بسبب الجوع وغياب الرعاية الصحية..التقزم  وفقر الدم والإنيميا ثلاثي يهاجم المصريين في زمن العصابة 

- ‎فيتقارير

 

مع الارتفاع المتواصل في الأسعار وتراجع الدخول، وحالة التدهور الاقتصادي التي تعاني منها البلاد في زمن العصابة لا يستطيع المصريون الحصول على حاجتهم من الغذاء، وهو ما تسبب في إصابتهم بالكثير من الأمراض، خاصة فقر الدم والتقزم والانيميا . 

في هذا السياق كشفت أرقام حكومية عن معاناة نحو ثلث المصريين من مرض "فقر الدم"، ما أرجعه متحدثون إلى نقص بعض أنواع الغذاء، وسوء نوعيته، وتراجع دور دولة العسكر في مجال الصحة، وتسليم القطاع الصحي والدوائي للقطاع الخاص والمستثمرين الأجانب، وتراجع الاهتمام بالتغذية الصحية لتلاميذ المدارس. 

 

كان "مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار"، بمجلس وزراء الانقلاب قد كشف أن 40 بالمئة من المصريين يعانون من "فقر الدم"، مؤكدا أن ذلك يسبب انخفاضا في الطاقة الإنتاجية للفرد، ويمثل عبئا اقتصاديا على دولة العسكر. 

هذه الإحصائية، كشفت عن الأزمة الاقتصادية التي يعانيها المصريون، حيث أكد مراقبون أن "فقر الدم" يرجع لسوء التغذية الذي يعود لعجز المصريين عن توفير الطعام الصحي، مع تراجع دخولهم وأزمات البطالة، وغلاء الأسعار، وضعف القوة الشرائية للجنيه، التي تمثل سياسات حكومة الانقلاب سببا رئيسيا فيها . 

من جانبهم حمل الخبراء حكومة الانقلاب مسؤولية تقليل مخصصات الصحة في الموازنة العامة ، ومنع الوجبات المدرسية، وانتشار الأطعمة غير الصحية، وغياب الرقابة على التصنيع الغذائي، وانتشار مصانع (بئر السلم)، وإغراق الأسواق بأكياس المقرمشات والإندومي، وارتفاع أسعار الغذاء الصحي كاللحوم والألبان والدواجن والبيض والأسماك والخضروات والفواكه. 

وأرجع الخبراء انتشار فقر الدم  وغيره من الأمراض إلى ما يسمى بسياسة الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها دولة العسكر، وفقا لشروط صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بخفض الدعم على السلع كافة، ما تسبب في تغيير نمط استهلاك المواطنين والاستغناء عن منتجات غذائية أساسية؛ مع عجز كثيرين عن مواكبة ارتفاع أسعارها وأسعار الدواء. 

 

موازنة الصحة 

 

من جانبه، قال الدكتور محمود فؤاد مدير مركز الحق في الدواء: "إن المعهد القومي للتغذية بالقاهرة أجرى مؤخرا، دراسة كشفت عن زيادة نسب فقر الدم في البلاد، ولكن الإحصائية المعلنة بنسبة 40 بالمئة، يرى أطباء أطفال وتغذية أن النسبة الفعلية أعلى من ذلك بكثير".  

وأضاف فؤاد في تصريحات صحفية : للأسف الشديد، ورغم إقرار (دستور 2014) ونصه على أن موازنة وزارة الصحة لا تقل عن 3 بالمئة من الموازنة العامة لدولة العسكر، وتزيد سنويا، إلا أن هذا لا يحدث على أرض الواقع.  

وتساءل: لماذا هذا الموضوع مهم وخطير؟ موضحا أنه لكي يكون هناك تنمية حقيقية يجب أن تعمل على محورين: الصحة والتعليم، لأن في كل دول العالم للأطفال مخصصات ومميزات في سن التعليم للحفاظ على صحتهم. 

وأكد فؤاد أنه رغم أنه لدينا تأمين صحي للأطفال، لكنهم في الخارج يعتمدون على فكرة التوعية والعناية والوقاية من الأساس، وعلى فكرة التثقيف حول الأكلات الضارة؛ وفي المقابل وبنظرة على الإعلانات التجارية بوسائل الإعلام المصرية تجدها لمنتجات ضارة صحيا. 

وأشار إلى وجبات مثل: الإندومي والمقرمشات، وتلك المصنعة بالسمن النباتي سيئ السمعة الذي يأتي من نخيل شرق آسيا، ويمثل أزمة كبيرة، ورغم أنه في أوروبا تكتب تحذيرات على تلك المنتجات بأنها قد تؤدي لأمراض خطيرة، حاولنا في مصر وضع مثل تلك التحذيرات، لكن نفوذ إمبراطوريات تلك المنتجات أقوى. 

 

الإعلانات التجارية 

 

ولفت فؤاد إلى خطر استهداف الطفل بالإعلانات التجارية عن تلك المنتجات؛ لأنها حسب المعلومات الطبية وخبراء التغذية، تسبب مشاكل كثيرة، وبينها ما يتحدث عنه التقرير الرسمي حول أن 40 بالمئة من المصريين يعانون فقر الدم.  

وقال: "مؤخرا، لاحظنا زيادة نسب مرضى التقزم من الأطفال، حتى تم إطلاق مبادرة لمكافحة التقزم والسمنة، وهي الأخرى نتيجة لفقر الدم؛ لأن الأطفال والشعب يأكلون طعاما غير صحي وغير مطابق للمواصفات وساندويتشات رخيصة الثمن مشبعة بمواد ودهون تسبب أمراضا كثيرة". 

وكشف فؤاد أن القصة تسير عبر محورين: التعليم والصحة، ومنذ فترة كان هناك مشروع حكومي بعمل تغذية في المدارس بنوع معين من الطعام يقي ويقلل نسب الأورام؛ لكن تم وأد المشروع بسبب الإمبراطوريات الكبيرة. 

وشدد على أن الحل يتمثل في أن يتناول الطفل في مراحل سنية معينة طعاما محددا لتقويته مثل الألبان، مع عمل تحاليل بصفة شخصية لكشف الأمراض المعدية والمتوطنة والوراثية، لنضمن شبابا قويّا يتجاوز المرحلة التعليمية، ثم ينزل لمجال العمل ويشارك ببناء المجتمع، ويرتفع الناتج القومي. 

وختم فؤاد بالقول: "لكن لا توجد ميزانية دستورية 3 بالمئة لوزارة صحة الانقلاب، ومن ثم لا يوجد برامج علاج لهؤلاء الأطفال، فقط مبادرات تم عملها وكشفت عن أرقام مرعبة ومفزعة، مثل التقزم الذي وصل حوالي 6 بالمئة، والسمنة التي بلغت 40 بالمئة للبالغين". 

 

الجوع والفقر 

 

وحول أسباب تردي الوضع الصحي للمصريين، وحجم خسارة مصر من معاناة 40 بالمئة من شعبها من فقر الدم، قال: "السياسي والطبيب الدكتور حمزة زوبع، تصريحات حكومة الانقلاب حول مرض فقر الدم له دلالاته عن توغل الأنيميا في البلاد". 

وأضاف زوبع في تصريحات صحفية : في السابق، كان يتم عمل تحليل أنيميا لتلاميذ وطلاب المدارس، وكان سبب فقر الدم وجود الديدان مثل الإسكارس والبلهارسيا؛ لكن الآن السبب الرئيسي لفقر الدم هو الجوع والفقر، وانتهت آثار البلهارسيا والإسكارس، والآن يوجد جوع وفقر وحكم عسكر جعل الشعب بين جائع وفقير. 

وأكد أن الشخص المصاب بفقر الدم يكون لديه هزال وضعف عام ووجهه شاحب ويسقط أرضا مع أي مجهود، وهذا مريض يحتاج لتغذية من نوع خاص وأطعمة صحية غنية بالحديد، ومنها كبد الحيوانات وكل العناصر التي تؤدي لزيادة نسبة الهيموجلوبين بالدم. 

وشدد زوبع على أن حكومة الانقلاب جوعت المصريين، وأن ديدان الإسكارس والإنكلستوما والبلهارسيا كانت أرحم منها بالشعب المصري، والآن تحدث رئيس الوزراء ووزير الصحة بحكومة الانقلاب عن تأثير تلك الأزمة في الاقتصاد والإنتاج، ونسوا أن أصل الاقتصاد بكل بلد هو الإنسان، الذي لا يجب النظر إليه على أنه مجموعة من العبيد يعملون للدولة، وإذا مرضوا تضعهم في المحرقة. 

وأشار إلى واقعة شكوى مواطن مريض كلى بمحافظة المنيا إلى وزير صحة الانقلاب من المعاملة السيئة من الطواقم الطبية، ورد الوزير بأنه قبل أن تشكو، اشكر حكومة الانقلاب على المبنى الجديد، مؤكدا أن المواطن يدفع سنويا 2.2 تريليون جنيه ضرائب وضريبة قيمة مضافة وجمارك، بينما ميزانية وزارة صحة الانقلاب 320 مليار جنيه، وميزانية التعليم 295 مليار جنيه. 

وتساءل زوبع : "أين باقي موارد الدولة؟"، معربا عن أسفه لأن هؤلاء يتخيلون أن الشعب عبيد وأنهم سادة، رغم أنهم يعملون عند الشعب، ولكن من أمن العقوبة أساء الأدب. 

 

نوعية الطعام 

 

وأكدت طبيبة الأطفال أمل السيد، أن مرض فقر الدم له عواقب طبية كثيرة، ويعني أن عدد خلايا كرات الدم الحمراء أقل من نسبها الطبيعية، وهي لدى الرجال (4.35 إلى 5.65 مليون خلية لكل ميكرو لتر واحد من الدم)،  و(3.92 حتى 5.13 مليون خلية) لدى النساء. 

وأشارت أمل السيد في تصريحات صحفية إلى أن لفقر الدم، أسبابا كثيرة، بعضها مرتبط ببعض الأمراض مثل أمراض السرطان والدم، والنخاع العظمي والفشل الكلوي؛ لكن نوعية الطعام وجودته بشكل عام، هي العامل الأهم، الذي يمكن تلافيه بتصحيح النظام الغذائي للفرد. 

ولفتت إلى ضرورة تناول الطفل أطعمة غنية بالحديد والمعادن والألياف والفيتامينات، ومنها إلى جانب العسل الأسود وكبد الحيوانات والطيور، الخضروات الطازجة مثل: البقدونس، والسبانخ، والكرفس، والجرجير، واللفت، والطماطم، والقرنبيط، والبنجر، ومن المشروبات الحلبة، ومن الفواكه: الرمان والتفاح والموز .