الهروب من الفقر: دوافع المصريين ..مأساة مستمرة في المتوسط لتهريب المهاجرين ؟

- ‎فيتقارير

أعلنت الشرطة الإيطالية،أمس ، عن تفكيك شبكة دولية لتهريب المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا، يقودها مصريون، في عملية أمنية منسّقة شملت خمس دول. وأسفرت العملية عن توقيف 15 مصرياً يُشتبه في تورطهم في تهريب آلاف المهاجرين عبر البحر المتوسط من تركيا إلى اليونان وإيطاليا، باستخدام قوارب شراعية تفتقر لأدنى معايير الأمان وفقا لوكالة (رويترز)  .

وتشهد مصر منذ انقلاب السيسى على  الشهيد محمد مرسى أول رئيس مدنى منتخب في تاريخ البلاد عام 2013 تزايداً ملحوظاً في معدلات الهجرة غير النظامية، مدفوعةً بأسباب اقتصادية واجتماعية. ووفقاً لتقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في مارس 2025، فإن عدد المصريين الذين غادروا البلاد عبر طرق غير شرعية خلال عام 2024 تجاوز 27 ألف شخص، معظمهم من الفئة العمرية بين 18 و35 عاماً.

 

 

تهريب منظم وأرباح ضخمة

ووفق بيان صادر عن الشرطة الإيطالية، فإن الشبكة التي تم تتبعها منذ عام 2021 سهّلت تهريب ما لا يقل عن 3 آلاف مهاجر إلى إيطاليا، وحققت أرباحاً تزيد عن 30 مليون دولار، بواقع 10 آلاف دولار عن كل مهاجر. وأضافت الشرطة أن الاعتقالات جرت بالتنسيق مع سلطات ألبانيا وألمانيا وتركيا وسلطنة عُمان، وبإشراف من الادعاء الإيطالي المتخصص في مكافحة عصابات المافيا في صقلية، وبدعم من الإنتربول واليوروبول.

 

وتقود الشبكة مهاجر مصري مقيم في إسطنبول، حيث تُدار عمليات التهريب بالتعاون مع قادة قوارب محترفين – معظمهم مصريون – يتم تجنيدهم لنقل المهاجرين من موانئ تركية مثل بودروم وإزمير ومرمرة، على متن قوارب شراعية يتراوح طولها بين 12 و15 متراً، غالباً من دون أي معدات للسلامة أو الإنقاذ.

 

مأساة مستمرة في المتوسط

ويمثّل الطريق البحري من تركيا إلى إيطاليا أحد أخطر مسارات الهجرة غير النظامية، خاصة بعد مأساة كوترو في فبراير 2023، حين لقي ما لا يقل عن 94 مهاجراً حتفهم إثر غرق قاربهم قبالة سواحل جنوب إيطاليا، في واحدة من أسوأ الكوارث المرتبطة بأزمة الهجرة إلى أوروبا.

 

وحذّرت منظمات دولية من تزايد المخاطر في هذا الطريق بسبب استخدام قوارب متهالكة، والاعتماد على مسارات غير مراقبة، مما يؤدي إلى مآسٍ إنسانية متكررة في عرض البحر المتوسط.

 

الهروب من الفقر: دوافع المصريين

ويرجع خبراء اقتصاديون هذه الظاهرة إلى الانكماش الاقتصادي الحاد في مصر، وارتفاع نسب البطالة بين الشباب، والانخفاض المتواصل في قيمة الجنيه المصري، إضافة إلى التضخم الذي وصل إلى أكثر من 35% في العام الماضي، ما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية ودفع الآلاف إلى البحث عن فرص خارج البلاد، حتى لو كلفهم ذلك أرواحهم.

 

 

شهادات من البحر

تحدث مهاجرون نجوا من رحلات مماثلة عن ظروف غير إنسانية على متن القوارب، حيث يُجبر العشرات على التكدس في مساحات ضيقة لأيام دون طعام كافٍ أو ماء، وسط مخاطر الطقس وسوء التهوية وانعدام وسائل الإنقاذ.

 

وقال أحد الناجين في شهادة نقلتها صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية: "كنا نعلم أن احتمال الموت كبير، لكن لم يكن أمامنا خيار آخر. في مصر لا عمل ولا مستقبل".