باعتراف الصهاينة..دولة الاحتلال ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة بدعم أمريكي

- ‎فيعربي ودولي

 

 

الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الجيش الصهيوني بدعم من الرئيس الأمريكي الإرهابي دونالد ترامب في قطاع غزة توثقها آلاف الأدلة، وهو ما اعترفت به الأمم المتحدة والمنظمة الدولية لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي لا يشك عاقل أن نتنياهو وترامب وبايدن وكل من يدعمهم مجرمو حرب.

وهناك اعتراف حتى من الصهاينة الذين لايزال يتبقى لديهم شيء من ضمير بهذه الإبادة التي تتمثل في أحلك صورها في المجازر التي يرتكبها الاحتلال، وعمليات الهدم للمباني والمستشفيات والمدارس وقصف خزانات المياه ومستودعات الأغذية، ومنع المساعدات الغذائية والأدوية والمستلزمات الطبية من الوصول إلى أهالي غزة، هذه كلها جرائم حرب .

 

إبادة جماعية

 

في هذا السياق حذّر الأكاديمي الأسرائيلي الأمريكي راز سيجال، أستاذ دراسات الإبادة الجماعية الحديثة في جامعة ستوكتون بولاية نيوجيرسي من المنعطف الخطير الذي تشهده كلٌّ من دولة الاحتلال والولايات المتحدة، مؤكدًا أنه يخشى على سلامته الشخصية، بسبب مواقفه العلنية من الحرب على غزة.

ووصف سيجال في حوار مع صحيفة "إل موندو" الإسبانية، ما يجري في غزة بأنه "إبادة جماعية وفق التعريف الكلاسيكي"، بعد أيام فقط من العدوان الصهيوني على قطاع غزة،  مشيرا إلى أن هذا التصريح قد يبدو من زمن آخر، لكنه يعكس الواقع الراهن .

وشدد على تمسكه بمواقفه، تمامًا كما فعل حين أعرب مبكرًا عن إدانته لما وصفه بجريمة جماعية ترتكبها إسرائيل في غزة، مشيرا إلى الاتهامات الرسمية التي نظرتها محكمة العدل الدولية، والتي اعتبرت في ثلاث مناسبات أن هناك احتمالًا معقولًا لارتكاب إبادة جماعية، بالإضافة إلى تقارير مماثلة صادرة عن خبراء أمميين، من بينهم المقررة الخاصة فرانشيسكا ألبانيزي.

وقال سيجال : "خلفيتي العائلية، كحفيدٍ لناجين من الهولوكوست، هو ما يدفعني إلى رفع صوتي، التاريخ لا يغفر، ومن واجبنا ألا نكرره، لا كضحايا ولا كصامتين".

 

حيوانات بشرية

 

وأشار إلى أن نزع الإنسانية من أبرز المؤشرات لهذه الإبادة، واستشهد بتصريحات وزير الحرب الصهيوني السابق يؤاف جالانت في 9 أكتوبر 2023، حين وصف الفلسطينيين بـ"الحيوانات البشرية"، ثم كررها في اليوم التالي الجنرال غسان عليان دون تمييز بين مدني ومقاتل.

وأعرب سيجال عن أسفه لأن الخطاب الإبادي اجتاح الإعلام الصهيوني والغربي، وترافق مع فرض حصار كامل على غزة، وتنفيذ حرفي للوعيد، ما دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وجالانت، موضحا أن النية عنصر جوهري، وغالبًا ما تكون مستترة، لكن في الحالة الصهيونية التصريحات واضحة ومتكررة مثل تصريح إسرائيل كاتس، في 19 مارس الماصي، حين هدد سكان غزة بدمار شامل.

وأضاف : الأهم من التصريحات هو تنفيذها، ولدينا آلاف الفيديوهات لجنود يوثّقون جرائمهم بفخر، ما يعكس الوعي الكامل بنوايا القيادة، لافتا إلى أن محكمة العدل الدولية أصدرت ثلاثة قرارات تفيد بأن من المعقول أن تكون هناك إبادة جماعية.

وأكد سيجال أن هناك إجماعًا متزايدًا بين باحثي الهولوكوست وخبراء القانون، بمن فيهم أكاديميون إسرائيليون مثل عمر بارتوف وعاموس جولدبرج، وكذلك وليم شاباس، الذي يرى أن الحالة تمثل إبادة واضحة.

وأشار إلى أن استمرار تراكم الأدلة سيجبر القضاة في نهاية المطاف على الاعتراف بذلك، ما سيحدث هزة كبرى في بنية القانون الدولي لافتا إلى أن إسرائيل تأسست على فكرة "فرادة" الهولوكوست، ما منحها حصانة قانونية دولية، واستخدام مصطلح "إبادة" اليوم يهدد تلك الحصانة.

وشدد سيجال على أن أحداث غزة تمثل منطق إسرائيل الكبرى والمشروع الاستعماري، موضخا أنه بعد خطة ترامب، أيد 70 بالمئة من الإسرائيليين – ومعظمهم يهود – التطهير العرقي، وهذا يشمل الضفة أيضًا واعتبر أن ما يحدث ليس انتقامًا فقط، بل نتيجة إيديولوجيا استعمارية، وأن إسرائيل ليست استثناء، بل تكرر أنماطًا استعمارية سابقة.

وأوضح سيجال أن المجتمع الإسرائيلي بدأ ينهار: اضطرابات ما بعد الصدمة، وعنف متزايد، وتفكك أسري، ونزوح أطباء، وانهيار النظام الصحي، مع تقديرات بهجرة 100 ألف يهودي إسرائيلي لا ينوون العودة، مؤكدا أنه لا يمكن لدولة أن تبقى إذا كان بقاؤها قائمًا على العنف المستمر".

وشدد على أن المسؤولية لا تقع على واشنطن وحدها، بل تشمل أيضًا دولًا أوروبية بارزة منها ألمانيا، على سبيل المثال التي تُعد شريكًا في الجريمة، مؤكدا أنه بحسب القانون الدولي، كل من يزود دولة ترتكب إبادة جماعية بالسلاح، هو طرف مشارك في ارتكاب الجريمة.

 

وقف المجزرة

 

واعترف إيتامار شوارتس رقيب بجيش الاحتلال خدم شهرا ونصف الشهر فقط في غزة، كسائق دبابة، بأنه لا يستطيع أن يحصي عدد الحوادث التي كاد فيها أن يُقتل في غزة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من الاجتياح البري ، ولا ينسى الصاروخ المضاد للدبابات الذي أصاب دبابته، وقتل قائد فصيله، وأصاب جنديا آخر بجروح خطيرة، مشيرا إلى أن هذه الحوادث حعلته يصاب بحالة من الهلوسة.

وقال "شوارتس":  "تم تشخيص إصابته باضطراب ما بعد الصدمة، ما دفعه لمطالبة الجمهور وصناع القرار بضرورة وقف المجزرة في غزة، وعودة المختطفين لعائلاتهم، وبناء مستقبل مشترك مع الفلسطينيين، لأنه الطريق الوحيد للاستقرار" .

وأضاف : عند دخولي غزة لأول مرة، في 27 أكتوبر 2023، كل ما أردتُه إعادة المختطفين، كانت لديّ ثقةٌ كبيرةٌ بالعملية البرية، كنتُ في القاعدة العسكرية بالجولان، وأتذكر كيف كان شعوري حين دخلت غزة في اليوم التالي، وأن أيامي فيها قد تكون معدودة .

وتابع  "شوارتس": جميع زملائي في جيش الاحتلال مرّوا بتجارب الاقتراب من الموت، وعلمنا أن هناك فرصة أن يكلفنا ذلك حياتنا، وعندما غادرت لتلقي إعادة التأهيل العقلي في يناير 2024، كنت لا أزال أعتقد أن الحرب عادلة، وأن الدولة ستحاول فعل كل شيء لإعادة المختطفين، وإنهاء هذه الحرب المروّعة، واستعادة غلاف غزة، لكن في مارس بدأت أشعر بالسوء، لقد استوعبت قليلا ما مررت به، وبدأت أرى ما كان يحدث في غزة  .

 

غسلوا أدمغتنا

 

وقال: "إن ما حصل في هجوم السابع من أكتوبر غسل أدمغتنا، ودفعنا للاعتقاد بأننا متفوقون أخلاقياً على الآخرين، وبإمكاننا أن نفعل ما يحلو لنا، حتى إن أحد الجنود دأب على الحديث دائما بطريقة مازحة عن مذبحة أكياس الدقيق في غزة، ويُحصي عدد المسلحين الذين قتلهم، ويحكي آخر عن قائد السرية الذي أطلق النار على رأس أحد المعتقلين لأنه بصق عليه، وثالث يحكي عن شاحنة مليئة بالأسرى صعد عليها فقط من أجل ضرب أحدهم، وتتراكم القصص وتتراكم".

وأشار  "شوارتس" إلى أنهم تعلموا طوال حياتهم أن الفلسطينيين والعرب والمسلمين لا يريدون السلام، وأنه يتم تربيتهم منذ الطفولة على قتل اليهود، وأن هدفهم قتلنا، ولذلك كنا نغني "لتحترق قريتهم" خلال رحلاتنا السنوية، أو "هذا هو الانتقام… فليمح اسمهم من فلسطين"، لم يوقفنا أحد، بل علمونا أن العرب إرهابيون في الماضي والمستقبل، ويجب قتلهم، ما يؤكد أن دولة الاحتلال تمارس التطهير العرقي في غزة، وحتى نتوقف، ونطلب المغفرة من الشعب الفلسطيني، ونساعده على التعافي، فإن أيام الدولة تقترب من نهايتها .

وأكد أنه منذ فترة طويلة كان يمكن أن تنتهي هذه المذبحة المتواصلة في غزة، وأن يعود المختطفون، لافتا إلى أن الزعم بأننا بحاجة لمواصلة القتال لم يعد حجة مشروعة، وإذا كان ممكنا أن نقول شيئاً حتى وقف إطلاق النار الأخير في غزة، فقد انتهى الأمر الآن، لأن الفلسطينيين لن يذهبوا لأي مكان .