقي وزملائه في أي من الوثائق التي حصل عليها الموقع، إلا أن موقع القتل يقع في إحدى المناطق التي كانت طائرة تابعة للمخابرات العسكرية الفرنسية تحلق فوقها في ذلك الوقت. وفي 14 يوليو/تموز 2017، تعرضت ثلاث مركبات تمركزت في نفس المنطقة بالقرب من الطائرة لضربات شنتها طائرات F16 مصرية متمركزة في الإسكندرية.
وبحسب المعلومات التي تلقاها ديسكلوز، فإن أفراد القوات المسلحة الفرنسية مستمرون في الانتشار في الصحراء المصرية.
طائرات تجسس
تزوّد شركة مقرها في لوكسمبورغ الجيش الفرنسي بفريق من الرجال وطائرة العملية سيرلي. اسم الشركة CAE Aviation للطيران، ورئيسها هو الرئيس السابق للمهمة السرية في مصر. وقد أدّت هذه الشركة لسنوات عديدة دور العيون والآذان للمخابرات الفرنسية.
منذ عام 2010، عملت وكالة الاستخبارات الفرنسية، وأجهزة الاستخبارات العسكرية الفرنسية بشكل وثيق مع شركة CAE للطيران. تستعين الوكالات الفرنسية بخدمات هذه الشركة ليس فقط لاستخدام طائراتها، بل أيضاً للموظفين – الطيارين والمحللين والفنيين- للقيام بمهام سرية تلعب فيها الاستخبارات الجوية دوراً رئيسياً. وكان هذا هو الحال بالنسبة لعملية “سيرلي” في مصر، التي انطلقت عام 2016 باسم مكافحة الإرهاب. لكن وفقاً للموقع، استُخدمت المعلومات الواردة من البعثة من قبل نظام عبد الفتاح السيسي لارتكاب عمليات إعدام تعسفية.
حين طلب النظام المصري المساعدة من القوات المسلحة الفرنسية والمخابرات العسكرية لمراقبة حدودها 1200 كم مع ليبيا، وافقت فرنسا على تقديم الدعم، وعرضت أن تضع تحت تصرف مصر فريقاً من الرجال وطائرة مجهزة بكاميرات مراقبة ومعدات لاعتراض الاتصالات. ميزة الطائرة المسمّاة بالفرنسي ALSR أنها على عكس الطائرات بدون طيار، يمكن لها الطيران لساعات طويلة وعلى ارتفاعات عالية جداً، دون أن تُكتشف من قبل من تطاردها.
ولكن حتى عام 2020، لم يكن لدى القوات المسلحة الفرنسية أيّ طائرات ALSR، ولهذا السبب استأجرت أجهزة المخابرات العسكرية الفرنسية الطائرة من شركة CAE، لتكون شريكاً منتظماً للمهمات المخطط لها مثل مهمة مصر. العقد، المحمي بموجب قوانين سرية الدفاع الفرنسية، سمح للشركة بتوفير طائرة ALSR إلى جانب فريق تشغيل مكون من 6 أفراد – طيارين اثنين وأربعة فنيين- وأُرسلوا إلى القاعدة العسكرية المصرية في مرسى مطروح بالمنطقة الصحراوية الغربية للبلاد.
ويشرح الموقع كيفية سير المهام التي قد تدوم ما بين خمس إلى ست ساعات؛ إذ يرافق الطيّاران وفنيّو شركة CAE الأفراد العسكريين النظاميين. ويبقى فنيّان اثنان في القاعدة ليرتّبا المعلومات المرسلة إليهما من الطائرة، وينقلانها بدورهما إلى المصريين. هذه المساعدة الثمينة المقدمة للسيطرة على المنطقة الصحراوية ستجعلهم شهوداً مباشرين على الضربات المتكررة التي يشنها الجيش المصري ضد المدنيين.
ويشير الموقع إلى أن العقد الموقع مع شركة CAE للطيران يحمل أهمية خاصة؛ إذ يقول العقد إنه “يجب ألا تستخدم الطائرة للاستهداف”، وبالتالي لا ينبغي بأيّ حال من الأحوال أن تستخدم لتسهيل الغارات الجوية القاتلة. وتزداد أهمية هذا الشرط لأن موظفي شركة CAE للطيران يتكونون حصراً من المدنيين، ولم يكن التعاون السري بين فرنسا ومصر موضوعاً لأيّ اتفاق قانوني يحيط بوجودهم في مصر، وقد يؤدي هذا الوجود السري في بعض الأحيان إلى الموت.
وباعت شركة الأسلحة الفرنسية العملاقة Dassault، وشركة نيكسا تكنولوجيز Nexa Technologies، نظام مراقبة شاملا لديكتاتورية المشير السيسي وفقاً لتعبير الموقع، وأتى ذلك كله بمباركة ماكرون.
ويدور الكشف الثاني حول نشر أنظمة المراقبة الإلكترونية المتقدمة للغاية Nexa Technologies و Ercom و Suneris و Dassault Systèmes – وكلها شركات فرنسية. تمت الموافقة على البيع ، في عام 2014 ، من قبل وزارة الاقتصاد الفرنسية ، برئاسة الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون في ذلك الوقت.
تصدير أسلحة
وقام التحالف بين الدولة الفرنسية والحكومة المصرية على مجموعة معقدة من المصالح المالية ، وأهداف السياسة الخارجية الموازية ، والصلات الأيديولوجية.
وعلى وجه الخصوص ، تشمل هذه المصالح المالية المشتركة صفقات أسلحة ضخمة بين القاهرة وباريس. بين عامي 2016 و2020 ، زادت صادرات الأسلحة الفرنسية بنسبة 44 في المائة مقارنة بالفترة 2011- 2015 ، حيث حصلت مصر على 20 في المائة من صادرات الأسلحة الفرنسية – مما يجعلها ثاني أكبر عميل للأسلحة الفرنسية بعد الهند.
كانت أغلى عمليات الشراء حتى الآن هي طائرات رافال الفرنسية ، التي تم شراؤها في صفقتين كبيرتين للأسلحة في عامي 2015 و 2021 ، بقيمة 5.2 مليار يورو .و 4.5 مليار يورو على التوالي. وتجدر الإشارة أيضًا إلى هيكل صفقات الأسلحة هذه: يتم تمويل بعض أكبر عمليات نقل الأسلحة من خلال قروض فرنسية ، بما في ذلك قرض بقيمة 3.2 مليار يورو في عام 2015 بالإضافة إلى قرض لم يتم الإفصاح عنه لتمويل آخر صفقة بقيمة 4.5 مليار يورو في عام 2021 .
طبيعة النظام الضريبي المصري ، حيث تتحمل الطبقات الدنيا والمتوسطة العبء الضريبي ، يعني أن هذا الترتيب ينقل بشكل فعال الثروة من الطبقات الدنيا والمتوسطة إلى صناعة الأسلحة الفرنسية.